27 سبتمبر 2025
تسجيليقصد بالاختصاص القضائي توزيع الدعاوى على المحاكم ومختلف الجهات القضائية حسب المعايير والتصنيفات التي يحددها القانون، لأن المشرع وإن أعطى لجميع الأفراد والجماعات الحق في اللجوء إلى القضاء من أجل المطالبة بالحقوق، فإن هذا اللجوء مقيد باحترام قواعد الاختصاص، وتكون المحكمة مختصة في نظر الدعوى إذا توافرت فيها الشروط المناسبة لاختصاصها وهي نوع الدعوى وقيمتها. بالحديث عن نوع الدعوى أو ما يسمى في الاصطلاح القانوني الاختصاص النوعي فإنه يمكن تعريفه بتلك الولاية التي تسند إلى المحكمة لنظر الدعوى بحسب طبيعة موضوعها وأطرافها حسب التصنيف الذي أقره التشريع، مثل اختصاص محكمة الاستثمار والتجارة في نظر الدعاوى المتعلقة بالتجار والأعمال التجارية والقضايا ذات طابع متعلق بمجال الاستثمار، واختصاص محكمة الأسرة في البت في قضايا الطلاق والنفقة وغيرها من الدعاوى المتعلقة بالمجال الأسري، واختصاص لجان فض المنازعات العمالية في القضايا التي تنشأ بين العمال وأصحاب العمل، وفقا لهذه التصنيفات تكون كل محكمة أو جهة قضائية مقيدة بنظر الدعاوى المتعلقة باختصاصها، وفي حالة عرض عليها نزاع يخرج عن دائرة الاختصاص النوعي لها قضت بعدم الاختصاص النوعي، حتى ولو اتفق الأطراف على إسناد الاختصاص إليها، لأن قواعد الاختصاص النوعي من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على مخالفتها. أما الاختصاص القيمي للمحاكم، ومن أجل تنظيم عمل المحكمة الابتدائية فقد وزع العمل عليها بين قسمين قضائيين مختلفين هما "المحكمة الجزئية" وتتألف من هيئة قضائية مكونة من قاض فرد، تختص بالقضايا التي تكون فيها مطالبات الأطراف المالية محددة ولا تتجاوز مبلغ خمسمائة ألف ريال، و"المحكمة الكلية" وتتشكل من هيئة قضائية من ثلاثة قضاة، وتختص بالبت في القضايا التي لا تكون فيها مطالبات الأفراد المالية محددة، أو إن كانت محددة يجب أن تتجاوز قيمة مبلغ خمسمائة ألف ريال، وهنا يبرز سبب تسمية هذا التصنيف القضائي بالاختصاص القيمي، لأنه يصنف الدعوى بحسب القيمة المالية للمطالبات الواردة ضمنها. بالإضافة للاختصاصين النوعي والقيمي، فإن التشريعات المقارنة تشترط لصحة ولاية المحكمة أن تكون مختصة محلية، أو أن ينعقد إليها "الاختصاص المحلي"، ويقصد به الولاية المخولة المحكمة بنظر الدعوى المعروضة عليها حسب معيار انتماء تلك الدعوى إلى نفس المنطقة الجغرافية التي تتواجد عليها المحكمة، ويثار هذا الاختصاص في الحالة التي توجد فيها محاكم من نفس النوع بعدة مدن داخل البلد الواحد، مثلا لو أنشئت محكمة ابتدائية بمنطقة الخور وأراد أحد الأفراد الذي يسكن بهذه المنطقة رفع دعوى قضائية على شخص آخر يعيش بها أيضا فإن الاختصاص المحلي كان سينعقد مثلا للمحكمة الابتدائية الكائنة بمنطقة الخور، وليست المحكمة الابتدائية الكائنة بالدوحة، لكن الاختصاص المحلي بطبيعة الحال لا يتصور إثارته في الوقت الراهن بدولة قطر نظرا لوجود محكمة ابتدائية واستئنافية ومحكمة تمييز موحدين بالبلاد. أما إذا تم رفع دعوى قضائية خلافا لقواعد الاختصاص، أو إذا رأى الخصم أن الدعوى المقدمة ضده رفعت لدى المحكمة غير المختصة جاز له تقديم الدفع بعدم الاختصاص قبل أي دفع أو دفاع تحت طائلة سقوط الحق فيما يبدى منها، وذلك على اعتبار الدفع بعدم الاختصاص دفعا شكليا يجب تقديمه قبل الخوض في موضوع الدعوى، لكن كما قلنا سابقا فإن الاختصاص النوعي للمحاكم من النظام العام ولا يجوز الاتفاق على خلافه، ومؤدى ذلك أن المحاكم يجب أن تدفع بعدم اختصاصها لنظر الدعوى من تلقاء نفسها وفي أي مرحلة من مراحل الدعوى.