10 سبتمبر 2025
تسجيلقد يبدو الحديث القادم والحروف التي سأكمل بها مقالي تتفق مع الدراسة واختبارات المدارس أو امتحانات أي جهةٍ تعليميةٍ أو تدريبيةٍ " هكذا يبدو"، لكن الحقيقه ابعد من ذلك واعمق، فتلك المواد الدراسية التي حفظناها او فهمناها لنقدم اجاباتٍ كافيةٍ ووافيةٍ وقبل ذلك صحيحةٍ لنضمن علامةً كاملةً تُثبت صحة قوانا العقلية واستيعابنا العالي وذكائنا المفرط كانت اسهل بكثير من الاختبارات الحياتية التي تُمارس علينا في مراحل عمرنا التي شبعت من المقاعد الدراسية. هذه الحياة التي انعم الله علينا ان نحياها تزخر بالمسرات ومثلها العثرات، تمتلئ بابتساماتٍ غلفتها اوجاعٌ قد لا تخطر على البال، حياةٌ تتواضع في منحنياتها الدموع المليئة بالرجاء، هي رحلةٌ مكتوبةٌ في لوح القدر لكنها ايضاً مليئةٌ باختباراتٍ لا يكاد ينتهي فيها اختبار حتى يبدأ آخر، قد يكون اختبارك صعبا او سهلا لكنه على قدر استطاعتك كُتب وبحجم احتمالك اعده الله لك، وككل اختبارٍ تبحث لأسئلته عن إجابه فاختبارات الحياة ايضاً نبحث لها عن حلول او علاج واستشفاء، تخرج من قاعة الاختبارات مليئاً بالفرح لتقديمك الإجابة الصحيحة التي تضمن لك علامةً كاملةً تتباهى بها وتخرج بالمقابل من اختبارٍ حياتيّ باكياً وفي صدرك جرحٌ دامٍ قد لا يراه سواك، تتوارى بعد مجموعك الضعيف عن الأعين الناقدة وقد تسير كطاووسٍ بين الناس حين تتحدى ذلك الاختبار في عملك او حياتك الاسرية او علاقاتك الاجتماعية، ترقص فرحاً حين تنجح في اختبار تعلمّك لمهارةٍ ما او خبرةٍ تراكمت في سنوات عمرك وجعلت منك شخصاً مهماً يجلس في دائرة التميّز أو قد تصبح نسياً منسياً بعد تجربةٍ قاسيةٍ حولت حلمك المستقبلي لهباءٍ منثور. هل رأيت بعين عقلك الباطن وشعرت بإحساس روحك الساكنة في هدوء لهذه المعادلات التي وضعتها أمامك؟؟ وهذه التناقضات التي كتبتها لك ؟؟ هي بالضبط اختبارات الحياة التي قد ننجح فيها وقد نفشل، فلا اختباراتنا الدراسية التي لم ننجح فيها كانت نهاية العمر ولا اختباراتنا الحياتية التي اخفقنا فيها كانت خاتمة الحياة. انا لا ادعوك لعدم الإحساس وان لا يعني لك النجاح والإخفاق شيئاً ولا ان تصبح الأمور في عينيك سواء، انما اذكّرك ان كل يوم هو اختبار ولست شخصاً عليه ان ينجح في كل الاختبارات بعلامةٍ كاملةٍ ومعدلٍ مرتفع، وذلك لا يعني فشلك أو قلة حيلتك، وأنا هنا أدعوك لتعلم انك قد تكون اكثر نضجاً من تلك التجربة وأكثر ذكاءً من ان تتعامل مع اختبارٍ لا يتباهى بنباهتك وعليك ان تتذكر ان الاختبارات تستمر طالما نحن على قيد الحياة، والنجاح يتمثل في ان يكون رصيدنا من الخير أثقل من أوزارنا من الشر، وان نتعلم من كل تجربةٍ تتمثل في اختبارٍ جديد فهناك من تمر بهم حالات من الصدمات والهزائم المتوالية بين وقت وآخر في مضمار العمل أو مع الأصدقاء أو حتى وسط المحيط الأسري وقد تمر بنا المواقف الحياتية المتنوعة بين الفرح والسعادة أو سوء الفهم والخلافات وغيرها، هذه هي اختباراتنا المستمره حتى آخر يومٍ في حياتنا، والمقولة تقول " الحياة ليست عادلة، فلتعوّد نفسك على ذلك " وهذه المقولة تختزل شيئاً جوهرياً وعميقاً وفيه الكثير من الحقيقة، لنعوّد أنفسنا على مفاجآت وألوان الحياة المختلفة، وعليك قارئي العزيز ان تعلم علم اليقين ان ابتلاء الله عز وجل لعبده في الدنيا ليس من سخطه عليه بل إما لدفع مكروه أو لكفارة ذنوب أو لرفع منزلة فإذا تلقى ذلك بالرضا تم له ما أراد وهذه الاختبارات التي نولد معها وتموت معنا لم يُقدرها الله عبثاً، ومن أجل حياة أكثر توازنا يجب أن ننظر إليها نظرةً واقعيةً أولا، إذ ينبغي علينا أن نؤمن ونتعلّم منذ البداية أنّ الآفات والمشاكل المتمثله في الاختبارات الحياتية هي جزءٌ أساسي من الحياة، وبهذه الطريقة تصبح صدماتنا أقل حدةً عندما تواجهنا المشاكل ونسقط في شباكها، لأننا محصنون ضدها بمناعةٍ نفسيةٍ مسبقاً وهو الأمر الذي يتعلمه الإنسان مع الزمن، مع اليقين أن الابتلاء في الحياة ليس اختبارا لقوتك الشخصية بل اختبار لقوة استعانتك بالله وثقتك به فاقترب من ربك وتوكل عليه يقترب منك كُل شيء جميل..! أخيراً: في المدرسة يعلمونك الدرس ثم يختبرونك، أما الحياة فتختبرك ثم تعلمك الدرس.