01 نوفمبر 2025

تسجيل

استثمارات الأمن الغذائي في ظل أوضاع مضطربة

15 يوليو 2015

تفاءل تقرير منظمة الأغذية والزراعة الفاو بأنه سيقضي على الجوع بحلول 2030، إذا توافرت استثمارات بقيمة 267 بليون دولار سنوياً، وعلى مدى السنوات العشر القادمة سيتم القضاء على الجياع والمحرومين من لقمة الخبز والمشردين والفقراء في هذا العالم.وأرى أنه في ظل النزاعات المسلحة التي تشهدها منطقة الشرق الأوسط، وآثار التشرد والدمار ونزوح الملايين من مناطق غنية بالأراضي الزراعية، وكانت تعتبر سلة غذاء وطننا العربي من اليمن وسوريا والعراق وليبيا، فإنّ التفاؤل الذي يرسمه تقرير الفاو لا يرضي الطموحات. ومما يفاقم الأوضاع سوءاً، الاضطرابات التي تعيشها الكتلة الأوروبية من جراء توقعات بخروج اليونان من الاتحاد الأوروبي، ومحاولات التقشف الجارية في عدد من دول أوروبا لإنقاذ اقتصاداتها المتهاوية من السقوط في فخ الأزمات المالية.فإذا كان تكتل المانحين من الشرق الأوسط وأوروبا ينفق الملايين على تقديم مساعدات غذائية وإغاثية لملايين النازحين في العالم، ويساند الفاو في الإعانات التي يقدمها للشعوب المتضررة والباحثة عن لقمة عيش سائغة، فإنّ حلم القضاء على الفقر لن يتحقق، بل كما أراه واقعياً فإنّ أعداد الجياع في ازدياد، والأراضي الزراعية الخصبة التي كانت تغذي الوطن العربي، تحولت إلى ساحات للصراعات والعنف وأماكن لإيواء اللاجئين.وترى الفاو أنه إذا تمّ المضي بنفس الوتيرة الحالية للإغاثة الغذائية فهناك توقعات بزيادة الجياع إلى 650 مليون شخص إضافي سيعانون من الفقر في 2030، وهناك ما يقرب من 800 مليون شخص في المناطق الريفية لا يجدون كفايتهم من الغذاء، ووجود أكثر من 4.6 ملايين نسمة في الجنوب الإفريقي، يعانون من انعدام الأمن الغذائي، أضف إلى نزوح ملايين اللاجئين السوريين والعراقيين مما ألقى بثقله على الغذاء العالمي الذي بات عليه توفير الأمن الغذائي لهم، وهذا يناقض الرؤية الحالمة التي ينظر إليها الفاو.في سرد سريع للإنتاج الزراعي في المناطق الساخنة فقد شهدت تراجعاً في إنتاج الحبوب والقمح والمحاصيل بسبب التغيرات المناخية والجفاف والاضطرابات، ففي جنوب إفريقيا انخفض إنتاج الحبوب بنسبة 17%، وتراجعت نسبة المحاصيل في غرب القارة الإفريقية إلى 83%، ومعاناة 6.8ملايين نسمة في اليمن من أزمة إنسانية حقيقية، وتراجع إنتاج الحبوب في تركيا والهند والنيبال ودول شرق آسيا.كما يشير تقرير منظمة التنمية الزراعية المستدامة إلى أنّ الأمن الغذائي يتصدر سلم أولويات التنمية في المنطقتين العربية والإفريقية، فقد انعكست مشكلة نقص الغذاء في الزيادة المضطردة في الواردات الغذائية، واتساع الفجوة الغذائية بين الإنتاج والاستهلاك بوتيرة متسارعة نسبة ً إلى الزيادات المتصاعدة في أعداد السكان، حيث تشير الإحصاءات إلى أن الفجوة الغذائية بلغت 34 مليار دولار، وفي إفريقيا بلغت 14 مليار دولار.فالأوضاع المتأزمة في منطقة الشرق الأوسط أثرت سلبا ً على حجم الإنتاج الزراعي، وأثرت أيضا ً على برامج تطوير صناعة الغذاء أو استصلاح الأراضي أو تدريب الكوادر على التسويق والترويج والتصدير، أضف إلى ذلك الأوضاع غير المستقرة لمنطقة اليورو بسبب الديون، عملت بكل تأكيد على نقص إنتاجيات الغذاء، وبات العالم يبحث عن واردات متوافرة ليلبي احتياجات سكانه. أما الوضع الراهن في منطقة الخليج فهو الأحسن حالاً، فهناك استثمارات تجاوزت الـ 757 مليار دولار، وبنمو سنوي فاق الـ 14%، وهذا يؤشر إلى الخطوات الإيجابية التي تنتهجها دول المنطقة نحو تعزيز استراتيجيات الأمن الغذائي.ويرى دوليون معنيون بالغذاء أنّ التحول الجذري في توفير الغذاء هو الحل لمساعدة الفقراء على النجاة بأنفسهم من قبضة الجوع والفقر، وضرورة مساهمة القطاع الخاص بنسبة كبيرة من الاستثمارات، وإعادة دراسة المناطق المتضررة والصالحة للزراعة في البناء والتنمية من جديد، ومحو الجوع بالجمع بين الحماية الاجتماعية والاستثمارات لصالح الفقراء، وتعزيز الاستثمارات في الدول الأقل تضرراً من الحروب.وأرى أنه في الوقت الراهن تتوجه المبادرات إلى توفير كميات كبيرة من الأغذية للنازحين من المناطق الساخنة، وإيجاد مانحين وموردين وعاملين في مجال التنمية الغذائية لتلبية احتياجات المجموعات البشرية التي خلفها الدمار، ولم يعد بالإمكان التفكير في تنمية ونمو وأمن غذائي في ظل أزمات متلاحقة لا تتوقف.