14 سبتمبر 2025
تسجيللبنان يجوع ولا يكاد يُلقى فيه الغذاء أو الدواء، والقمامة تنتشر بشكل رهيب في شوارعه وأحيائه، وعملته النقدية تنهار، وسط كل هذا الشح وذاك الحرمان، الذي جعل الآباء يصرخون في الشوارع أن أبناءهم يموتون لأنهم لم يلقوا الدواء لمرضهم وهو في قلب الأمة العربية!. وتونس تنهار منظومتها الصحية، وعجزت مستوصفاتها الطبية عن استيعاب العدد الهائل من مصابي فيروس كورونا، بينما تكدست الجثث خارج المشرحة الطبية للمستشفيات الحكومية في انتظار تصريح دفنها وتقف الحكومة عاجزة عن إسعاف ومعالجة كل هذا الكم من المصابين أمام قلة الإمكانيات التي تملكها وهي في قلب الأمة العربية!. واليمن البلد المنسي الذي يموت العشرات منه يوميا بسبب فيروس كورونا حتى دون أن يتم فحصهم ومعرفة ممن يشكون قبل موتهم، ويقتلهم الجوع والدمار والأمراض والفقر والحرب والتهجير والتشريد وتدافع الطامعين للسلطة والحكم والاستئثار باللقاح والحياة الصحية وهو في قلب الأمة العربية!. وسوريا التي بدأت ثورتها بشعار "الشعب يريد إسقاط النظام" فإذا من يسقط هو الشعب ما بين قتل وهجوم بالأسلحة الكيماوية والغازات السامة والتهجير واللجوء غير الآمن والفاقد لأقل حقوق الكرامة والإنسانية والشبع والدواء، وظل نظام بشار الأسد جاثما على قلوبهم يحيا أبناؤه بعزة ورغد من العيش وكل هذا وسوريا في قلب الأمة العربية!. أما ليبيا فحكايتها من ألف حكاية وحكاية، فبعد ثورة قيل عنها إنها انتهت بمقتل ديكتاتور ليبيا معمر القذافي الموصوف في بعض الرويات بالرئيس المهووس والمجنون آنذاك، قيل إن هذا البلد الغني نفطيا وبثروات معدنية هائلة سيعيش بعدها عيشة الملوك بدءا من الرئيس مرورا بالوزير ونهاية بالغفير والفقير، فإذا كل الأحلام تتبخر وكل الأماني تتبعثر، ويدخل هذا البلد دوامة من الصراعات ما بين أذناب النظام السابق والمتمرد على ثورة الشعب يقودهم المتمرد العجوز خليفة حفتر، وبين مجموعة الوفاق الوطني التي ارتضى لها الشعب أن تكون مسؤولة عن شؤون البلاد حتى انتخاب رئيس شرعي له، واستطاعت أن تسيطر على العاصمة طرابلس وتحصل على اعتراف دولي وشرعي من الأمم المتحدة بكافة أعضاء مجلس الأمن الدائمين وغير الدائمين فيه، لتدخل ليبيا اليوم في أشد صراعاتها حول الظفر بالسلطة والثروة والمال والعلاقات، وتتحول أرض ليبيا الجميلة إلى حلبة مصارعة دموية وتدخل أطراف في الجبهات، وتخرج أطراف والضحية وحدها هو الشعب الذي رقص في الثورة وغنى وبارك وحلم أحلاما سعيدة حتى استيقظ وهو في بيت غير بيته وأرض غير أرضه، مشردا خائفا من أن تناله رصاصة قناص أو تهدم بيته قذيفة صاروخية، ولم ينله لا غنى كالذي كان يمني النفس به، وكل هذا وهذاك وليبيا في قلب الأمة العربية!. أما فلسطين فهي أسمى ما يمكن أن أختتم به مقالي لأننا ولدنا واسمها يسبق اختيار آبائنا لأسمائنا وتاريخ ميلادها يعلو قدما عن تاريخ ميلادنا، ونحن الذين كنا نظن أنها لن تكون إرثا لأبنائنا إلا في كتب التاريخ ليقرؤوا عن القضية، فإذا بالأبناء يورثونها لأبنائهم وأحفادهم، وأنها قضية شائكة لم يعد من يتحدث فيها عن تحرير فلسطين وإنما عن إحلال الدولتين وأن إسرائيل ما عادت كيانا محتلا، ولكن دولة تنتظر اعترافا عربيا وتطبيعا كاملا بالعلاقات، وعوضا من أن نرى سعيا للضغط على إسرائيل لوقف احتلالها وممارساتها التعسفية بالقتل والتهجير لأراضي وأرواح الفلسطينيين، تسارعت عجلة التطبيع بصورة رهيبة وكل هذا وأكثر بكثير وفلسطين في قلب الأمة العربية! يا لقلب الأمة الكبير حقا!. @[email protected] @ebtesam777