12 سبتمبر 2025
تسجيلفي إسرائيل ونقلا عن صحافة اليسار الإسرائيلي تجد غالبية كتاب الرأي يدافعون عن الإنسان الفلسطيني وينتقدون سياسات الحكومات المتعاقبة التي يسيطر عليها اليمين المتطرف طيلة الوقت، ودفاعهم عن الإنسان الفلسطيني نابع عن دفاعهم عما يبحثون عنه في القيمة الإنسانية لما تسمى دولة إسرائيل التي تعلن نفسها على أنها واحة السلام والديمقراطية والحرية في بحر الشرق الأوسط المتخلف والدكتاتوري الفاسد، بينما يجد المراقب إنفصاما في الإعلان الرسمي التي تعتمده الحكومات الرسمية في الترويج عن نفسها بناء على قوميتها لا إنسانيتها، ففي الكيان الإسرائيلي المصطنع هناك اليهودية فقط وهي أعلى قمة الأهداف والطموحات، لشعب يريد أن يدخل لوحده الجنة، حتى لو كان الثمن آلاف الأطفال والنساء الفلسطينيين..فالكيان الإسرائيلي يجد الوقت الكافي ليبرر وحشية العقلية اليهودية لتأكيد وجود الدولة.فحتى ظهر أمس والإعتداءات الصهيونية تتوالى على مدينة القدس الشرقية، وعصابات المستوطنين يقودهم وزير الزراعة "إروي آرئيل" المتطرف جدا كما كان إرئيل شارون من قبله، فقد اقتحمت قوات عسكرية من جنود الإحتلال الحرم القدسي المسجد الأقصى والمصلى القبلي وأطلقوا قنابل الغاز المسيل للدموع ما أدى إلى حالات إختناق بين عشرات المرابطين العرب داخله، كما أطلقوا الرصاص المطاطي المؤذي جدا، وأحرقوا جزءا من الفراش وسجاد المسجد، واعتدوا على النساء المرابطات، بعد أن منعوا دخول المسلمين إلى المسجد منذ الفجر، تحضيرا لدخول "نبيهم أرئيل"، وكل هذا ببركات التحريض المفتوح والمسموح من قبل الجزء الأكبر من اليهود الإسرائيليين ومن يمثلهم في الكنيسيت والحكومة من أباطرة الصهيونية، وكل ذلك أيضا تمجيدا ليهودية الدولة وإثبات التاريخ المزور والاحتفال برأس السنة العبرية.المهم اليوم لم يعد السؤال عمن إعتدى على الأقصى،أو كم مرة اعتدى أو متى ستكون المرة القادمة، ذلك أنهم منذ اليوم الأول لاحتلال القدس الشرقية والضفة في يونيو 1967 كان متوقعا أن يحدث أكبر من هذا، بل من المستغرب ولحكمة يريدها الله تعالى أن يهود دولة إسرائيل البربرية لم يقوموا بتفجير المسجد الأقصى وإزاحته تماما عن وجه الأرض منذ أول اعتداء حصل عليه عام1969 عندما أحرقوه واتهموا يهوديا مختلا، كي يفتلوا بصورتهم المرعوبة أمام حلفائهم الغربيين، ولو اتخذ العرب موقفا واحدا حازما رادعا للكيان الإسرائيلي منذ ذلك التاريخ لما وصلنا الى هذه المرحلة التي نشن فيه حرب البيانات والتصريحات والشجب والاستنكار،ضد ما يجري في الأقصى.الفلسطينيون في مدينة القدس خصوصا المقدسيون وأبناء الخليل اختاروا طريقهم الحقيقي، وهو المقاومة والدفاع عن المسجد الأقصى، أما المسؤولية الأكبر فهي تقع على عاتق الدول العربية كافة بلا استثناء، في دعم صمود أولئك الأبطال من الرجال والنساء، وتقديم الدعم المالي لهم ليبقوا شوكة حق وغصة في حلق دولة الكيان اليهودي، فالبيوت آيلة للسقوط، والبطالة أنهكت الشباب، والفقر بات تخيم أِشباحه على معظم العائلات المقدسية والفلسطينية، وليس هناك من باك عليهم، فكل هذه الدول العربية لا يهب منهم أحد لنجدة الفلسطينيين والمقدسيين في العادة سوى ثلاث دول، الأردن وقطر والسعودية،أما البقية فكأنهم يمثلون مجموعة من الجزر في شرق آسيا أو غرب البحر المتوسط.إن التقسيم الزمني والمكاني الذي تسعى اليه الحكومة الإسرائيلية بات يهدد المدينة والمسجد الأقصى، ولكن في ظل تراجع قيم الإنسانية المعلنة عالميا، وانشغال الدول الأوروبية بمشاكلها الداخلية، والخلاف البائن بين تل أبيب وواشنطن، وعدم إهتمام العالم بالقضية الفلسطينية، وفي ظل حروب العرب الطاحنة ضد بعضهم، لن يردع الدولة اليهودية القادمة تحث الخطى سوى تحرك عربي على مستوى القادة، لوضع حد لهذه الوحشية اليهودية ضد أبناء القدس، وحماية المسجد الأقصى وقبة الصخرة والمصليات التابعة، ولن يكون ذلك سوى بدعم المقاومة الفلسطينية في الضفة وغزة، فاليهود الصهاينة قوم يخافون ولا يخجلون ولا يؤمنون بوفاء العهد.في المقابل على الجامعة العربية التي لم يعد لها بقية من أطلالها سوى أمينها العام، أن تفعل لجنة القدس وأن تعمل الدول العربية كافة لاستصدار قرار أممي يلزم إسرائيل بمنع كلابها من دخول المسجد الطاهر، فهل يجرؤ العرب على ذلك؟