11 سبتمبر 2025

تسجيل

الرمال المتحركة لخدمات شبكات التواصل الاجتماعي

15 أغسطس 2016

قبل أيام قليلة أعلن موقع "انستجرام" إضافة خدمة التصوير اللحظي تحت مسمى "story"، وهي خدمة جديدة تماثل وربما تسعى لمنافسة خدمة موقع "سناب شات" التي كان يتفرد بها. ولعل ما يلفت الانتباه مقدار الأشخاص الذين باتوا يتعاملون مع هذه بشكل يومي، بتلقائية وحب وشغف، فور الإعلان عن هذه الخدمة، ومن المتوقع بالطبع أن يتسع حجم المقبلين عليها والمتفاعلين معها في الأيام القادمة. ليس جديدا القول بأن شبكات التواصل في زمن الهواتف الذكية والتطبيقات الإلكترونية فرضت نفسها على حياتنا بشكل لم يعد ممكنا الفرار منها، حتى وإن أردنا ذلك، وصارت ظاهرة معولمة يستوي في التعاطي معها الأغنياء والفقراء والصغار والكبار والذكور والإناث، بغض النظر عن النسب وكيفية التعامل..هنا وهناك. ولعل شغف عَالَم البشر وجنونهم المستعر في التعاطي مع مستجداتها وانتشارها في حياتهم بكافة تفاصيلها الاجتماعية والاقتصادية والإعلامية والشخصية بات يغري صناعة تقنيات التواصل والشبكات والأنظمة المرتبطة بها للتنافس وابتكار الجديد، لكسب المزيد من الحصص وجعل منتجاتهم الجديدة جزءا من حاجة الناس وتركيبة حياتهم بما في ذلك الترفيه وصولا للتأثير في تركيبة العادات والسلوك الاجتماعي. قبل أيام أعلنت قناة الجزيرة عن مشروع "مدونات الجزيرة " ولفت انتباهي تأثير شبكات التواصل والتطور الذي لحق بها، فها هم يستفيدون من خدمة التصوير اللحظي عبر انستجرام وسناب شات لما أسموه التدوين الإلكتروني، مستثمرين تعلق الشباب بهذه الخدمة وربما استسهال الحديث مقارنة بالكتابة. لقد فرض التطور في صناعة تقنيات التواصل والإنترنت نفسه بقوة على صناعات كثيرة كالإعلان والخدمات العامة والتسويق والإعلام، وسهّل قيام خدمات العمل عن بعد، ودعم ريادة المبادرات المجتمعية، حتى صار الحضور على شبكات التواصل وعدد المتابعين أمرا يؤخذ بعين الاعتبار في التعريف بالشخص ومقدراته، وأصبح يندرج في تفاصيل السير الذاتية، بل لربما اختير أصحاب الحضور الكبير على هذه الشبكات كنجوم من نجوم المجتمع وسفراء لمبادرات معينة، وربما استكتبوا في صحف ومواقع إلكترونية بسبب هذه الميزة، كونهم سيسهمون في الترويج لهذه الوسيلة الإعلامية أو لمشروع من مشاريعها، بل صار وضع كثير من وسائل الإعلام التقليدية في خطر، وأعاد كثير منها التفكير بعد أن شعرت أن البساط يسحب من تحت رجليها، وصارت تفكر بكيفية استثمار هذا التطور ضمن خدمات وسيلتها والترويج لبرامجها ومنتجاتها، والمزاوجة بينهما، كالمزاوجة بين الشاشة وشبكات التواصل، وإفادة كل (On line)، في (Off line) والعكس بالعكس. لكن الأهم أن هذا التطور المتواصل والمطرد تغلل في عمق حياة الناس عبر العالم شرقا وغربا، وشمالا وجنوبا، شبابا ـ بنسبة أكبر ـ وشيبا، وصار يستنزف أوقاتهم ويستشري في تفاصيل حياتهم، حتى صار مقصودا لذاته، مثل صرعات موضات الألبسة، وأشكال وأنواع منتجات شركات "الماركات" التي تعزز النزعة الاستهلاكية عند البشر، وتحاول غوايتهم بكافة السبل. في عصر العولمة أدركُ تماما أنه ليس من السهولة وربما ليس من الحكمة أيضا الوقوف أمام ظاهرة زحف شبكات التواصل وصناعاتها وخدماتها المتسارعة والمتجددة، ولكن ما هو مفيد ومطلوب هو كيفية ترشيد استخدامنا لها حفاظا على أوقاتنا وصونا لهويتنا الثقافية وسلوكياتنا الاجتماعية، وكيفية استثمار إيجابياتها والتقليل من سلبياتها على واقعنا، وكيفية ابتكار نماذج تراعي خصوصياتنا وخصوصيات أجيالنا.