18 سبتمبر 2025
تسجيلاليوم هو التاسع من حرب البنيان المرصوص أو الجرف الصامد لا فرق ما دام الهدف هو غزة التي يتمنى نيتنياهو كما أسلافه أن يبتلعها البحر ، فيما جيل الفرسان في غزة يتوالدون من جديد ، يخترعون أسلحتهم وآخرها "أبابيل " فيما صواريخهم ذاتية الصنع كما هي روحهم المعنوية ، يموتون أو يعيشون أبد الدهر لا فرق مادام الهدف هو تحرير الأرض والإنسان من عبودية الجار المحتل ، الله معهم فحماس ليست وحدها عقيدة ً، ولكنها وحيدة سياسيا ، وغزة التي تعاطف معها ذات خريف خمسيني رئيس أركان جيش إسرائيل " موشيه ديان "وقال في كلمة تأبين لجندي قتله عربي أعاد نشر مقتطفات منها الكاتب ناحوم مرنيع : "كيف أغمضنا أعيننا عن أن نرى على نحو سليم مصيرنا وهدف جيلنا بكل وحشيته .. جيل استيطان نحن، وبدون قبعة فولاذية ومدفع لا يمكننا أن نغرس شجرة ونبني بيتا، لذلك لن نرى إلا نار الحقد التي تملأ حياة مئات آلاف العرب الذين يعيشون حولنا "إذا صدقت نبوءة ديان ، فحماس لا تزال هي الطرف السياسي المقاتل الوحيد على الساحة الفلسطينية والعربية في ميدان العهر الإسرائيلي ومواجهة الاحتلال وجرائمه ، والفرق أنها كقلعة المقاومة الحقيقية التي لا تزال تقض مضاجع الجيش المتطرف تحت شمس الحرية في سجن غزة المفتوح ، فإنها تحرج الأنظمة العربية التي لا تحب ولا تكره إسرائيل وإن تكرهها فلا تستطيع البوح بذلك وهذا لا دخل للمنطق السياسي فيه ، بل إن هناك جملة من التعقيدات تكبل دوائر صنع القرار ومكاتب الرؤساء العرب تجعلهم يحجمون عن التعليق بصراحة على الجرائم التي ترتكبها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني الأعزل الذي بات هو الهدف الحي للمناورات الإسرائيلية بالذخيرة الحية ، فليس هناك حروب يخوضها الجيش الإسرائيلي إلا حرب النزهات الدموية ضد الفلسطينيين بعدما خرجت جيوش العرب من مونديال الحروب مبكرا .غزة تعود المرة تلو المرة إلى قلب الحدث ، ولكنها هذه المرة قلبت الأحداث على رأس الحكومة الإسرائيلية التي أعلنت موقفها الصارخ بأنها لن توقف عملياتها العسكرية ضد حماس والحقيقة أن عملياتها الحربية هي ضد الشعب الفلسطيني في غزة برمته ، فقد تعدت جرائم الحرب التي ترتكبها إلى استهداف الموتى في قبورهم حيث قصفت المقابر بعد أن دمرت بيوت السكان المدنيين وقتلت عائلات بالجملة بينهم أطفال وصبية وشيوخ وعجزة ، ولا تزال الإحصائيات تتوالى مع دخول اليوم التاسع لحرب رمضان الطويل. إن صمود أهل غزة وإن كان قسريا فإنه عبرة للشعب العربي الذي ينام ليله الطويل وللسفلة الذين يرمون باللائمة على حماس دوما، وهو درس قاس للحكام والقادة العرب الذين يبدو أنهم لم يقرأوا أو نسوا ما قرأوا عن حروب إسرائيل مع العرب وجيوشهم ، فآخر عهد حروبنا المقدسة كانت ما تسمى الأيام الستة أو الساعات الستة عام 1967 التي هزمت فيها القيادة العربية المشتركة ، فيما أعادت معركة الكرامة 1968 بعضا من ماء الوجه للجيش العربي ، واليوم نرى أن الغزي هو الإنسان الوحيد الذي لا يستطيع الفرار من مصيره الذي تقرره الطائرات والمدفعية الإسرائيلية ، فلا مفر من الموت إلا إلى العراء و غرف الإنعاش ومباضع الجراحين .لن نستمر في لوم الدول والحكومات ، فكل حسب همته وقدرته واستطاعته ولكن يبدو أن الساحة العربية باتت شبه خالية من أي حكومة أو دولة تملك الشجاعة لتقول لإسرائيل بالصوت العالي كفى تمردا وعربدة وتطاولا على أرواح وحياة الفلسطينيين وأهل غزة بالخصوص ، فيما الدول العربية الأكبر مساحة وعسكرا وتعدادا منكفئة على نفسها منشغلة بحروب مماثلة لحرب إسرائيل ، ولا تجد غزة رأفة في قلب المسؤول المصري ليفتح جسور الإغاثة أو نافذة عبر معبر رفح ، ما يضطر الأردن إلى فتح معابره مع الضفة الغربية والطريق الصحراوي عبر العريش لإيصال الخدمات الطبية ونقل جرحى الحرب إلى المستشفيات العسكرية في الأردن.إن التوصل إلى هدنة أو اتفاق لوقف إطلاق النار لم يعد قرارا إسرائيليا بعدما تورط القادة السياسيون الإسرائيليون وجلاوزة الحكم وقادة الأحزاب اليمينية المتطرفة إلى جانب الوزراء وفرعونهم نتنياهو وقادته العسكريين تورطوا جميعا في دعم الحرب القذرة دون تحديد زمن لها أو خطة انسحاب ، فهم يريدونها حربا حتى آخر بندقية لدى كتائب القسام ، والغزيّون نذروا أنفسهم للموت دفاعا عن شرفهم ونيابة عن الأمّة يحاربون أعداء السلام ، وأرضهم تحارب معهم . لهذا فإن صواريخ المقاومة التي دكت عاصمة الحكم الإسرائيلي ومدنه هي التي ستحدد شروط الهدنة ، ويجب بالفعل أن تعيد رسم خارطة العلاقة بين الفلسطينيين وأعدائهم الإسرائيليين ، وهذا يحتم على قادة السلطة الفلسطينية بقيادة عباس أن يقفوا مع شعبهم ومع غزة وحماس للدخول في مرحلة جديدة يكون الفلسطيني ندا لعدوه لا متلقيا لشروط نتنياهو الذي يبدو أنه سيعلن الدولة اليهودية قبل قيام موعدها .يجب على الأنظمة العربية جميعها أن تقف بكل جرأة مع حكومة وشعب غزة ، رغم كراهيتهم لحركة حماس بالإنابة عن غيرهم ، و أن تمدهم بالمال وتعيد الإعمار فورا كما تفعل دولة قطر الوحيدة في الساحة كل مرة ، فذلك أضعف الإيمان والمسؤولية الأخلاقية والسياسية ، فأين العرب من إيران التي تدعم حزب الله بالمال والسلاح وتقدم الدعم السياسي أيضا له حتى بات جيشا جوالا في بلاد الشام ، فيما الحكومات العربية القريبة تريد من الفلسطينيين ألا يتحرشوا بإسرائيل وألا يصرخوا عندما تنهمر الصواريخ فوق رؤوسهم ، و تخشى من أن تقول أن إسرائيل هي دولة عنصرية وترتكب جرائم حرب في أقل رد فعل تقوم به ضد الفلسطينيين .