13 سبتمبر 2025

تسجيل

الفساد الإداري طاعون الإصلاح والعدل!

15 يونيو 2021

يُخطئ من يظن بأن الفساد المالي أخطر من الفساد الإداري لأن الأخير هو الممهد والمُسهّل لكل فعل فاسد وبالتالي ما من فساد يستشري في دولة أو مؤسسة أو منظمة إلا ويسبقها فساد إداري غذّاها وقوّى شوكتها، وقد ربطته عدة منظمات دولية مع بعضه حيث عرّفته منظمة الشفافية الدولية بأنه "إساءة استخدام السلطة العامة لتحقيق كسب خاص" بينما عرفه صندوق النقد الدولي بأنه "علاقة الأيدي الطويلة المعتمدة التي تهدف إلى استحصال الفوائد من هذا السلوك لشخص واحد أو مجموعة ذات علاقة بين الأفراد". ويعرف المتخصصون والفقهاء في هذا المجال أن الفساد المالي والإداري ينجم عندما يأتي الخلل في الأداء نتيجة الخطأ والنسيان واتباع الشهوات والزلل والانحراف عن الطريق المستقيم وبأنه "سوء استغلال السلطة العامة لتحقيق مكاسب خاصة "، وعُرّف أيضاً الفساد الإداري والمالي بأنه الذي يحتوي على قدر من الانحراف المتعمد في تنفيذ العمل المالي والإداري المناط بالشخص، غير أن ثمة انحرافاً مالياً وإدارياً يتجاوز فيه الموظف القانون وسلطاته الممنوحة دون قصد سيئ بسبب الإهمال واللامبالاة، وهذا الانحراف لا يرقى إلى مستوى الفساد المالي والإداري لكنه انحراف يعاقب عليه القانون وقد يؤدي في النهاية إلى استفحاله في حال لم يُعالج! ولعل التقرير الأول للشفافية والنزاهة لعام 2000 أجاد في تفسيره للتعريف الدقيق للفساد الإداري والمالي بأنه "إساءة استغلال السلطة المرتبطة بمنصب معين بهدف تحقيق مصالح شخصية على حساب المصالح العامة ومنها إصدار قرارات مصالح شخصية، التربح، وممارسة السلوك البيروقراطي المنحرف الذي يستهدف تحقيق منافع ذاتية بطريقة غير شرعية وبدون وجه حق" !! ولعلنا سمعنا قصصا عديدة عن ممارسات يقوم بها وزراء ومدراء وحتى رؤساء أقسام أقل ما يُقال عنها بأنها سلوك فعلي للبيروقراطية "المنحرفة " وتستهدف تحقيق منافع ذاتية وتُحرم في نفس الوقت أشخاص من حقها الذي يكفله لها القانون من خلال ممارسة هذا المسؤول لصلاحياته لتحقيق مكاسبه على حساب فئة معينة أو أفراد بعينهم، وآخرها تلك التي انتشرت عبر مواقع التواصل الاجتماعي لمواطنة تشكي مديراً لإدارة الموارد البشرية قام بممارسة صلاحياته وحجب عن ابنتها وظيفتها التي تم ترشيحها لها تحت أعذار وحجج واهية من الواضح أن هذا المسؤول لديه أسبابه غير المقنعة ولا تبرر له تصرفه الغير مسؤول في حرمان هذه المواطنة الشابة من الحصول على فرصتها في الحصول على وظيفة مناسبة لمؤهلاتها وقدراتها. هذا المسؤول للأسف يمثل حالة من حالات الفساد الإداري الذي تُعانيه هذه الوزارة لاسيما وأنه في كل الأحوال سواء بموافقة الإدارات المعنية أو عدم موافقتها فإن قرار التوظيف بيده ومن يملك "ود ورضا " هذا المدير فسيضمن الوظيفة لابنه أو أخيه أو قريبه أو صديقه، وهذه لعمري قمة البيروقراطية وإساءة استخدام السلطة!! وعندما نرى مؤسسة أو هيئة حكومة أو شبه حكومية يُمارس فيها مدراء الموارد البشرية أو أمناؤها العامون أو مساعدو الوزراء ورؤساء الهيئات للشؤون الإدارية والمالية صلاحياتهم في التوظيف، ونراهم يوّظفون أقاربهم وأصدقاءهم في الأماكن التي تزيدهم قوة وتحافظ على بقائهم دون محاسبة أو رقابة فهذا نخرٌ واستفحال للفساد لن يؤدي إلا لفساد أكبر من شأنه أن يُعطل خطط الدولة التي ترمي للإصلاح وتحقيق العدالة في المجتمع! فاصلة أخيرة الأمة التي تُحسن أن تجهر بالحق وتجترئ على الباطل تمتنع فيها أسباب الفساد. عباس العقاد [email protected]