29 أكتوبر 2025

تسجيل

ما هي حقيقة قرار إغلاق السفارات الأمريكية؟

15 أغسطس 2013

في الأسبوع الماضي قررت الحكومة الأمريكية إغلاق عدد من سفاراتها في دول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا وبعض بلدان آسيا بسبب تحذيرات من وجود مخطط إرهابي لاستهداف البعثات الدبلوماسية الغربية، وذلك عقب تنامي نشاط المجموعات الإرهابية في اليمن وازدياد وتيرة المخاطر الإرهابية هناك خاصة في الأسابيع الأخيرة، وتكرار ظاهرة فرار أعداد كبيرة من المعتقلين من السجون العراقية، مما أسهم في اتخاذ الإدارة الأمريكية لذلك القرار وسط مخاوف من احتمال وقوع مزيد من الهجمات الإرهابية التي قد تطال نقاطها الدبلوماسية في الخارج. فهل كان قرار إغلاق السفارات الأمريكية ناجما عن حقيقة أن هناك خطرا قادما من قبل تنظيم القاعدة، وبالأخص في جزيرة العرب، كإجراء وقائي؟ أم أنه مجرد عمل إعلامي أمريكي مفبرك من إنتاج وإخراج وتوزيع وكالة الاستخبارات الأمريكية، يهدف في المقام الأول لنشر الذعر خارجيا وداخليا؟ إن خطوة كإغلاق السفارات إنما هي مؤشر على توخي الحيطة والحذر جراء تهديدات إرهابية محتملة في الخارج وليس داخل الولايات المتحدة الأمريكية، إلا أن ما يثير الشكوك هو أن كثيرا من المطارات داخل الولايات المتحدة قد شهدت تشديدا غير مسبوق في الإجراءات الأمنية الإضافية تجاوبا مع تحذيرات المخابرات بشأن خطط القاعدة لضرب منشآت أمريكية. هناك مجموعة من المؤشرات تقلل من فرضية وجود خطر داهم محدق بالبعثات الدبلوماسية الأمريكية هو ما تطلب اتخاذ مثل هذه الخطوة، والتي حذت بعض الحكومات الغربية حذوها، فالعلاقة بين الاستخبارات الأمريكية والتنظيمات الإرهابية التي ولدت في كنف الاستخبارات الأمريكية ونشأت وترعرعت داخل أسوارها لا تكاد تخفى على أحد، وأنه ليس هناك دليل على وجود هذه العلاقة أبلغ من الاختراقات في أوساط هذه التنظيمات. حيث يعلم الجميع أن تنظيم القاعدة قد تأسس بدعم أمريكي - عربي في مطلع ثمانينيات القرن الماضي لمواجهة ما كان يسمى وقتها بـ (الخطر الأحمر)، أو الاتحاد السوفييتي سابقا، إلا أنه ومع مرور الوقت، وتحديدا عقب أحداث الحادي عشر من سبتمبر، فقدت الولايات المتحدة الأمريكية زمام السيطرة والتحكم ولم تستطع الإمساك بجميع خيوط لعبة الإرهاب، خاصة بعد القضاء على القيادات البارزة في تنظيم القاعدة وبالتالي ظهور جيل جديد من معتنقي أيديولوجية التطرف والتكفير. أما تشديد الإجراءات الداخلية، فهو رسالة واضحة للشعب الأمريكي القصد منها تكريس وتبرير عملية التجسس على المواطنين وتخويفهم وبث فوبيا عدم الإحساس بالأمان في نفوسهم حتى تستطيع من خلال ذلك الجو المفعم بالرعب التحكم في مجمل منظومة الأمن العالمي وخلقها لمبررات السياسة الخارجية، أما الرسالة الأخرى التي تحاول أمريكا نشرها في الداخل الأمريكي قبل الخارج، فتتمحور حول أن سبب إغلاق سفاراتها هو الاحتراز جراء خطر حقيقي قادم من قبل هذه المنظمات الإرهابية، وذلك قبل أن تنكشف وتتسرب أمور كثيرة خافية في مقبل الأيام القادمة، مع وجود موظف الاستخبارات الأمريكي السابق إدوارد سنودن في روسيا وما يملكه من وثائق مهمة تدين السياسات الأمريكية، وهنا لابد أن نربط بين تاريخ إغلاق السفارات وحصول إدوارد سنودن على حق اللجوء في روسيا، وأيضا ما صرح به الرئيس الأمريكي باراك أوباما من "أنه يريد مراجعة برامج المراقبة التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الأمريكية من أجل تحقيق التوازن بين حماية سلامة الأمريكيين والخصوصية"، وأنه سيعمل مع الكونغرس على إصلاح البنود الواردة في قانون مكافحة الإرهاب المعروف باسم (باتريوت آكت) والمتعلقة بالسماح لوكالة الأمن القومي بجمع بيانات هاتفية، وذلك بعد السجال الذي أثارته تسريبات إدوارد سنودن في هذه القضية. كذلك فإن الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا لديهما حساباتهما بشأن مصالحهما الخاصة، لذا فإنه من المحتمل أن تشهد الفترة القادمة عددا من الصفقات والمقايضات والتي ربما تؤثر على ما يحدث في الشرق الأوسط خاصة المشهد في سوريا، وهذا ما يمكن أن نستشفه من كلمات وزير الخارجية الروسي سيرجي لافروف أن "لا حرب باردة بين موسكو وواشنطن، وأن قضية إدوارد سنودن لا تؤثر على العلاقات الثنائية بين البلدين"، فضلا عن أن كلا من الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا قد اتفقتا على ضرورة عقد مؤتمر السلام السوري، المزمع عقده في جنيف، في أقرب وقت ممكن. وأخيرا، لا تزال زيارة رئيس المخابرات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، إلى روسيا في الأسبوع الماضي تطرح الكثير من علامات الاستفهام حول مدى علاقتها بالأحداث والقرارات الأمريكية الأخيرة.