17 سبتمبر 2025

تسجيل

جفاف الروح!

15 نوفمبر 2018

• نعيش زمنا سريعا في حركته ورتمه، سريعا في تغيراته ووجوه ناسه! سريعا في قراراته وتقلبات فصوله! سريعا في تغير وتبدل مشاعر ناسه وتغير ملامحهم وردات أفعالهم. بين تلك ..تمر بِنَا ظروف ومواقف تشعرنا بأننا من كوكب مختلف وزمن آخر ! مواقف تجعلنا نتأمل ونفكر في نفسيات البشر .. ليس أي بشر .. ليس أولئك الذين يمضون ويعبرون حياتنا كعابري سبيل ، أو أولئك الذين تصادفهم في رحلة سفر طويلة على متن طائرة أو سفر عبر محطات قطار، وليس أولئك الذين نلتقيهم في صالة انتظار ..أو دروب نعبرها.. • من نعنيهم من بشر؛ أولئك الذين وصلوا لحيز المشاعر ومدار الفكر، وكنت معهم قربا ..فكرا وروحا ومكانا وقرارا .. كنت معهم صادقا بلا قناع وبلا زيف وبلا نفاق وبلا خوف وتردد.. كنت بوجودهم كأنك برفقة روحك ..هكذا تظن أو كنت تظن..! • تأتي اللحظة وتلتزم الصمت..وتنزوي ونبتعد بعيدا..بعد أن أدركت أنك كنت تراهم بمنظار يختلف عن منظارهم! وبعين قاصرة عن رؤية كاملة ، كنت تظن أنك بالقرب منهم كما تعتقد.. بالقرب منك..لتدرك أن مسافة الاقتراب وجفوة الابتعاد.. وكثرة الأعذار، والتزام الصمت وعدم الإدراك والإحساس.. وعدم القدرة على الرؤية والفهم للموقف تحكمها المصالح دون إدراك قيمة المشاعر! • تدرك حجم الجفاف الروحي بأعماقهم ذلك الذي يصل لقسوة قلب وقسوة كلمة وقسوة إنصات وقسوة فهم وإدراك!! تكتشف أن لغتك مختلفة وفهمهم مختلف! تدرك أنك كنت تظن أنك تسير بطريق يجمعك بهم لتكتشف أنهم اختاروا طريقا مختلفا ومسارا مغايرا ! كنت تظن أنك لهم شيء لتكتشف أنك لم تكن لهم إلا محطة وارتحلوا عنها! • في هذا الزمن نادر أن تجد من يشبهك.. نادر أن تجد من يزعجك أو يحزنك ولكن لا يسعى بنية جرحك أو إيلامك ! نادر أن تجد من يفهمك في صمتك ويستوعب صعوبة قولك وتعبيرك..ويقرأ ما بين سطور حروف لم تكتب ومشاعر لم تصرح..! • أصبحنا نعيش زمنا نادر أن تجد فيه من يشعر بغيره ويفتقد حضوره وزمن غيابه! الندرة لا تعني عدم وجودهم؛ ولكن تعني ندرة أرواح صادقة.. وأرواح وفية من البشر، هم كنز وقيمة راقية جدا لمن وجدهم وعرفهم..ووصل إليهم وفهمهم.. • آخر جرة قلم: نستغرب كيف لبشر نفخ فيهم الروح من روح الخالق سبحانه وتعالى أن يجعلوا للطين قيمة وحضورا أكبر في حياتهم وتحركهم وتعاملهم وقسوة مشاعرهم وحروفهم.. أن يجعلوا للطين حضورا لشخصياتهم بدلا من قيمة وسمو الروح والمشاعر !؟؟. نحتاج وجود الطين في حياتنا وتركيبة تكويننا وخلقتنا .. ليحفظ الروح واستقرارها، ويحفظها من أن تخدش أو تجرح أو تتألم من سرعة تغيرات أمزجة البشر .. ولكن لا نجعل هذه الروح منزوية ومنسية في حضور طين وجد فينا أديما .. ليعلمنا قيمة التواضع وإننا منه خلقنا..ومعنى أن تكون روح إنسان بقلب وفكر ومشاعر تدرك الأحداث وتستوعب الأرواح وتشعر بهم.. بنبض روح..