29 أكتوبر 2025

تسجيل

خطاب اليقظة والتكليف والصراحة

15 نوفمبر 2017

بناء المجتمع المنتج والاكتفاء الذاتي مهمتان للتنفيذ لا تحتملان التأجيلدول حول العالم ليست لها معابر برية وحققت ازدهارها بمعابر جوية وبحريةشعب قطر والمقيمون يستحقون التقدير لوقوفهم في وجه الحصار بعزة وكبرياء وسمو في الأخلاق شكل خطاب حضرة صاحب السمو الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير البلاد المفدى، في افتتاح دور الانعقاد السادس والأربعين لمجلس الشورى ركيزة أساسية في رؤية قطر لما بعد الحصار.جاء الخطاب ليؤكد عدة مضامين حاملا رسائل مهمة للداخل والخارج. الرسالة الأولى: إنه خطاب البراءة من نفاق دول الحصار التي " لم تترك شيئا إلا ومسّت به: الأعراف والقيم وصلات الرحم والأملاك والمصالح الخاصة وأثارت استهجان ونفور الرأي العام الخليجي والعربي والعالمي ".إن هذه الدول أهدرت كل القيم والأعراف المعمول بها، ليس بين الدول الشقيقة أو الصديقة فحسب، بل حتى بين الأعداء. وكان واضحا من طبيعة الخطوات التي اتخذت والسلوك والخطاب التي رافقتها، أن هدفها ليس التوصل إلى حل أو تسوية. الرسالة الثانية: كل المعطيات تؤكد أن دول الحصار بددت ثقلها الإقليمي الذي احترمته دولة قطر في السابق، لكن ممارساتها اليوم تثبت أنها بالونات مفرغة فلا إستراتيجية لديها ولا رؤية، اللهم إلا المكايدة السياسية .إن الدول الأربع التي فرضت الحصار على قطر تورطت فيه، ليست لديها استراتيجية ولم تلتقط الخيوط التي مدت إليها لتخرج من ورطتها وأصبحت أسيرة خطابها الإعلامي. الرسالة الثالثة: الاستعداد القطري المعلن للتسويات، فقطر التي استوعبت صدمة الحصار لا تريد استمرار أزمة إقليمية لا غالب فيها ولا مغلوب، وسوف يلحق استمرار الأزمة الضرر بسمعة مجلس التعاون الخليجي ومصالح دوله جميعاً.لقد شكل خطاب صاحب السمو لغة الصراحة والوضوح، فقطر لا تعرف تسويات سرية أو تحت الموائد وأعلنها سمو الأمير صريحة " الاستعداد للتسويات في اطار الحوار القائم على الاحترام المتبادل للسيادة والالتزامات المشتركة، لكن كل الدلائل تفيد بان دول الحصار لا تعرف كيفية الحل، ويبدو انها تورطت في الحصار وتسرعت في اتخاذ خطوات في بلدان أخرى أيضا، من دون استراتيجية للخروج .وفي هذا الاطار كان حرص دولة قطر على التجاوب مع الوساطة الكويتية وأعلنت تقديرها لصاحب السمو الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح أمير دولة الكويت الشقيقة على ما بذله من جهد وعلى إرادته الصلبة وحكمته وحرصه على مستقبل مجلس التعاون . الرسالة الرابعة: إن دولة قطر بألف خير من دون دول الحصار. ورب ضارة نافعة، فالشعب القطري يعرف كيف يعيش حياته ويزدهر ويتطور سواء اطال الحصار أم قصر. واستحق هذا الشعب تحية سمو الأمير في الخطاب السامي حيث قال سموه: " أجدد التقدير لشعبنا الأصيل القطري والمقيمين في الدولة على وقوفهم في وجه الحصار بعزة وكبرياء وسمو في الأخلاق ".إن دولة قطر استفادت من هذه المحنة وتحولت إلى منحة، بعد أن أخرجت أفضل ما في هذا الشعب من الكفاءات في كافة المجالات وخلقت لدى شعب قطر روح التحدي وأسهمت في بلورة هويته الوطنية وعززت تلاحم الشعب والقيادة "تميم المجد" الذي أصبح رمزا للعزة والمبشر بالخير.إن حكومة دولة قطر تلقت تكليفات سمو الأمير، كمهمات للتنفيذ لا تحتمل التأجيل، وأولى هذه المهام تحقيق الاكتفاء الذاتي في الغذاء والدواء والأمن الوطني وإقامة علاقات ثنائية متوازنة، قائمة على المصالح المشتركة .لقد جاءت توجيهات سمو الأمير واضحة: علينا أن نواصل داخليا العمل والإنتاج بهمة اكبر في ظل المعطيات الجديدة، ولننظر الى خريطة الأمم لنجد كم من دولة مزدهرة بمعابر بحرية وجوية ومن دون معابر برية، فغلق دولة لحدودها لن يكون سلاحا في يدها بل سيكون عبئاً عليها، فقطر أثبتت أنها بألف خير بعد غلق الحدود وفرض الحصار الجائر. الرسالة الخامسة: اليقظة... فدول الحصار لن تكتفي بالمقاطعة ونحن لا نخشى مقاطعة هذه الدول لنا، ولكن اليقظة مطلوبة. فمزاعمها أنها تكتفي بالمقاطعة ليست صحيحة، إذ أنها تواصل تدخلها في شؤون بلادنا الداخلية، وبث شائعات للإضرار بالاقتصاد ومحاولة سحب تنظيم كأس العالم 2022 واتخاذ خطوات عقابية جماعية ضد الشعب القطري حسدا من عند انفسهم، وسيستمر تحريض دول الحصار على دولة قطر في كل مكان، وهي تستنزف بذلك طاقاتها وتهدر أموال شعوبها، مع أن هذه الجهود تضر بها هي ذاتها. فلن يكون في هذا الخلاف غالب ومغلوب، وسوف يلحق استمراره الضررَ بسمعة دول مجلس التعاون. إن على شعب قطر التصرف على ان دول الحصار لن تكف عن التربص به، فهي لا تهدف التوصل الى تسوية او حل ولا بد ان نواصل بخطى واثقة مسيرتنا نحو تحقيق غاياتنا الوطنية وان نتسامى فوق المهاترات والاسفاف، ونتمسك بسياسة ضبط النفس والاعتدال في الرد، فذلك نهج الدول المتحضرة التي تبنى مؤسساتها على نحو سليم وهي اللغة التي تكسبنا احترام الدول. الرسالة السادسة: علينا أن ننظر بتأنٍ في الجبهات التي تفتحها دول الحصار ضد دولة قطر وشعبها، فقد كانت خطتهم إحداث صدمة لدفع قطر الى قبول الوصاية، والآن انتقلوا الى خطة ثانية للإضرار بالاقتصاد القطري، ومصادرتهم أملاك القطريين لم يكن نهجا انتقاميا فقط، لكنه قرصنة ونهج قطاع الطرق فلا يألون على شيء إلا واستولوا عليه، وتبين لنا كيف سعوا الى الاضرار بالاقتصاد القطري على أكثر من صعيد، فهم يريدون اشغالنا بتعدد الجبهات التي يظنون بانها تلحق الضرر بالاقتصاد القطري ويلجأون الى الدعاية والحرب النفسية ومحاولة المس بالجبهة الداخلية والضغط على الشعب بمصادرة أملاكه، لكن الشعب القطري كان واعيا وخاب ظنهم بعد أن اخطأوا عدم تقدير إرادة هذا الشعب والدولة وكذلك في حساباتهم بشأن الاقتصاد القطري الذي يتجلى للعالم اليوم كيف استوعب وبسرعة فائقة معظم الآثار الاقتصادية السلبية للحصار المفاجئ وكيف يكيّف نفسه ويطور أدواته من خلال إدارة الازمة. الرسالة السابعة: وهي رسالة للخارج الذي تبين له ان حصار قطر ليست له علاقة بموضوع الارهاب . فسجل دولة قطر في مكافحة الارهاب معروف وموثق، وهناك دليل ساطع على ذلك يكمن في علاقات دولة قطر مع الدول الكبرى التي أصبحت أفضل مما كانت قبل الحصار على عكس ما خططوا له، وتبين للعالم كيف لهثت دول الحصار وراء دول هامشية تضغط عليها بحقائب الأموال وتأشيرات الحج والعمرة ،لتحول دون استمرار علاقاتها مع دولة قطر، بينما احترمت الدول الكبرى علاقاتها وقيمها وقوانينها، فرفضت الانسياق وراء حجج واهية روجتها دول الحصار، بل ورأينا كم الادانات الدولية للعمليات الارهابية التي شنها ارهابيون ينتمون الى دول الحصار، منهم قائد التنظيم ومفتيه ومنفذو الهجمات، ولم تتورط قطر في تمويل أو تنفيذ أو تبرير هجمات تعرضت لها دول العالم، وسعت قطر الى تحصين قوانينها على نحو أشادت به الدول والمنظمات ودعت دول الحصار للاقتداء بما أقدمت عليه دولة قطر. الرسالة الثامنة: التبشير بما تقوم به الحكومة حاليا بالاعداد لانتخابات مجلس الشورى بما في ذلك إعداد مشروعات الأدوات التشريعية اللازمة على نحو يضمن سير هذه الانتخابات بشكل مكتمل، بحيث تتجنب الدولة الحاجة إلى التعديل في كل فترة، إن تجربة المجالس النيابية في دول الخليج ذات خصوصية، فثمة نواقص وإشكاليات قانونية لا بد من التغلب عليها ابتداء، لكي تكون انتخابات مجلس الشورى منصفة، وقد بشر سمو الأمير بأن الدورة القادمة لمجلس الشورى خلال العام القادم، سوف تشهد ما تم انجازه في هذا الصدد ترسيخا لتجربة الشورى في أروع تجلياتها وعلى نحو يحقق لشعب قطر ما يستحقه وفق تجربة راسخة لا تشهد أي انتكاسات. الرسالة التاسعة: ترسيخ استقلال القضاء وتطوير أنظمة العدالة على نحو يحقق سرعة التقاضي فالعدالة البطيئة نوع من الظلم كما يقال، وقطر التي تفخر بمواطنيها وبالمقيمين على أرضها لن تدخر وسعا في تحقيق الرفاهية التي يستحقونها، وبما يعزز التلاحم بين الشعب ويسمح للكفاءات بان تنطلق نحو بناء مجتمعها وتواصل العمل والإنتاج بهمة أكبر وبما يحافظ على مكانة دولة قطر وسمعتها . الرسالة العاشرة: تأكيد حضرة صاحب السمو على المبادئ والقيم الثابتة في السياسة الخارجية المتوازنة مع مصالح قطر والشعوب العربية والواقعية السياسية.فإذا كانت دول الحصار أخرجت سمومها بالنيل من القيم والأعراف ولم تراع حقوق الجيرة بل وانتهجت طريق التأزيم الاقليمي على نحو أدى الى تدهور الاوضاع السياسية على المستوى الاقليمي، فإن دولة قطر حريصة على عدم التصعيد لتجنيب شعوب المنطقة مخاطر التوتر وبناء المحاور، فالدول ليست مناطق نفوذ أو ساحات لتصفية الحسابات، فلا بد أن نحل خلافاتنا بالحوار وهو ما دأبت دولة قطر على الالتزام به والمناداة بتحقيقه وهو ذات النهج الذي تدعو من خلاله دولة قطر لحل أزمات المنطقة.