15 سبتمبر 2025
تسجيلقصة طريفة سمعتها من أحد الأصدقاء الأعزاء فحببت أن أسردها لكم كما رويت لي. يقول صديقي كنت مسافرا في رحلة سياحية الى احدى الدول الغربية، وفي أحد مطارات هذه الدولة وعند بوابة الصعود للطائرة تراصف المسافرون في صف طويل استعدادا للدخول للطائرة، وكانت عادتي ألا أستعجل في الدخول للطائرة حتى اتجنب الازدحام الذي يحدث دائما بين المسافرين في ممرات الطائرة الضيقة، وبينما انا جالس بالقرب من هذا الطابور الطويل لاحظت ان هناك رجلا غربيا مع عائلته قد جاء مهرولا من الخلف وهو يحمل الكثير من الشنط وكان برفقته زوجته وطفلان، وكان يبدو على الرجل الإرهاق من حمله لشنط اليد الكثيرة التي علق بعضها على كتفيه وفي رقبته وشنطتين يجرهما بكلتا يديه، وبما انني دائما ما اسافر خفيفا فقد رق قلبي لهذا الأجنبي، فهرعت باتجاهه وقلت له باللغة الإنجليزية "عفوا سيدي هل يمكنني ان اساعدك في حمل بعض الحقائب وادخالها الى الطائرة معك"، تهلل وجه الرجل الأجنبي وقال لي "شكرا لك، حقيقةً انا اقدر لك صنيعك، هذا ان لم يكن هناك أي تعب او مشقة عليك"، يقول صديقي فرددت عليه "على الاطلاق فأنا أيضا رب اسرة واعرف شعورك وأعباء السفر مع العائلة"، وبالفعل قمت بمساعدة الرجل الأجنبي وحملت بعض الشنط معه ودخلنا سويا الى الطائرة وأوصلته الى مقعده وساعدته في تخزين شنطه في الخزائن العلوية الخاصة بالمسافرين على متن الطائرة، وقام الرجل بإظهار عظيم شكره وامتنانه لمساعدتي له، ثم جلست في مقعدي ولم أره بعد ذلك. يقول صديقي وبعد تقريبا اكثر من عام سافرت الى احدى الدول العربية الشقيقة في رحلة عمل خاصة، وخلال رحلة عودتي حدث لي أمر مشابه جدا لما حدث لي في مطار الدولة الغربية، فقد كنت بانتظار الصعود للطائرة ورأيت احد الاخوة العرب وبرفقته عائلته، وهو يحمل الكثير من الشنط ويهرول للوصول الى بوابة المغادرة لرحلته قبل الاغلاق، والتي صادف انها قريبة من بوابة مغادرتي، فقررت ان اساعد اخي العربي في محنته هذه كعادتي في مساعدة الاخرين، وبالفعل هرعت مسرعا باتجاه اخي العربي وتبسمت في وجهه وقلت له "السلام عليكم ممكن اساعدك في شيل الشنط "، يقول صديقي، وإذا بأخي العربي يرد علي بابتسامة ويقول لي جملة مختصرة بسيطة "خليك في نفسك احسن لك" واستمر في الهرولة هو ومن معه باتجاه بوابة المغادرة. يقول صديقي "بصراحة ذهلت من رد الرجل ولكنني في نفس الوقت لم أشأ ان احكم على رد فعله او أسلوب مخاطبته لي بالسلب أو بالايجاب لأنني بكل بساطة لا أدري ما هي ظروف الرجل قبل ان اقابله، فسكت ورجعت الى بوابة المغادرة". والان عزيزي القارئ ما رأيك؟ هل ترى ان صديقي هذا كما يقال في اللهجة الشعبية "ملقوف" وأنه هو من يسبب الاحراج لنفسه ويضع نفسه في مواقف هو في غنى عنها، ام انه رجل شهم يساء فهمه، وأن هذه هي الاخلاق الحميدة التي يحثنا عليها ديننا الحنيف. وختاما أقول: لقد ذكرتني هذه القصة حال بعض الموظفين في بعض الدوائر الخدمية الذين يتفننون في ممارسة سياستي "خليك في نفسك" و"كبر دمغاك"، فتراهم منطوين على انفسهم ومختفين عن الأنظار، فهم وكما يقال في المثل الشعبي "مايحرك الرابضه" أي لا ترتجى منهم نفع او فائدة، وانما هدفهم بذل اقل جهد ممكن للحصول على الراتب، والبقاء في مناصبهم أطول مدة ممكنة والحصول على ترقياتهم وعلاواتهم بشكل منتظم.