16 سبتمبر 2025

تسجيل

(أنا مش عارفني)

15 أغسطس 2021

بعد أن تم الإعلان عن القوائم الأولية للناخبين في مقار الدوائر الانتخابية المختلفة، "ارتز" بومحمد في مجلسه وحوله أصدقاؤه وأقرباؤه من رواد المجلس، وكان حديثهم يدور حول ماذا بعد إعلان القوائم من إجراءات وتفاصيل لما سيحدث حتى موعد إعلان نتائج انتخابات مجلس الشورى القادم؟ وخلال هذه الفترة كان بومحمد كغيره من أبناء الوطن يناقش ويحاور ويحلل ويقيم أبعاد الانتخابات والمرشحين المحتملين وآليات وضع الخطط المستقبلية للاستفادة من المجلس التشريعي، "والمعاياه في المجالس" حول أولوية المواضيع التي على المجلس القادم مناقشتها وبحثها بعد انتهاء معمعة الانتخابات. وفجأةً ودون سابق إنذار رن جرس هاتفه المحمول معلناً عن ورود مكالمة صوتية من رقم غير معروف لديه، فأجاب بومحمد على المتصل "يا مرحبا"، فجاءه الرد من المتصل "السلام عليكم، مرحبا ومسهلا يا ابن عمي، شحالك ياربك بخير، وشحال العيال والجماعة ومن يعز عليك"، رد بومحمد بأدبه المعهود ولباقته المعروفة "ابشرك طيب وبخير شحالك انت ياربك طيب، السموحه منك ياخوي ما عرفتك؟"، رد المتصل قائلا "افاا يا ذا العلم ماعرفتني انا فلان بن فلان البوفلان ابن عمك"، فأجاب بومحمد "حياك الله يا بن عمي والسموحه منك اول مره تكلمني وما قد خزنت رقمك من قبل، امرني طال عمرك"، فرد ابن العم "ما عندي الا سلامتك انا ودي اني ارشح نفسي للمجلس واحنا يا البوفلان وانتوا يابوالعلان بني عم وكلنا لحم ودم والظفر ما يطلع من اللحم وإن شاء الله انكم ما انتوا مقصرين وبتدعموني، وتكفى يا ابن عمي لا تخلوني"، رد بومحمد "ان شاء الله يا بوفلان على خشمي"، وبعد المدح والثناء من قبل المتصل انتهت المكالمة. لم ينعم بومحمد بالراحة طويلا، فقد جاءه اتصال آخر من شخص آخر قدم له نفس المقدمات السابقة ولكن بصورة مختلفة قليلا فيها "شوية رتوش وإضافات" وسيل من المدح والتمجيد في الخصال التي لا تحصى لبومحمد وأبيه وجده، والتي حتى بومحمد نفسه كان يغفل عن وجودها فيه، وتوالت الاتصالات واستمرت على نفس النسق والمنوال، وبومحمد يتجاوب مع الجميع بالترحيب والشكر والتقدير ومكررا جملة "ان شاء الله وعلى خشمي" (الخشم هو الأنف باللهجة العامية)، وهم يردون "عليه الشحم" حتى أصبح خشمه مستودعا للشحم الذي تجمع عليه. كل هذه الأحداث جرت على مرأى ومسمع صديقه العزيز بوسالم الذي كان "قاط اذنه" يستمع لكل ما دار بين بومحمد والمرشحين المحتملين الطامعين في أن يدعمهم بصوته وأصوات عائلته الكبيرة، وبعد أن هدأت الاتصالات قال بوسالم "بومحمد ياخوي، كل ذا الجماعة اللي كلموك قالوا عنك أشياء شككتني في معرفتي لك وانا وياك من سنين وبنين وابخصك واعرفك عدل، والله ما اخبر انك شجاع ولا راعي بطولات، الا انت اول من نشوف غبرته في الهوشات رفيقي واعرف علومك كلها"، فضحك بومحمد حتى دمعت عيناه وقال "الله يهداك يابوسالم والله لو غيرك قال ذا الكلام كان راويته صنع الله، لكن المشكلة ان كلنا عيال قرية وكل منا يعرف أخيّه ولا لي فيك حيله"، ثم تابع قائلا "يا ولد الحلال انا بنفسي شكيت في نفسي من كثر المدح، والأولين قالوا "امدحه وخذ عباته"، وأدري انه كله كلام في كلام، وكل اللي يهمهم اني اصوت لهم ولفازوا هذاك العد بهم، لكني ياخوي انا أخاف ربي في هل قطر وماني بمعطي صوتي الا للي قلبه على مصلحة كل قطري ماهوب على جماعته وقبيلته بس، وكل من اتصل فيني من الجماعة له الحشيمة والكرامة ومثل ما هو باعني حجي فأنا ببيعه حجي بعد، واللي يستاهل منهم يبشر بصوتي وأصوات من بيطيعني من هلي وجماعتي"، ابتسم بوسالم وقال "والله انك ما انت بهين يا ذيبان، وبصراحة الجماعة يحرجونا ولا ودنا نرد او نصد حد لكن اللي بيمثلنا واحد ولابد ان نحسن الاختيار". وختاما أقول: إنه من حق كل مرشح أن يسوق لنفسه في دائرته لكسب أكبر عدد من الأصوات للفوز بكرسي المجلس، ولكن يا عزيزي المرشح قبل أن تتقدم بترشيح نفسك للكرسي هل ترى نفسك قادرا على حمل هذه الأمانة التي سيوليها لك أبناء دائرتك على كاهلك وأدائها بكل صدق وأمانة ونزاهة وإخلاص؟ هل تستطيع التجرد التام من أي مصالح شخصية أو عائلية أو قبلية من أجل مصلحة الوطن والمواطنين بدون استثناء؟؟؟. @drAliAlnaimi