13 سبتمبر 2025
تسجيلمن (من أكون) إلى (تضخيم الذات) تنشأ اختلافات القراءة النفسية والشخصية للإنسان، فالأول يبخس حقيقة نفسه، والآخر يراها فوق الحقيقي أو بما يسمى في بعض الدراسات التفوق المتوهم. ففي دراسات أجراها العالم النفساني في جامعة كورنيل الأمريكية الدكتور ديفيس دانينج: إن مبالغة الناس في تقييم ذواتهم وتصوير أنفسهم بأنهم أفضل الناس هي ظاهرة موجودة في كل المجتمعات، لدرجة أن علماء النفس يُفاجأون إذا حدث أن أظهرت إحدى دراساتهم قلة هذه الظاهرة، أو عدم اتساعها على نطاق واسع في كل البيئات الاجتماعية، ما جعل التفوق المتوهم بمثابة الأصل، وتبخيس الذات هو الاستثناء. إن المصابين ”بتضخيم الذات” في ازدياد بشكل كبير في مجتمعاتنا، وأرجع البعض السبب في التضخيم الذاتي إلى اعتراض البعض على النمط الاجتماعي والعادات أو القيم الأسرية أو البيئة المحيطة، وأحياناً قد تدعم الأسرة أو المجتمع هذا التفكير باستخدام بعض التصرفات الذهنية لدعم التضخيم في أفرادها وما يساندها من جمل ومقولات تضخيمية. ويلجأ المجتمع أو الأسرة إلى هذه الأفكار للحفاظ على المستوى العائلي والاجتماعي والطبقي فيلجأون إلى استخدام صور غير حقيقية لذواتهم أي غير مطابقة للواقع. وقفة تأمل: لو طلب منك تقييم نفسك من 1 إلى 10 ماذا ستقيمها؟ وما السبب؟.. هل الحجج التي تدعم تقييمك واقعية بعيدة عن التضخيم والتبخيس؟، نعلم جميعاً أن تبخيس النفس يخلق إنساناً انهزامياً لا يؤمن بما يملك تحت شعار (من أنا) ولا يتفاعل مع مجتمعه خجلاً وخوفاً من الآخرين، ولكن.. ما هو خطر التضخم على الفرد؟. هناك شباب يرفضون اقتناء سيارة تقل قيمتها عن الرقم الفلاني، وآخرون يرفضون الانتساب إلى العمل الفلاني لما فيه من عمل ميداني أو مظهر المبنى الخارجي أو الداخلي (غير لائق) "لمستواهم" الشخصي.. ويصل الأمر إلى رفض لبس ماركات معينة والتسابق على أخرى للدواعي المجتمعية.. والحرج من ركوب الدراجات السياحية، وإن كانت لمسافات قصيرة وما إلى ذلك من تصرفات لإثبات هذا التضخيم الذاتي. وهناك شباب أيضاً يتوقعون الحصول على مراكز رئاسية وهم لا يمتلكون الخبرة المهنية أو العلمية، وإن ناقشتهم قالوا نحن لا نقبل بأقل من وظيفة كذا.. بناء على ماذا؟، "على ما أخذه فلان وفلان وما وكل لآخر".. ففي الحقيقة هم يستندون ليس إلى خبرتهم أو علمهم بل لأفكار مبنية على جماعات أو أفراد باعوا لهم هذه الصورة الذهنية وهم اعتنقوها رافضين عدم حقيقتها أو حتى العمل الصحيح لتحقيقها. قد نكون جميعاً قرأنا أو سمعنا قصة القادياني، وكيف كان داعية للإسلام ومعترفاً به كما قيل من الأزهر والمسلمين.. إلى أن دعته جماعته إلى الكفر أو الخروج عن الإسلام فأوهموه بأنه المهدي المنتظر، ثم أخبره البعض بأنه أكثر من ذلك هو أيضاً المسيح وبايعه البعض وادعى النبوة.. فهو استسلم إلى تضخيم الذات لما يصاحبه من نشوة شيطانية في النفس بأن يكون ما يكون.. فترك حتى دينه وخسر نفسه وتبعاتها إتباعاً لهذا الفكر. قد يكون هذا المثل مبالغاً فيه، ولكن لنستطيع إدراك خطورة تضخيم الذات علينا النظر إلى أسوأ ما قد يوصلنا إليه. أستودعكم: أعط نفسك حقها.. فلا تبخسها ولا تضخمها.. فالأول انكسار والثاني انهزام. [email protected]