11 سبتمبر 2025

تسجيل

انفراج الأزمة اليونانية

15 يوليو 2015

رغم تصويت اليونانيين في الخامس من هذا الشهر "بلا" على خطط التقشف والإصلاح الأوروبية بنسبة بلغت 61.3%، إلا أن الحكومة اليونانية اليسارية ومن بعدها البرلمان اليوناني قد وافقا بعد أقل من أسبوع واحد من عملية التصويت على تقديم حزمة من الإصلاحات والقبول بتطبيق خطة تقشفية صعبة تحت عنوان إجراءات الأولوية والالتزامات، وهي خطة تتناقض بشكل أساسي مع البرنامج الانتخابي لحزب سيريزا اليساري الحاكم الذي حظي بأغلبية ساحقة للأصوات في الانتخابات البرلمانية التي جرت في يناير الماضي لتبنيه رفض خطط التقشف الأوروبية.إلا أن هذه الإجراءات لم تقنع قادة الاتحاد الأوروبي الذين طالبوا اليونان بتقديم المزيد من الإصلاحات خلال هذا الأسبوع كشرط أساسي قبل الدخول في مباحثات جديدة لإسقاط جزء من المديونية ومنحها حزمة إنقاذ ثالثة تضمن لها الاستمرار في منطقة اليورو.ويرى الكثير من الخبراء أنه لم يكن أمام الحكومة اليونانية اليسارية من خيار آخر "في ظل خزانتها الخاوية" بالإضافة إلى ضغط وتهديد قادة الاتحاد الأوروبي بطردها من منطقة اليورو وإعلان إفلاسها بعد تعثرها عن سداد القسط المستحق من قروضها لصندوق النقد الدولي في الثلاثين من يونيو الماضي بقيمة 1.6 مليار يورو وعدم قدرتها على سداد القسط المستحق للبنك المركزي الأوروبي في العشرين من هذا الشهر بقيمة 3.5 مليار يورو.هذا وقد عرضت الحكومة اليونانية على دائنيها الثلاثة الرئيسيين المتمثلين في المفوضية الأوروبية وصندوق النقد الدولي والبنك المركزي الأوروبي قبولها خفض المعاشات بنسبة 1% من إجمالي ناتجها المحلي اعتباراً من العام المقبل مع رفع سن المعاش بشكل تدريجي حتى 67 عاما بحلول 2022، وفي ذات الوقت رفع سن المعاش إلى 62 عاما لمن أمضى في العمل أكثر 40 عاماً، والتخلص تدريجياً من برنامج المعاش التكميلي، وفرض ضريبة قيمة مضافة موحدة قدرها 23% على جميع الأنشطة بما فيها المطاعم، وخفض هذه الضريبة على المواد الغذائية والطاقة والمياه والفنادق لتكون 13% وتنخفض إلى 6% على الأدوية والكتب والمسرح.كما تضمنت إجراءات الأولوية والالتزامات المقدمة من الحكومة اليونانية إلى الدائنين كذلك إلغاء نسبة خصم ضريبة القيمة المضافة وقدرها 30% التي كانت تتمتع بها الجزر اليونانية في بحر إيجه "الواقعة بين اليونان وتركيا"، بالإضافة إلى رفع الضرائب المباشرة على الدخل والمؤسسات بنسبة 10% ترتفع إلى 13% بالنوادي والمنتجعات الفاخرة، مع التزامها بإجراء إصلاحات اقتصادية وإدارية عميقة تشمل وقف التهرب الضريبي وتيسير الإجراءات على المستثمرين وخفض عجز الموازنة.وفي مقابل قبول الحكومة اليونانية والتزامها بتطبيق هذه الإصلاحات والخطط التقشفية فقد تقدمت بطلب لهيئة الاستقرار الأوروبية لاقتراض مبلغ 53.5 مليار يورو والتي تمثل الأعباء والالتزامات والديون الواجبة السداد لدائنيها خلال السنوات الثلاث المقبلة ضمن مديونية إجمالية تبلغ 323 مليار يورو ويخص ألمانيا منها 68.2 مليار وفرنسا 43.6 مليار وصندوق النقد الدولي 21.4 والبنك المركزي الأوروبي 12.1 مليار، مما فتح باب التساؤلات المحرجة للحكومة اليونانية عن مدى قدرتها على سداد هذه القروض وإمكانية زيادة إنتاجها وصادراتها وقدرتها في ظل ذلك على جذب المزيد من الاستثمارات الأجنبية.ويرى الكثير من الخبراء والمتخصصين أن قادة الاتحاد الأوروبي قد فضلوا عدم إعلان إفلاس اليونان أو خروجها من منطقة اليورو، وذلك لتجنب ما تحمله هذه الخطوة من مخاطر عظيمة وآثار سلبية عديدة على دول الاتحاد الأوروبي ومن أهمها:* فقدانها للكثير من الأموال التي تم إقراضها لليونان سواءً تلك المتمثلة في حزمة الإنقاذ البالغة 240 مليار يورو أو قروض البنك المركزي الأوروبي للبنوك اليونانية والبالغة 90 مليار يورو.* انخفاض قيمة العملة الأوروبية الموحدة بشكل كبير في حالة خروج اليونان من منطقة اليورو، وإن كان البعض يرى في ذلك ميزة كبرى نتيجة لخفض تكلفة إنتاج السلع والخدمات الأوروبية ومن ثم زيادة صادراتها.* هروب المستثمرين من منطقة اليورو إلى دول وأسواق أكثر استقراراً كالولايات المتحدة الأمريكية واليابان.* ارتفاع تكلفة الاقتراض لبعض دول المنطقة التي تعاني مشاكل اقتصادية كالبرتغال وإيطاليا وإسبانيا.* قد تغري خطوة خروج اليونان من منطقة اليورو بعض الأحزاب اليسارية الأوروبية المناهضة لخطط التقشف بالمطالبين بالانفصال عن اليورو، خاصة إذا تحسن وضع الاقتصاد اليوناني بعد خروجه من منطقة اليورو، بما يؤدي إلى تفكيك منطقة اليورو.