23 سبتمبر 2025
تسجيلالحكم على عطاء الإنسان وصحته لا يقاس بعمره الزمني ، فالعطاء لا يتوقف مادام هناك عزيمة وإرادة وقدرة ، أليس كما قيل في الحديث "إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها ". فلم يحدد العمر الزمني للعطاء والعمل ، وصحة الانسان لا تقارن بعمره ، فالأمراض المعاصرة الشائعة يتعرض لها الصغير. والكبير ، والعطاء في العمل يتحدد بمدى الانتاجية والدقة والجودة ، فكم من متقدم في السن ومازال يقوى بجسده وفكره على تأدية دوره الوظيفي بدقة واخلاص أضعاف ما يؤديه شاب في مقتبل العمر ،، وليس أدل على ذلك الدول المتقدمة التي مازالت تولي المرحلة العمرية الستينية وما فوق اهتماما وإصرارا على البقاء في العمل للاستفادة من خبرتها ودقة اتقانها في العمل ، بل هناك من يشتري الخبرات ويدفع أموالا طائلة ، فالحديث عن من تجاوز الستين ذو شجون ،وكأن من يصل لهذا العمر أصبح وصمة على المجتمع ويهمش دوره ، وينسى وجوده . فالتاريخ والواقع يؤكدان أن هناك عباقرة في السياسة والأدب والفن والطب وغيرها لمعت عبقريتهم وانجازاتهم ما بعد الستين . ولأن الشيء بالشيء يذكر ، المرحلة الأولى التي أعلنتها اللجنة العليا لإدارة الأزمات عن بدء الرفع التدريجي المحكم للقيود المفروضة في قطر جراء فيروس كورونا المستجد " كوفيد - 19" كبداية لمراحل أخرى تدريجية للحظر ، يتحتم على الجميع التقيد به ، وتشكر تلك الجهود لما فيه المصلحة في الحرص على الوقاية للإنسان والمجتمع ، لتأتي المرحلة الثانية إلا انه استوقفني وربما الكثير قرار وزارة التجارة والصناعة بمنع من هم فوق الستين من دخول المجمعات التجارية لأسباب صحية احترازية ، بالرغم من تطبيق الاجراءات الصحية الوقائية المتخذة والساري الآن تنفيذها في الأسواق والمجمعات والجمعيات التجارية ، من قبل وزارة الصحة ، والتي هي مصدر الأمان للوقاية لأي شخص أيا كان عمره ، وأيا كانت صحته ! ومع قرار منع من تجاوز الستين من دخول المجمعات لابد أن يبرز هويته الشخصية للتأكد من عمره أيعقل!! ويشكر الجميع على الجهود في ضوء تلك الجائحة ، ولكن بالمنطق هل ما دون الستين لا يحملون أمراضاً ! إذن ! لماذا لا يمنع ما بعد 60 عاماً من دخول الجمعيات التعاونية ومن المحلات التجارية الأخرى ومن سوق واقف ، جميعها لا تخلو من الازدحام والاختلاط المباشر ، وربما يكون بعضها أكثر خطراً لضيق مساحتها ، فالمجمعات "المولات " التجارية " بسعتها يتخذها البعض "المتقاعدون " بالأخص ، مكانا لممارسة رياضة المشي، أو الجلوس للراحة في مقاهيها ، خاصة مع حرارة الصيف ، فكيف غاب ذلك عن المسؤولين ، ونحن ندرك حرصهم واهتمامهم لكن ! ليس معنى ذلك ما دون 60 لا يحملون أمراضًا مزمنة ، فالقرار يحتاج إلى اعادة ودراسة فالكثير في المجتمع تجاوز الستين ومازالوا في صحة وقادرون على ممارسة حياتهم وبصورة طبيعية ، في الدول الأجنبية بالأخص نجدهم يمارسون نشاطهم في أي مكان بحرية ، كما يمارسون وظائفهم . وهنا لا ندرك متى يبقي العمر الزمني للإنسان هو المقصلة التي تتحكم في سير حياته ، وتحدد انتاجاته ، وتعطل طموحاته ، وتوقف مسيرته الوظيفية ، وكأن عجلة الحياة عنده يقف مؤشرها عندما يتجاوز ما بعد 60 عامًا ، وليس أدل على ذلك الاستغناءات الوظيفية المفاجئة التي تتلقاها تلك الفئة في مختلف مؤسسات ووزارات الدولة ليصنف معها في فئة المتقاعد ، وهو مازال قادرا على العطاء والإنتاج ، حتى أصبحت ظاهرة مجتمعية وظيفية أزلية ، بالرغم أن بعضها تعتمد على عناصر أجنبية تجاوز عمرها الزمني ما فوق 60 عامًا باختلاف الوظائف الإدارية والمهنية ، وربما من العاطلين في دولهم ، فثقافة العمر الضائع في مجتمعنا لا تجد لها موقعا في الدول المتقدمة باعتبار ما تمتلك من خبرات متراكمة ،وحكمة بليغة ،ونظرة شمولية في مختلف أمور الحياة ، استطاعوا تطويرها وتثبيتها بفضل سنوات العمل والجهد وخدمة أوطانهم ، لذلك مثل تلك الطاقات العمرية تستثمر بالشكل الأمثل ، لإيمانهم ما بعد الستين عاما أكثر عطاءً وأدق انجازا ، وأوسع خبرة ومعرفة ، واصدق مشورة ، فهناك المدرب والاستشاري والمعلم ، فإلى متى يوضع ما فوق الستين على هامش الحياة ، معنى ذلك لابد من إبراز البطاقة الشخصية أو الهوية للتحقق من العمر قبل دخول المجمعات ربما يدفع للحرج ، فمتى كان الدخول لأي مجمع تجاري في العالم يعتمد على إبراز الهوية حتى في الظروف الاستثنائية ما عدا الظروف الأمنية !!! [email protected]