12 سبتمبر 2025
تسجيلمن المعلوم أن الشخص الذي يتعرض لفعل إجرامي يعاقب عليه القانون يحق له تقديم شكواه لدى النيابة العامة من أجل فتح بلاغ بها، يمكن أن يحال على إثرها المتهم إلى المحاكمة الجنائية، وذلك في الأحوال التي يسمح بها القانون، والتي يكون فيها تحريك الدعوى الجنائية متوقفا على شكوى الضحية. فإذا أحيل المتهم إلى المحكمة بناء على تلك الشكوى، فمعنى ذلك أن الضحية أسسها على أدلة وإثباتات جعلت النيابة العامة تقتنع بادعاءاته، وعندئذ عليه أن يبدأ في الإثبات لهيئة المحكمة صحة ادعاءاته من أجل الحكم على المتهم بالعقوبة الجنائية التي يستحقها، وكذلك من أجل القضاء له بحقه المدني. إن الضحية بالنسبة للدعوى الجنائية المرفوعة بناء على شكواه لا يكون له نفس الدور أو الصلاحيات التي تكون للمدعي في الدعوى المدنية، لأن رافع هذه الأخيرة يكون هو المسؤول عن تحريكها وتحديد مسارها والإجراءات الممكن اتخاذها بشأنها، وله الحق في تنفيذ الأحكام الصادرة عنها أو الطعن فيها إذا لم يرتض بمنطوقها، وعلى خلاف ذلك فإن رافع الشكوى في الدعوى الجنائية يكون دوره محدودا في نطاق المطالبة بحقه المدني فقط، ومعنى ذلك أن النيابة العامة بصفتها سلطة الاتهام هي التي تكون الطرف الثاني في الدعوى، وهي التي تدعي على المتهم من أجل إقناع هيئة المحكمة بإدانته والحكم عليه بعقوبة جنائية، أما الضحية فلا يكون إلزاميا حضوره أو إدراج اسمه في الدعوى من أجل المضي فيها، بل يصبح اختياريا وبإرادته الحرة أن يدخل طرفا في الدعوى من خلال تقديم مذكرة للمحكمة تتضمن ادعاءه بالحق المدني في مواجهة المتهم، بمعنى أنه يطلب من المحكمة أن تحكم له بتعويض مدني يتناسب مع حجم الأضرار التي خلفها الفعل الجرمي المنسوب إلى المتهم، ولا يحق له أن يطلب من المحكمة أن تعاقبه بالعقوبات المنصوص عليها قانونا في الشق الجنائي مثل الحبس أو الغرامة. ومعنى ذلك أن الضحية في الدعوى الجنائية له دور محدود في النطاق المتعلق بالتعويض المدني عن الأضرار اللاحقة به، وإذا صدر حكم جنائي لم يقبل نتيجته في هذه الجزئية، يحق له أن يرفع دعوى منفصلة أمام المحكمة المدنية ليطالب بحقه المدني، لكنه من غير المسموح له أن يطعن في الحكم بالاستئناف أو المعارضة أو غير ذلك من الطرق، وذلك لكونه ليس طرفا أصيلا في الدعوى، وبالتالي فإن المتهم وحده والنيابة العامة هما من لهما حق الطعن في الحكم، أما الضحية وحتى إن كان هو السبب في نشأة الدعوى من خلال الشكوى التي قدمها للنيابة العامة فلا يجوز له إلا المطالبة بتعويضه عن الأضرار الناجمة عن الجريمة موضوع الإحالة. لكن الدور الأساسي للمجني عليه في الدعاوى الجنائية يبرز في التحكم فيها من حيث المضي فيها أو إيقاف إجراءاتها، وذلك من حيث مبدأ الدعاوى التي يتوقف تحريكها على شكوى الضحية، ففي هذه الحالة إذا قدم المجني عليه تنازله عن الشكوى أمام هيئة المحكمة، فإن ذلك التنازل يصبح بمثابة السند الذي يجعل المحكمة تقضي بانتهاء الدعوى الجنائية خصوصا إذا حصل صلح بينه وبين المتهم.