26 أكتوبر 2025
تسجيل• ألحت علينا هذه الخاطرة ونحن نتابع بحسرة ووله وطن يغرق؛ نساء ورجال يجرجرون صغارهم وعواجيزهم واياديهم لا تقبض إلا على " صرة هديمات " وشباب فتي يقود مبادرات لايصال معونات وفتح ممرات للمياه ووحل الطين وبامكانيات محدودة لكنها ملئة بالنخوة السودانية والمروة.. وحينما هبطت طائرات الاغاثة القطرية مطار الخرطوم لم يكن ذلك أمرا مختلفا عن معتاد "كعبة المضيوم " كأسم على مسمى أياد بيضاء ظلت تتمدد للمظلوم.. المقهور.. ولمن ظلم نفسه " كبلدياتنا " أو ظلمته الظروف.. وفجعته كوارث السيول "وماصت " حيطان طين وقش كانت تستره. • فجر الاثنين نزلت طائرة الاغاثة والخرطوم واطرافها غارقة حتى انفها في بركة كبيرة أسر بأكملها تاهت بوصلتها.. وقرى ونجوع وابقار وماعز وجدوا أنفسهم في العراء الماء تحتهم والاسقف تتهاوى وصواعق كهربائية تخطف أرواحهم. • ما نتحدث عنهم ونتمنى ان تصلهم الاغاثات قصيرة وطويلة المدى إن كان من الجار اثيوبيا ومصر رغم ظروفهم المعروفة هم "المعدمون ملح الارض " الشريحة الاساسية والكبيرة من " العراء الحفاء" الذين كانوا اصلا لا يملكون قوت يوم لا علاقة له بالجودة والسعرات الحرارية انهم الفقراء واطفال الشوارع والمرضى والارامل حيطان بيوتهم ذابت كالبسكويت في كوب الماء المغلي.. •سألتني صديقاتي عائشة وحصة ماذا هناك؟ قلت شوارع شقت لمسافات طويلة وبفاقد صرف صحي ومصارف آمنة.. وقرى طرفية قامت على حساب ريف طارد لاسر غادرت الحواشات وعافت الضرع والزرع لانعدام مقومات الحياة ولضرورات التعليم والصحة جاءت لعاصمة متخمة تتمدد وتكبر بدون خريطة كنتورية وبمواصفات وجودة وغياب للمتابعة المنضبطة المسؤولة من ساكني البيوت البيضاء المشيدة بالخرسانات في ظل ميزانية تدار " بقوت اليوم باليوم " أفرزت ضغوطات في مفاصل الدولة وصراعات لقسمة السلطة والثروة.. وحسابات لدول تتشكل وتتحور مواقفها. • المتضررون شيدوا منازلهم المنكوبة طوبة طوبة مبللة بعرق جبينهم وكسوا اسقفها بشق من اثواب حريمهم وخرق اطفالهم علها تقيهم شر البرد وحر الشمس فاذا بالسيول والامطار تذوبها وتسويها ضمن طين الارض وتتركها في جزر معزولة قابلة للانفجار الوبائي.. • طائرات " كعبة المضيوم " اول من حلقت بمطار الخرطوم ولسنا هنا لنقول شكرا.. لان " شكرا " كلمة قاصرة تتوارى خجلا عن حجم العطاء النبيل في وقت دس " النعام " حولنا اعناقهم وتقزم الكبار متجاهلين الوجع الانساني.. ان المساعدات الاغاثية ما عادت هي الاخرى منفكة عن التوجهات السياسية رغم انها لبني البشر وللحيوان والنبات.. لاطفال تصرخ بطونهم من قرصة الجوع ومن لدغ الباعوض والناموس ولاصحاح بيئة اصلا متردية.. • كعبة المضيوم ستظل شعاع وسط عتمة الظلام وانحياز انساني لاغاثة " زولات " غاصوا في وحل الطين والماء فقدوا جرعة الانسولين ومطهر الجروح ومنقذ الحياة.. انهم في العراء.. لا يسترهم إلا سقف السماء الرحيم بعباده • " كعبة المضيوم " انحيازها لقضايا الشعوب العربية والمسلمة والسودان بالاخص معروفة بحكم ارادة ارتضتها لنفسها وروابط نسجتها بعركة الحياة السياسية وتراكم خبرات السنين، وثقة متبادلة ونفر من ابناء الجالية السودانية ظلوا يمشون بين اهل هذا البلد بالتوادد والاحترام والتقدير والانضباط.. • مددوا أياديكم وبأياديكم " للغبش" انهم يحتاجون الغطاء الساتر والدواء.. ولآليات شطف البرك وشق القنوات واقامة السواتر لحواف النهر المتمرد فكل الشواهد تقول انه سينفجر فيضانات ستكون هي الاسوة، فمدن تغرق وتتعرض لاوبئة فتاكة.. وكعبة المضيوم نريدها بوصلة تعيد شيء من عقارب الساعة لانسان بسيط بعيد عن مرمى النظر وكاميرات الفضائيات الملونة وللحديث بقية. همسة: شكرا قطر.. وشكرا للمبادرات الانسانية.