12 سبتمبر 2025
تسجيلكثيرا ما نسمع في مجتمعاتنا (فلان مشكلته)، و(فلان لو يسوي كذا كان كذا)، و(فلان فيه وفيه وفيه)، وغيرها من جمل النصح المرضي اتجاه البشر. قد يكون التشبيه المستخدم (النصح المرضي) سلبياً عند البعض، ولكن أود التشديد عليه، فلو سألت مستخدمي هذا النصح إن كانوا واجهوا هؤلاء الناس بما يشعرون لترى أن معظمهم فضل أن يأكل لحم أخيه ميتا على أن ينصحه، معللا ذلك بـ (ما يدخلني)!. ورغم إدراكهم التام أن دور التحكيم ليس في حدود صلاحياتهم، ولكنهم لايزالون من ممارسيه المجتهدين، فنلاحظ ظهور فئه من الناس تتبع بإتقان حياة الأشخاص وبالأخص هفواتهم ويحصون لها الأدلة والبراهين لبيان -بالأغلب- أنهم ليسوا أفضل منهم بحال من الأحوال، ويشكلون أتباعا مؤيدين لفكرهم ومنهجهم، فيكونون هم أوصياء الناس بالأرض، ويصبح همهم ضرب الناس (بالكلام) دون العلن، فهم من مستخدمي الجمل التي تبدأ بـ (سمعنا) و(قيل لنا).. ويبقون وراء ضحاياهم إلى الموت بمعناه الحرفي أو المجازي. وقفة تأمل: كنا في نقاش أنا وزميل لي مسيحي الديانة متخصص في مجال علم النفس، عن هذه الظاهرة ومدى انتشارها.. وهل تجاهل مؤديها هو الحل أم المواجهة ووضع الحد لها. وكان ما يزعجني هو محاولة إثبات المرتكب خطيئة الفاعل دون نظره إلى نفسه ومايفعل، فقد يكونون أسوأ وبشدة ممن يختلسون عليهم النظر، وهم بما يفعلون لا يرون مايسببونه وسببوه من أذى نفسي وعائلي ومهني ومجتمعي، فهناك حالات وصلت لمحاولة الانتحار لما تعرضوا له من هذا (البلاء) من الناس. فابتسم قائلا، يقول سيدنا عيسى حين أتاه قومه يودون أخذ القصاص من زانية: من كان منكم بلا خطيئة فليرمها أولا بحجر.. فلم يتقدم أحد!! إسقاط هذا المثل في مثل هذا هو دليل أن حتى الكبائر لها أحكام ولها أدلة جواز بناء الأحكام عليها، وهي لا تقع إلا ضمن مسؤولية البعض من أولي الشرع المختصين بهذا النوع من القضاء. للأخطاء أنواع؛ أخطاء تقع من البشر للبشر، وأخطاء تقع بين البشر والله.. ومحاكمة الدنيا عند أهل الحكمة والشرعية فقط بين الجاني والمجني عليه، وليست مباحه لكل الناس. حصولك على زلات الناس لا يزيد حسناتك، وفضحك للأسرار لن يزيد عفتك، ومعرفتك مواطن ضعفهم وجروحهم لن يزيد قوتك. إِلَّا الَّذِينَ تَابُوا مِن قَبْلِ أَن تَقْدِرُوا عَلَيْهِمْ ۖ فَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ (34) (المائدة) أستودعكم: من أصلح (نفسه) أصلح مجتمعه، فابدأ بنفسك وانتهِ بها إلا ما جاز من النصح ولا تسعوا فيها مفسدين. [email protected]