19 سبتمبر 2025

تسجيل

مواطن مؤجل يعني مقيما غير مستقر

15 نوفمبر 2018

بين الحين والآخر تطرح قضية المواطن والمقيم من خلال وسائل التواصل الاجتماعي، ويحدث نوع من الانقسام الحاد بين وجهات النظر تصل أحياناً إلى اتهام البعض بالعنصرية أو اتهام المقيم بالانتهازية، ويستعان بالتاريخ وبالإسقاطات السابقة لحوادث جرت هنا أو هناك تثبت الولاء أو عدم الولاء، ويصبح الأمر مشاعاً ومبتذلاً، له بداية وليس له نهاية. في اعتقادي العلاقة بين المواطن والمقيم في قطر علاقة تاريخية قديمة، فقطر منذ الأزل كانت مقاماً للكثير من الإخوة العرب من المشرق أولا ثم أصبحت من المشرق والمغرب لاحقاً، والقطري بطبيعته ليس عنصرياً فما الذي إذن حدث ليبدو الأمر وكأنه ظاهرة تشغل بال الطرفين المواطن والمقيم؟ في اعتقادي هناك عاملان يبدوان على قدر من الوضوح لتفسير ذلك. العامل الأول: شعور المواطن بالتأجيل، حيث يشعر القطري بأنه مواطن مؤجل لكثرة الوعود وانتظاره للوفاء الذي طال. ثانياً: هناك شعور عام لدى المواطنين بأولوية المقيم في فكر الدولة تركز بشكل خاص خلال هذه الأزمة المستمرة. هذان العاملان هما سبب التوتر في العلاقة لدى المواطن والمقيم والذي ينعكس صداه خلال وسائل التواصل الاجتماعي. شعور المواطن أنه غير «مُفَعَّل» بالشكل الكافي جعل منه نزقاً تجاه الآخر، ليتهم بالعنصرية من قبل المقيم وهو غير ذلك. في اعتقادي أن على الدولة دورا كبيرا في ضبط العلاقة بين المواطن والمقيم خاصة في ظل هذا التواجد الفخم لكل هذه المؤسسات التعليمية والإعلامية والبحثية التي يستوطنها عدد كبير من الإخوة المقيمين الأكفاء، كلما جرى تأجيل المواطن كلما كان أكثر حساسية تجاه المقيم، كلما انعكس ذلك سلباً على استقرار المقيم، ماذا أعني بالمواطن المؤجل؟. المواطن المؤجل هو المواطن الذي ترعاه الدولة من مولده حتى وفاته لكنه يفتقد الرؤية الواضحة للمستقبل، حيث إنه ضمن واجبات الدولة ولا يشعر بكيانه الذاتي حق الشعور، هو مكتمل البناء المادي، مؤجل الاكتمال المعنوي بينما لا ينطبق ذلك على المقيم القادم للعمل ضمن شروط تقاعد تستفيد الدولة من اكتماله المعنوي وتضمن له كذلك اكتماله المادي أو بعضه. في السابق كانت علاقة المواطن بالمقيم أكثر سهولة وأقل تعقيداً نظراً، لأن طموحات الدولة في السابق أقل بكثير من طموحاتها اليوم، لذلك من الأهمية بمكان وضع معادلة المواطن والمقيم في صيغتها السليمة بحيث يبدو تفعيل المواطن هو استقرار للمقيم ونحن بحاجة إلى إخوتنا المقيمين، كذلك نحن في حاجة إلى مواطن يمتلك صحة نفسية جيدة، المواطن المؤجل مصدر إزعاج لأن التأجيل انتظار والانتظار نار كما يقولون، كلنا نتعرض أحياناً كثيرة لضغوط الانتظار ونتصرف بعصبية المنتظر الذي طال انتظاره. أرجو أن تحظى معادلة المواطن والمقيم بالاهتمام الكافي والفعلي بحيث يصبح المواطن فاعلاً بشكل يشعر معه بكينونته، وحتى يستقر المقيم بشكل يشعر معه بإنسانيته. [email protected]