31 أكتوبر 2025
تسجيلgoogletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); نتيجة لسرعة التطور الحضاري والتكنولوجي الهائل فقد لعبت المؤسسات المالية والاقتصادية (إسلامية – تجارية) دوراً مهما في تمويل الاقتصادات المعاصرة حيث إنه في ظل اتساع الدول وكثرة عدد السكان وكبر حجم المشروعات القومية العملاقة يصبح من المتعذر تلاقي أصحاب فوائض الأموال (المدخرين - مستثمرين - مالكين ) مع من يحتاجون إلى أموال من العملاء (فرد - شركة - دولة) للقيام بأنشطتهم الاقتصادية لذلك كان الائتمان أفضل وسيلة لإشباع الحاجات المستجدة بفعل سرعة تطور الأسواق المالية والاقتصادية وظهور العولمة فأصبح وسيلة لزيادة الطاقة الإنتاجية بتأمين المواد الأولية والأصول الإنتاجية كما أنه أصبح وسيلة لتمويل أنشطة المضاربات حيث ينظر المضارب باستمرار للتغيرات المتوقعة في الأسعار فيقدم على شراء السلع والأوراق المالية عند توقعه ارتفاع أسعارها كما قد يقدم بقصد زيادة الاستهلاك بغية تحريك الأنشطة الاقتصادية، ومع زيادة الطلب على الائتمان ظهرت مؤسسات غير مصرفية تمنح الائتمان (شركات التمويل والاستثمار والتوظيف) لذلك ظهرت الحاجة لرسم سياسة مخططة وهادفة للائتمان آخذة بالاعتبار جميع العوامل المؤثرة فيه ونتج عن ذلك توجيه تقديم الائتمان لفئات وقطاعات معينة بسقوف محددة ومن هنا كان وجود المؤسسات المالية (إسلامية - تجارية) لتقوم بدور الوساطة بين المدخرين والمستثمرين فتقترض الأموال من المدخرين وتقرضها للمستثمرين وهي بذلك تجمع لديها أموال المدخرين وتعيد ضخها إلى القطاعات الاقتصادية المختلفة للأموال (الدورة المالية والاقتصادية) فكلما كان الوسيط المالي (المصرفية – غير المصرفية) أكثر كفاءة كان التدفق المالي عن طريق الائتمان أكثر قوة أما إذا اتسم الائتمان المصرفي بعدم الكفاءة أدى ذلك إلى بطء تدفق المال في المجتمع (توقف عجلة الدورة المالية والاقتصادية) وضياعه مما يؤدي إلى أزمات يعاني منها الاقتصاد عامة وأقرب مثال الأزمة التي عاشها الائتمان المصرفي في بعض الأسواق العالمية مؤخرا الأمر الذي يؤكد أن أي خلل في الائتمان المصرفي يؤدي إلى خلل عام ليس فقط في أعمال المؤسسات المالية وإنما في مجمل الحياة الاقتصادية للمجتمع بشكل كلي وهو ما سيتم عرضه بالتحليل وفق محاوره التالية:أولا : الائتمان المصرفي ( credit )الائتمان المصرفي هو الحصول على التمويل من الغير فالأصل أن يمول (الفرد - المؤسسة - الدولة) أنشطتها الاقتصادية من مالها الخاص وهو ما يطلق عليه التمويل الذاتي ولكن في ظل كبر حجم المشروعات وزيادة حجم التمويل المطلوب يلجأ للغير لاستكمال ما يلزم من أموال للقيام بأنشطته الاقتصادية وذلك بطلب التمويل من الآخرين وقد يتم ذلك في صورة علاقة مباشرة بين طالب التمويل والممول أو يتم من خلال وسيط مالي هي المؤسسات المالية (مصرفية - غير مصرفية) ويتم هذا التمويل الخارجي بأساليب إسلامية عدة منها صيغ (المشاركات - البيوع - الإيجارات) والذي يقوم على اقتسام العوائد وتحمل المخاطر بين الطرفين أو على أسلوب المدينات التجارية والذي يختلف بالنظام الإسلامي وبناء على ذلك يمكن القول إنه "اصطلاح اقتصادي يطلق على القروض التي تمنحها المصارف لعملائها والتي أصبحت لها أهمية في الاقتصاد المعاصر".ثانيا: أهمية الائتمان المصرفي الائتمان المصرفي بصورة عامة يدور في إطار المديونية التي تنشأ عند تقديم الائتمان من المؤسسة (مصرف - شركة) والعملاء (مستثمرين - مالكين) في صورة قروض مصرفية بجميع صورها وأشكالها على ألا تتم هذه القروض بصيغ الفائدة (مدينة - دائنة) التي تحرمها الشريعة الإسلامية ومع زيادة الأهمية للائتمان المصرفي ظهرت الحاجة إلى رسم سياسة ممنهجة هادفة تشمل جميع العوامل المؤثرة لانتشاره ولأهميته القصوى ظهرت مؤسسات غير مصرفية تمنح الائتمان أيضا ومن الناحية الاقتصادية الإسلامية تنطوي الأهمية في إطار تنظيم المداينات والعقود في الشريعة الإسلامية كالتالي..أولاً: الأهمية المالية منح القروض والتسهيلات المصرفية من الوظائف الأساسية للعمل المصرفي (مانح الائتمان) حيث يتم استخدام نسبة من موارده المختلفة ودائع ومدخرات في شكل قروض وتسهيلات شرعية تمنح للجهات المقترضة وتحقق المصارف من وراء ذلك عوائد مالية تشكل النسبة الكبرى من الأرباح المحققة من النشاط المصرفي.ثانيا: الأهمية الاقتصادية الحصول على التمويلات والتسهيلات المصرفية الشرعية يمكن المقترض (فرد - شركة - دولة) من تغطية العجز المالي الذي قد يشل حركة نشاط (الدورة المالية والاقتصادية) فهو بذلك يفتح المجال أمام حركة الإنتاج والنمو في مجالات العمل المختلفة ويمكن الوحدات الاقتصادية من تحقيق أهدافها والاستمرارية في ممارسة نشاطها المالي والاقتصادي والاجتماعي.ثالثًا: الأهمية المجتمعية الاستخدام الأمثل للموارد المتاحة (الإنتاج - التوزيع - الاستهلاك) يفسح المجال أمام خلق فرص استثمارية جديدة أو التوسع في الأنشطة الحالية وفي جميع الأحوال يترتب على ذلك زيادة في الإنتاج والخدمات والتي تؤدي إلى فتح مجالات جديدة للتوظيف وزيادة مستوى الدخل لأفراد المجتمع تحقيق المزيد من التنمية الاقتصادية.ثالثا: وظائف الائتمان المصرفيللائتمان المصرفي أدوار ووظائف أساسية في جميع مجالات الحياة (الفرد - المجتمع - الدولة) ومن أهم وظائفه: تمويل الإنتاج واحتياجات تنمية الاستثمار الإنتاجي تتطلب قدرا كبيرا من سيولة رؤوس الأموال لذلك أصبح اللجوء للمؤسسات المالية المصرفية أمرا طبيعيا وضروريا لتمويل العمليات الإنتاجية والاستثمارية المختلفة. تمويل الاستهلاك وتمويل المستهلكين الذين يرغبون في شراء السلع الاستهلاكية المعمرة وليس لديهم باستطاعتهم القدرة على دفع الثمن نقدا ويأتي هنا دور الائتمان لزيادة القدرة الائتمانية الحالية للمستهلك وقت شراء السلعة ومن ثم استرداد الثمن بالإضافة للعوائد على أقساط أو في موعد يحدد حسب صيغة التمويل الشرعية المعتمدة. تسوية المبادلات وتسوية المديونات وإعادة جدولتها وفقا لمبادئ الشرعية وإبراء الذمم وتظهر أهميته من خلال وسائل الدفع الائتمانية الحديثة في المجتمع فزيادة الأهمية النسبية للودائع الجارية من إجمالي مكونات عرض النقد يعني استخدام الائتمان استخداما واسعا في تسوية المبادلات وإبراء الذمم بين الأطراف المختلفة ويلاحظ ذلك في الدول الغربية. رابعاً: قواعد منح الائتمان المصرفي تحولت مهمة قبول الودائع في العمل المصرفي إلى ممارسة عمليات الإقراض والتمويل وفقا للصيغ الشرعية في التمويل والاستثمار التي نصت عليها الشريعة الإسلامية ليصبح الركن الأساسي لأعمال المصارف الشاملة هي قبول الودائع والمدخرات من جهة وتقديم التسهيلات الائتمانية والخدمات المصرفية بمختلف الصور من جهة أخرى فمتخذ القرار الائتماني في المصارف لا يستطيع أن يتنبأ بنتائج قراره بدقة كاملة ولكنه يستطيع عن طريق تحليل المخاطر المصاحبة لعمليات الائتمان أن يصل لتقدير احتمالات موضوعية محددة القرار الذي سوف يأخذه فالقرارات السليمة التي تشعر فيه المؤسسات المالية المصرفية بأن ( العائد - الأمان - السيولة ) سوف تتولد عنه يوازي أو يزيد على درجة المخاطر الذي تحيط به وعليه فإن الائتمان المصرفي يجب أن يقدم استنادا إلى مجموعة من القواعد والأسس المستقرة المتعارف عليها، وتشمل: 1) توفر الأمان والأمن لأموال المصرف وذلك يعني اطمئنان المصرف إلى أن المنشأة التي حصلت على الائتمان سوف تتمكن من سداد التسهيلات الممنوحة لها مع أرباحها في المواعيد المقررة.2) تحقيق الربحية والمقصود بذلك حصول المصرف على عائد من التسهيلات والخدمات الائتمانية التي يمنحها للعملاء تمكنه من دفع العائد على الودائع المستثمرة لديه ومواجهة التزاماته وتحقيق عائد أيضا على رأسماله المستثمر على شكل عوائد لمالكيه ومساهميه. 3) السيولة يعني احتفاظ المصرف بمركز مالي يتصف بالسيولة أي توفر قدر كاف من الأموال السائلة لدى المصرف النقدية والأصول التي يمكن تحويلها إلى نقدية سريعة أما بالبيع لمقابلة طلبات السحب المفاجئ دون تأخير وهدف السيولة دقيق لأنه يستلزم الموازنة بين توفير قدر مناسب من السيولة وعدم تعطيل المال عن الاستثمار والإنتاج ومعه فقد الربحية وهو أمر قد يتعارض مع هدف تحقيق الربحية ويكون علي إدارة المخاطر بالمؤسسة الناجحة مهمة الموائمة بين هدف الربحية والسيولة والأمان.خامسا: الدراسات التنظيمية كأحد تطبيقات الائتمان المصرفي وفق القواعد والمعايير الشرعية.تقوم المؤسسة المالية الوسيطة (مصرف – شركة) بعمل إدارة وتنظيم لمجموعة من الدراسات والأبحاث التنظيمية سواء الإدارية أو القانونية أو الشرعية اللازمة لطالب الائتمان ( فرد – مؤسسة – حكومة ) وفي قراءتي لأحدث توصيات ونتائج الدراسات والأبحاث العلمية في المجال الائتماني والتمويلي الإسلامي التي اطلعت عليها مؤخرا أسفرت عن وجود علاقة عكسية وثيقة بين كيفية تنفيذ تطبيقات الائتمان والتمويل المصرفي بكل الصور (إسلامية – تجارية)، وما يحدث في دراسة الخلل بالقواعد والإجراءات التي تتبع عند اتخاذ قرار منح الائتمان ومتابعة تحصيله، مع الأخذ بالعلم بعدم موافقتها لمبادئ الشريعة الإسلامية الذي يكمن في مقدمة هذه الأسباب من واقع حدوث الأزمات الائتمانية والمصرفية في الأسواق ومن هذه الدراسات التنظيمية: عدم كفاءة الاستعلام الائتماني للتأكد من الجدارة الائتمانية للعملاء بما يعرض أموال البنك لمخاطر السداد وهذا يدخل في باب التقصير والإهمال في العمل من جانب المؤسسات المالية وعدم أدائهم لمسؤولياتهم وهذا أمر تحرمه الشريعة الإسلامية. قصور دراسة الجدوى عن المشروعات (مالية - فنية - تنظيمية - إدارية - قانونية) المطلوب تمويلها وفساد الدراسة لإظهار أن المشروع سوف يحقق عائداً يمكن من سداد القرض وقد يتم ذلك باللجوء إلى مكاتب غير متخصصة وكفؤة وهو من باب التقصير في العمل والتدليس كما قد يتم التواطؤ بين العميل ومكتب الخبرة على إظهار دراسة الجدوى غير الحقيقية وهو من باب شهادة الزور وكلها أعمال تحرمها الشريعة الإسلامية.قصور الأبحاث والدراسة الائتمانية عن طالب التمويل (فرد - مؤسسة) والتي تتضمن ( 5 ) معايير لمنح الائتمان للعميل تشمل مدى السمعة الطيبة بأداء ما عليه من الالتزامات ودرجة الملاءة المالية ممثلة في صافي حقوقه الملكية التي تمثل الضمان العام للديون ثم القدرة والكفاءة في نشاطه ومعدل العوائد لنشاطه التي تمكنه من سداد القرض من تكلفة استخدامه ومدى مناسبة الضمانات التي يقدمها للبنك لضمان استرداد حقه عند توقفه عن السداد وأخيرا دور أعمال الرقابة والمراجعة على تنفيذ التطبيقات وأنه إذا تمت هذه الدراسة بشكل سليم فإنه سوف تخفض درجة المخاطرة وفي هذا الإطار نجد أن الفقه الإسلامي سبق في إقرار هذه القواعد والمعايير في كتاب المعايير الشرعية (لهيئة المحاسبة والمراجعة للمؤسسات المالية الإسلامية)، جاء في البيع بالأجل وهو من صور الائتمان أن من واجبات الوكيل ومثله إدارة البنك ضرورة التأكد من أن المشتري أكثر ثقة وموسراً (الملاءة المالية) وجاء في القرض ألا يقرضه إلا لملئ يأمن مطله وجاء في الديون بشكل عام والقروض بوجه خاص أنه على الوكيل الاحتياط ضد مخاطر الائتمان بكل الصور ومنها الرهن والكفالة بالكتابة والإقرار به عند كاتب العدل (توثيقه بالكتابة والشهود) لبيان مدى دقة الشريعة ودورها في تقليل مخاطر الائتمان هذا كله يدل على ضرورة دراسة شخصية العميل لمعرفة سلوكه الائتماني في سداد ما عليه من التزامات من واقع الاستعلام عن معاملاته الائتمانية السابقة ويمتد إلى ضرورة التعرف على كيفية إدارته لهذه الملكية وكفاءته في تشغيلها، فالسفيه مثلاً ليس أهلاً للائتمان مهما كان حجم ثروته لعجزه عن إدارتها بطريقة سليمة وهو ما تحرمه الشريعة الإسلامية.