12 سبتمبر 2025
تسجيلفي خضم التنافسية الشديدة، والتطورات السريعة والمتلاحقة التي يشهدها العالم منذُ دخوله الألفية الثالثة، أصبحت المؤسسات العربية في حاجة شديدة إلى الرفع من قُدراتها الابتكارية والإبداعية، من أجلِ أداءٍ متميز وخلق ميزة تنافسية. وأصبح الإبداع الإداري ضرورة مُلحة تعيد للإدارة والمؤسسة روحها من أجلِ المضي قُدمًا نحو الريادةِ والتفرد. والإبداع الإداري يتمثل في قدرة الإداريين على ابتكار أفكار جديدة وغير تقليدية، ووضع حلول للمشكلات، وتحسين العمليات وأدائها بشكل مُتميز، وتطوير دائم للخدمات والمنتجات، وتقبل التغيير وإدارته بشكل فعال ومُثمر. وللإبداع الإداري عدة مستويات، منها الإبداع الإداري على المستوى الفردي بحيث يكون لدى الفرد الإداري إبداع في تطوير العمل ويساعده في ذلك ذكاؤه وموهبته. وهناك الإبداع على مستوى الجماعات، بحيثُ تكون هناك جماعة داخل مؤسسة معينة لديها رغبة في التغيير، وتطبيق الأفكار الجديدة على أرض الواقع. وأخيرًا الإبداع على مستوى المؤسسات وهذا لن يتأتى إلا عن طريق الإبداع الفردي والجماعي أولًا. وللإبداع الإداري أهمية داخل المؤسسة، حيث يساعد المؤسسة على الانفتاح على الأفكار الجديدة، ويساعدها على النمو والاستقرار، وزيادة الإنتاج، ومواجهة جميع التغيرات التي تطرأ على البيئة الداخلية والخارجية. كما أنه وسيلة من وسائل تنمية رأس المال البشري، حيث يساعد الأفراد داخل المؤسسة على استنباط الأفكار والطرائق الجديدة، وتحويل الوظيفة إلى عمل ممتع عن طريق المواءمة بين مسؤوليات الوظيفة والإبداع، وبالتالي يحد من التسرب الوظيفي. ولكن الإبداع الإداري في بعض مؤسساتنا العربية يواجه عدة صُعوبات وتَحديات كثيرة منها، معوقات شخصية ترجع إلى الفرد ذاته، وتفكيره وقناعاته مثل، رفضه للتغيير، وعدم رغبته في تحمل المسؤولية والمخاطرة، ونظرته السلبية نحو التفكير الإبداعي، والخجل من الرؤساء، وعدم قدرته على الخروج عن المألوف. وهناك أيضًا معوقات تنظيمية تتمثل في القائد المتسلط، وكثرة البيروقراطية، وقلة التفاعل بين العاملين داخل المؤسسة. وشيوع الثقافة التنظيمية التقليدية الجامدة الرافضة لكل ما هو جديد. ولدعم الإبداع الإداري فلابد من إتاحة الفرصة للمَرْؤوسين للمشاركة في عملية صنع القرار، وصقل مهاراتهم، وغرس القيم والاتجاهات التي تشجعهم على الأداء المتميز، وخلق بيئة عمل ملائمة تشجع على الابتكار، وتحفز الموهوبين، وتشجع على التعلم الذاتي، من خلال توفير موارد تعليمية مثل الكتب والمجلات والمواقع الإلكترونية، لمواكبة التطورات، مع مشاركة قصص النجاح مع الموظفين لإلهامهم وتشجيعهم. فالإبداع الإداري يتطلب التعلم المستمر، والحماسة الشديدة في تحقيق الأهداف، والرغبة في تقديم قيمة جديدة.. فليكن قادة مؤسساتنا قادة مُلهمين، ويكون نشر ثقافة الإبداع ذا أولوية في مؤسساتهم.