17 سبتمبر 2025
تسجيلرغم جهود الإصلاح التي تبذلها العديد من دول منطقة اليورو، وكذا الجهد المبذول من البنك المركزي الأوروبي من أجل تنظيف القطاعات المصرفية الأوروبية من اختلالاتها والعمل على دفع عمليات النمو، إلا أن الكثير من الخبراء والمحللين الاقتصاديين يؤكدون على أن معدل النمو بدول منطقة اليورو مازال ضعيفاً للغاية، رغم تحسنه خلال هذا العام، إلا أنه لا يزال غير قادر على تعويض تأثير عامين ماضيين سادهما الركود والانكماش، ويرى هؤلاء الخبراء والمحللون أن على دول منطقة اليورو للخروج من دائرة الأزمة، ضرورة زيادة معدلات الطلب المحلي واستكمال المزيد من الإصلاحات الهيكلية، وفي مقدمتها الإصلاحات المصرفية.ويرى هؤلاء الخبراء أن معدل النمو الاقتصادي بدول منطقة اليورو في النصف الأول من هذا العام لم يكن مشجعاً أو مرضياً للكثيرين، حيث لم يتجاوز 20.3 تريليون يورو، وقد أرجع هؤلاء الخبراء السبب في ذلك إلى سوء الأداء الاقتصادي في العديد من دول المنطقة ومن بينها إيطاليا وهولندا وفرنسا وألمانيا، وكذا إلى انخفاض معدل التضخم بدول المنطقة إلى أقل من 1% سنوياً في الوقت الذي يستهدف فيه البنك المركزي الأوروبي هذا المعدل عند 2% سنوياً.هذا وتوضح الكثير من التقارير والدراسات الاقتصادية الأوروبية أن جمود الاقتصاد الفرنسي "ثاني أكبر اقتصاد بمنطقة اليورو" لفترة طويلة في ظل حكم الرئيس أولاند وسياساته الاشتراكية أصبح يهدد بشكل خطير تعافي اقتصاد منطقة اليورو، وما زاد الأمر صعوبة وقلقاً هو مطالبة فرنسا لشركائها من دول المنطقة بتأخير موعد خفض العجز بموازنتها "إلى 3%" لما بعد عام 2015 واستثناء إنفاقها الاستثماري من عمليات خفض الإنفاق العام، بحجة المساعدة في تنشيط نمو الاقتصاد الفرنسي.كما أظهرت المؤشرات الاقتصادية الألمانية "وهي الدولة الأقوى اقتصاديا بمنطقة اليورو" معدلات نمو اقتصادي ضعيفة، مقارنة بسنوات سابقة، سواء قبل الأزمة المالية العالمية أو بعدها، وإن أرجع البعض السبب في ذلك للآثار السلبية للأزمة الروسية الأوكرانية، بالإضافة إلى ضعف اقتصادات الدول الأوروبية والتي تعد أكبر مستورد للصادرات الألمانية، مما دعا العديد من الخبراء الاقتصاديين إلى المناداة بضرورة التنسيق والتعاون بين كل من ألمانيا وفرنسا لدراسة كيفية خروج دول منطقة اليورو من أزمتها بدلاً من التنافس فيما بينها على زعامة المنطقة، وهو الأمر الذي تمت ترجمته بالفعل من خلال تنظيم مؤتمر اقتصادي موسع مشترك في باريس أواخر شهر أغسطس الماضي للعمل على تحقيق هذا التنسيق.وقد حاول "ميتشيل سابين" وزير المالية الفرنسي في الجلسة الافتتاحية لأعمال هذا المؤتمر طمأنة الحضور على الأوضاع الاقتصادية والمالية ببلاده وأن فرنسا لن تكون رجل أوروبا المريض كما يدعي البعض، بل على العكس من ذلك بأن اقتصادها قوي وأنها تملك قاعدة صناعية ضخمة وقدرات مؤسسية متميزة في التحديث والابتكار وأن الحكومة الفرنسية تعمل حالياً على خفض الضرائب على الشركات كي تزيد من تنافسيتها وقدراتها التصديرية، وإن واجهت كلمته العديد من همهمات الحضور واستنكارهم.وفي ظل ظهور العديد من الدراسات والتقارير غير الإيجابية عن الاقتصادات الأوروبية، وكذا عدم استجابة الساسة الأوروبيين للنداءات الألمانية المتكررة لدول منطقة اليورو بضرورة خفض إنفاقها الحكومي وزيادة الضرائب بهدف علاج مشكلتي الديون السيادية وعجز الموازنات، فقد صرحت السيدة "كريستين لاجارد" مديرة صندوق النقد الدولي في ندوة عالمية عقدت الشهر الماضي بالولايات المتحدة الأمريكية بوجود توقعات لدى الصندوق بخفض معدلات النمو بدول منطقة اليورو، وذلك في ظل سوء أوضاعها الاقتصادية وضعف استثماراتها المنفقة التي انخفضت بنحو %20 عما كانت عليه قبل الأزمة المالية العالمية.ولعل كل هذه التقارير والمؤشرات هي ما دعت صندوق النقد الدولي وخبراءه إلى تحذير دول منطقة اليورو من أن أي صدمات اقتصادية جديدة ستكون كفيلة بإيقاف التعافي الاقتصادي الضعيف الذي تشهده دول المنطقة، وأكد الصندوق على أن هذه الصدمات يمكن أن تفسد التحسن النسبي الحادث في أسواق واقتصادات هذه الدول ويدفعها من جديد لهاوية الانخفاض الحاد في الأسعار.وأوصى الصندوق الأوروبيين وبنكهم المركزي الأوروبي بضرورة اتباع برامج وسياسات التيسير الكمي وشراء الأصول والسندات، مقتدياً في ذلك بالتجربة الأمريكية واليابانية.... وللمقال بقية.