13 سبتمبر 2025
تسجيلرغم أننا في قطر تعوَّدنا على الحصار وهو تعوّد علينا، إلا أن كثيرين يتساءلون: متى سيُرفع الحصار؟ وماذا حققت الدول المُحاصِرة للشعب القطري من وراء ذاك الحصار؟ أسئلة تُثار في المجالس وفي وسائل الإعلام، وفي الندوات والمقالات! بل وفي دول الحصار ذاتها. الأحداث التي رافقت حصار الشعب القطري منذ أكثر من ثلاثة شهور أثبتت أن الحصار سوف يستمر!؟ إذ في مقابل دعوات المسؤولين القطريين المتكررة إلى الجلوس لطاولة الحوار، وآخرها دعوة سعادة الشيخ محمد بن عبدالرحمن آل ثاني وزير الخارجية، في مؤتمرة الصحفي مع نظيره الروسي (سيرجي لافروف)، جدد الوزير الدعوة للحوار، مشيراً إلى أن دولة قطر أبدت رغبتها أكثر من 12 مرة لحل أزمة حصار الشعب القطري عن طريق الحوار! وأن تكون هناك تسوية تحترم سيادات الدول والقانون الدولي. وأشار سعادته إلى أنه في مقابل التوجه القطري الودي لحل الأزمة عن طريق الحوار، وجد أن دول الحصار لم تتجاوب مع جهود الوساطة التي يقودها سمو الشيخ صباح الأحمد أمير دولة الكويت. وفي حقيقة الأمر، إن الجلوس إلى الطاولة لن يكون مجدياً في ظل تجاوز غير قانوني وغير أخلاقي ضد دولة قطر، وأن ذاك الجلوس ليس هدفاً بحد ذاته، ولكن الهدف هو رفع الحصار في المقام الأول، كما أشار سعادة الوزير. لم ينتج عن زيارة وزير الخارجية الروسي أي جديد، ولم يكن الرجل يحمل في جعبته أية بادرة وساطة أو مشروع حل للأزمة، بل إنه أكد أن بلاده لا تقوم بوساطة في الأزمة، وهي تدعم الوساطة الكويتية، وأنه مقتنع أن حل الأزمة يجب أن يكون في إطار مجلس التعاون. في هذا الوقت خَفتَ صوتُ الولايات المتحدة، واتَّجه اهتمامُها إلى كوريا الشمالية وصواريخها العابرة للقارات، لأن الرئيس الأمريكي (دونالد ترامب) قبض ثمن محاصرة دولة قطر وعاد إلى واشنطن بوعود لشعبه من الأموال العربية!؟ وفي المعادلات السياسية، فإن الأزمات تُحل عبر ثلاث وسائل: الوسيلة الأولى بالحوار، وهي الوسيلة الأنجع، والوسيلة الثانية عبر التدخل العسكري، ولها نتائج مُدمرة على كل الأطراف، والوسيلة الثالثة عبر المال! كما قال لي صديق عزيز، ويبدو أن بعض الدول النهمَة في الحصول على مكاسب وراء استمرار الأزمة الحالية، سوف تُدلي بدلوها في هذا الشأن. ويرى مراقبون أن دولاً أخرى بدأ تُبدي اهتماماً بأزمة حصار الشعب القطري، تعويلاً على ثمن ما، ذلك أنه في الأزمات والحروب يظهر "تجار" على أشكال شتى يستفيدون من استمرار الأزمات أو الحروب، ولا نستثني هنا بعض الإعلاميين، الذين يريدون تسجيل مواقف يكسبون من ورائها مكاسبَ بعد أن تزول الأزمة. نحن في دولة قطر تعايشنا مع الحصار، صحيح توتَّرْنا من حجم مساحة الكذب الذي مُورس ضدنا، وتعجّبنا من أسلوب إخراج الأزمة أو الحصار، وطريقة تنفيذه، وتأسفنا أن يقوم بذلك أشقاء لنا، تربطنا بهم روابط الدم والتاريخ والجغرافيا، ونجح المحاصِرون في توريط الشعوب في تلك الأزمة لأول مرة في تاريخ المنطقة، وغاب العقلاء عن المشهد، ليتسيّد بعض الكذابين والمنافقين الذين قلبوا الصورة للشعوب، وأوهَموهم بأن دولة قطر وراء كل الشقاء في هذا العالم. نحن لا نعيش في غابة، كي يأكُل كبيرُنا صغيرَنا، ويحاصِر قويّنُا ضعيفَنا، ونحن مع الأزمة أثبتنا للعالم أننا لسنا ضعفاء كما توهم الآخرون! نحن نعيش في عالم متحضر، له مرجعيات قانونية / دولية، وله نواميس تقوم على الاحترام المتبادل بين الحكومات وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول، خصوصاً وأننا أعضاء في مجلس التعاون، الذي عَقدت عليه شعوبُ المجلس آمالاً كباراً، ولا يجوز بأي حال من الأحوال، المطالبة أو السعي لتغيير أي نظام قائم ومستقر بالقوة أو بالدسائس والأكاذيب. ولقد أثبت الشعب القطري - بكل جلاء - وقوفه مع قيادته، ورَفَضَ أية محاولات لدق إسفين بينه وبين قيادته، وهذا ما سوف يؤدي إلى إصرار دول الحصار على استمرار الحصار – كما نعتقد – ويزيد من كسب قطر للأصوات الدولية المنادية برفع الحصار. ويحق لشعوب دول الحصار – التي يمنعها العسَفُ والقوة من التعبير عمّا ضامَها من الحصار وشتَّت أبناء العمومة والخؤولة والأنساب – أن تسأل: ماذا جَنت دولنا من حصار الشعب القطري؟ أنا موقن بأن هذا السؤال يتردَّد في المجالس وفي الصدور، ولا يجدون له جواباً؟! ثم إنَّ تَعايُشَ الشعب القطري مع الحصار لأربعة شهور، يجعله مؤهلاً لأن يتعايشَ معه أربع سنوات! وأن تتهيأ دولة قطر للمزيد من المشاريع والمنجزات والبدائل التي تساهم في تحرُّرها من قيد "الأشقاء" وقسوتهم، وتنطلق إلى مصافحة العالم المتحضر بيد الإنجازات لا أحادث الفضائيات والشعارات الإعلامية التي يحاولون عبرها حجبَ الحقيقة وتضليلَ شعوبهم. نحن نعتقد أنه ليس من الشيم والأخلاق عدم ردّ دول الحصار على رسائل سمو أمير دولة الكويت المتعلقة بالأزمة، وهذا يُثبت توجسنا من أن الحصار يُراد له أن يستمر، ولربما أوجدت دول الحصار مشاريع جديدة لتأكيد الحصار، وتحقيق الهدف الأول منه، وهو دق إسفين بين الشعب القطري وقيادته، والشواهد على الأرض ناقضت هذا الهدف المرسوم! فهل ستلجأ دول الحصار إلى الخيار العسكري، الذي استبعده كثيرٌ من المراقبين؟ وهل من الحكمة أن يتواجه بالسلاح أبناء العمومة في دول الحصار مع إخوانهم الذين كانوا قبل شهور في خندق الدفاع عن المملكة العربية السعودية في الحد الجنوبيش؟ لم تبق "أوراق" لدى دول الحصار بعد أن احترقت كلها، فالجبهة الداخلية في دولة قطر قوية، وحياة الإنسان في البلاد لم تتأثر البتة، والاقتصاد متين، والمشاريع لم تتوقف، والطلاب ما زالوا يذهبون إلى مدارسهم وهم يرفعون صورة (تميم المجد)، وعلاقات دولة قطر الدبلوماسية مع دول العالم تتوسع وتتوثق، ما يؤكد ثبات الموقف القطري وأحقيته!؟ فدول العالم المتحضر ترفض التدخل في شؤون الدول، وترفض العنف الرسمي، وترفض اقتلاع الدول من أرض التاريخ.