10 سبتمبر 2025
تسجيلروي أنه كان يوجد أحد الملوك في زمن مضى يحب أهل الحكمة والكلام الطيب ويبحث عنهم لكي يجزل عطاءهم وإكرامهم ومكافأتهم، وكان إن لقي امرأة حكيمة كافأها وإن رأى رجلا حكيما أيضا كافأه، وكان يضع أدنى حد للمكافأة خمسمائة دينار، خرج ذات يوم باحثاً عن أصحاب الكلمة الطيبة ومعه حرسه وموكبه أثناء تفقده وتجوله رأى شيخاً كبيراً في التسعين من العمر في مزرعة صغيرة قد انحنى ظهره وابيض شعره يغرس فسيلة ويزرعها فوقف الملك متعجباً لما رآه وقال متعجبا وسائلاً ماذا سيزرع هذا الشيخ الكبير؟ لما اقترب وتأمل رأى الشيخ قد غرس شجرة زيتون وسأله الملك مستغربا أيها الشيخ العجوز: ماذا تصنع؟ قال: اغرس غرساً، قال الملك: وما الذي تغرسه؟ قال فسيلة لإحدى الأشجار، فقال له الملك أتدري ما هذه الشجرة؟ أجاب الشيخ: نعم ياسيدي إنها فسيلة شجرة الزيتون، فقال له الملك: أتعرف متى ينتج الزيتون ويثمر؟ أجاب الشيخ: نعم بعد عشرين عاما، فقال له الملك: أنت في التسعين ولم تجد شيئا تزرعه سوى فسيلة لشجرة الزيتون؟ قال الشيخ: نعم، فسأله الملك: وكيف لك هذا الصبر؟ قال الشيخ: الأمر بسيط "السابقون زرعوا وتركوا فجئنا نحن فحصدنا وأكلنا، وحان الدور علينا نحن نزرع ويأتي اللاحقون فيحصدوا ويأخذوا الثمر ويأكلوه، وما نفعل من خير اليوم سنراه غدا" أجاب الملك فرحاً: يا غلام اعطه خمسمائة دينار فلما أخذ الشيخ المال تبسم، ونظر اليه الملك متعجبا أراك مبتسما عندما رأيت الدنانير ما سر ابتسامتك؟ أجاب الشيخ: شجر الزيتون ينتج بعد عشرين عاماً لكن شجرتي أنتجت بعد عشرين ثانية، قال الملك وهذه حكمة أجمل ياغلام زد له خمسمائة أخرى فتبسم الشيخ مرة أخرى، فسأله الملك: ما سر ابتسامتك الثانية ايضاً؟ أجاب الشيخ: شجرة الزيتون تنتج كل عشرين عاما مرة وشجرتي أنتجت مرتين، فقال الملك زد له خمسمائة دينار. العبرة من القصة أن من يزرع الخير يحصد الخير عاجلاً أو آجلاً، وفي الحديث عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"إن قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة، فإن استطاع أن لا تقوم حتى يغرسها فليغرسها"، وقيل: صنع الجميل وفعل الخير إن أثرا .. أبقى وأحمد أعمال الفتى أثرا. @fyicl