13 سبتمبر 2025
تسجيليسألني بعض المقربين لي أسئلة دائماً ما تتردد حولي بين الحين والآخر وهي: هل يمكن لهذه الأزمة الخليجية أن تستمر إلى الأبد ؟!.. وإلى متى ستظل قطر تحت هذا الحصار الجائر ؟!.. وهل من المفترض أن تظل الدوحة بتلك السلمية التي تبدو عليها في التوجه للمحافل الدولية الطويلة الأجل لنيل حقوقها ؟! . لن نقول بداية إننا نتمنى أن تطول هذه الأزمة التي أعتبرها أزمة مفتعلة على قطر ويعرف العالم هذا بل إن دول الحصار متأكدة أنها قد بغت على الدوحة فجورا منها ولأطماع شخصية سريعا ما انكشفت بعد فترة قليلة من بدء حصارها لكننا ومن مبدأ الثبات على المواقف القطرية الأصيلة التي لا حياد فيها ولا مزايدة لا نريد أن يكون ثمن إنهاء هذا الأزمة التفريط بهذه المبادئ فكلنا نتذكر جيداً المطالب التي تضمنت 13 بنداً تندر منها القطريون كثيرا بينما لا نزال نسأل أي عقول غبية فكرت بصياغة مثل هذه المطالب التي لا يقبلها عقل حر مخيّر أو حتى عقول مقيدة ومسيّرة لغرابة وتفاهة ما تضمنته من تعدٍّ صارخ على سيادة الأراضي القطرية ولذا بات حل وإحلال هذه الأزمة بيد دول الحصار وليس بيد قطر، ولا يبدو أن هذه الدول متعجلة على إنهاء هذه المشكلة ليس لثباتها على سبب فارغ من أي حق أصيل لها وإنما تحاول قدر الإمكان أن تحفظ ماء وجهها المنحل أمام شعوبها التي ذهبت فئات منها إلى ما حاولت حكوماتهم الكذب فيه حول قطر وللأسف إن بعض هذه الفئات تحاول جاهدة منذ بدء الحصار التأثير على باقي فئاتهم غير المقتنعة بالمسوغات التي اعتمدت عليها هذه الدول لافتعال هذه الأزمة في المنطقة . أما قضية إلى متى سيستمر الحصار فالعلم عند الله سبحانه وحده ولكن لا يبدو لي أن هذا الأمر سيطول وإن كانت إنجازات قطر بعد الحصار قد تعدت جودتها وعددها وقوتها في الفترة التي سبقته ولذا ومن باب لعلها خيرة، يجب ألا تظل أسئلتنا في هذه الحدود الضيقة، لأن إجاباتها مرتبطة بما يدور في السؤال الثالث وهو سر تحول قطر للمحافل الدولية لإنهاء قيود الحصار الذي تعدى على حقوق قطر المدنية والاقتصادية ذلك لأننا يجب أن نعرف بأن أي دولة قانون في العالم يجب أن ترتكز سياستها على القانون وحده، ولا يجب أن تفكر باستخدام عضلاتها التسلحية أو حتى التفكير بالعنف الذي لا يمكن أن يكون حلاً من الأساس، فالعالم بات متشبعا من الحروب الداخلية والخارجية والمشاكل الاقتصادية المروعة، وليست قطر التي تعتبر إحدى قائدات السلام في المنطقة أن تحمل سيفا تدعو لكسره في حل الأمور السياسية العويصة، وعليه ليس بمستغرب أبدا أن تلجأ الدوحة كعادتها الراقية إلى ساحات هذه المحافل لنيل حقوقها التي سلبتها منها جاراتها، وثقتها بأنها ستعود لها، ستعود مهما قصر الوقت أم طال، خصوصا وأننا شهدنا انتصارات قطرية عالية المستوى في نفس هذه الساحات الدولية وأقرت دول الحصار بصعوبة تفنيد هذه النجاحات التي ما كانت لو لم تلجأ قطر دوليا لتحقيقها فلا تستعجلوا بالمطالبة بالحقوق القطرية ما دام لدينا كل هذه الثقة بقدرات الدوحة وفرسانها باستحقاق ما لها ودفع كل ما يضر أرضها وشعبها وكل من يقيم فيها، رغم مرور ما يزيد عن السنة من الحصار كانت له تبعاته التي أثرت على الحياة في قطر وهذا أمر لا يجب تجاهله أو نكرانه لكن لا يجب أن نتغاضى أيضاً عن صلابة الأرض القطرية واقتصادها القوي، الذي لولا فضل الله وتوفيقه، لكان تأثير هذا الحصار أقوى وأكبر بمراحل عديدة . اليوم تقع بورصة قطر في مقدمة البورصات الخليجية والعربية، وفائض ميزانيتها يعلو العام تلو الآخر، والمؤشر الأخضر القطري يكتسح أغلب الشاشات الخليجية التي أرادت بنا سوءا، ولكن مشيئة الله كانت أغلب وأقوى من كل هؤلاء ولتثبت قطر أن سياستها التي تمشي بهدوء فيها كانت أكثر حكمة ومردودا من التهور والعبث اللذين تبدو عليهما سياسات دول الحصار، وتعودان عليها بالخسارة في كل مرة، ولن نقول إن قطر باتت أقوى بعد الحصار لأن هذه حقيقة واضحة، ولكن يمكننا أن نقول إن قطر تعلمت كيف تكون أقوى في أزمتها هذه التي يعاني أصحابها من مشاكل داخلية وخارجية، منها تورط السعودية في وحل الحرب اليمنية التي أغرقتها خسارة في الأموال والأرواح وحاليا تأتي قضية الإعلامي جمال خاشقجي لتزيد الأمر صعوبة على الرياض، بينما تعاني الإمارات من نبذ عالمي وفضائح دولية بخروجها عن المسارات الدولية النزيهة، سواء في اليمن أو الصومال أو ليبيا أو حتى في مالي وبعض الدول الإسلامية الأخرى، وحدث بلا حرج عما تعانيه كل من البحرين ومصر من تداعيات اقتصادية أثرت على شعبيهما ومسيرة نموهما وعليه تبقى قطر متميزة في خطواتها المدروسة مما يجعلنا جميعا فخورين بما نحققه ونفعله دائماً . فاصلة أخيرة: الحصار كان مجرد حروف أربعة فككتها قطر وأصبحنا ندين بالجميل لكل حرف فيه !