28 أكتوبر 2025

تسجيل

النمو الشامل للجميع

15 أكتوبر 2017

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); تتواصل حتى مطلع هذا الأسبوع الاجتماعات السنوية لصندوق النقد والبنك الدوليين، حيث يتم التداول في العديد من القضايا الاقتصادية العالمية المهمة، وفي مقدمتها النمو الشامل للجميع، والذي هو أحد أهداف الأمم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، ويعتزم الصندوق تنظيم مؤتمر اقتصادي كبير في المغرب مطلع العام المقبل يخصص لدراسة هذا الموضوع. وما يبعث على تسليط الضوء على هذا الموضوع ليس تبعات الأزمة الاقتصادية العالمية المتواصلة منذ عام 2008 فحسب، بل وما نجم عنها من حلول لم تستطع معالجة جذور الأزمة، حيث لاحظنا خلال السنوات الماضية بروز مظاهر تحذر من العديد من الظواهر الخطيرة مثل انفصال النمو عن توليد الوظائف، أو تسرب ثقل المديونية العالمية إلى الدول النامية، وتهاوي عدد من اقتصادات هذه الدول كما يحدث حاليا في فنزويلا، إلى جانب تزايد أعداد الشباب العاطلين عن العمل. دعم دور القطاع الخاص في الاقتصادوبات واضحاً من خلال تجارب الكثير من الدول بما في ذلك دولنا الخليجية والعربية، أن معدلات النمو الجيدة لا يمكن أن يُكتب لها البقاء ما لم تعد بالنفع على جميع الفئات، وتكون قادرة على توفير فرص عمل كافية للقوى العاملة المتنامية، ومصحوبة بسياسات تحمي الفئات الأكثر هشاشة في المجتمع. ويفوق معدل البطالة بين الشباب في البلدان العربية -والذي يصل إلى مستوى 25 في المائة- المعدلات في أي منطقة أخرى من العالم، بل إن معدل البطالة ذاته يصل إلى 30 في المائة في تونس و32 في المائة في المغرب. والمفارقة الكبرى أن التعليم لا يمثل حصانة ضد البطالة في المنطقة، ففي الواقع، تميل معدلات البطالة للازدياد كلما ازداد مستوى التعليم، وبما يتجاوز 15 في المائة بالنسبة إلى الحاصلين على التعليم الجامعي في كل من مصر والأردن وتونس. وفي كثير من بلدان المنطقة، تصل معدلات الفقر إلى مستويات مرتفعة وغير مقبولة، في حين تتراجع مؤشرات التنمية البشرية عن نظيراتها في العديد من المناطق الأخرى من العالم وفقًا لتقارير البنك الدولي وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي. وتقول الخبيرة الاقتصادية الدكتورة نعمت شفيق إنه لأجل تحقيق النمو الشامل للجميع، فإنه يجب أن تركز إستراتيجيات النمو المتوسطة الأجل على توفير الفرص الاقتصادية للجميع. ولا يمكن توفير الوظائف دونما إصلاح لنظم التعليم لإعداد خريجين يمتلكون المهارات المطلوبة في سوق العمل الحديث. وهناك ثمة حاجة لإصلاح سوق العمل ذاته لإزالة أوجه الجمود وتوفير المزيد من فرص العمل. ومن الضروري أيضًا تعزيز الشفافية والحد من البيروقراطية للمساهمة في إقامة بيئة مواتية للأعمال ودعم دور القطاع الخاص في الاقتصاد، ومن ثم توفير فرص العمل الضرورية. ومن خلال التقدم في هذا المجال، يمكن العمل أيضًا على احتواء القطاع غير الرسمي تحت المظلة الرسمية، مما يحفز الاقتصاد ويعزز النمو الذي يستفيد منه الجميع. والواقع أنه لا يوجد سبيل آخر لتوفير 50-70 مليون فرصة عمل، وهو العدد المطلوب من أجل تخفيض معدلات البطالة وتلبية احتياجات المنضمين الجدد إلى القوى العاملة بالمنطقة، خلال العقد القادم. كذلك يتعين مراعاة الدقة في تصميم نظام الدعم -الذي يعتمد عليه الكثيرون في المنطقة- والذي يقدر صندوق النقد الدولي تكلفته بنحو 210 مليارات دولار، أي نحو 7 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي. وأخيرًا، يتعين أن تدرك كافة الدول العربية أن أي أجندة للنمو الشامل لن يتسنى لها البقاء ما لم تكن نابعة ومصممة من البلد المعني، وتحقق الاستدامة الاقتصادية على المدى البعيد.