15 سبتمبر 2025

تسجيل

الفساد

15 مايو 2016

googletag.display('div-gpt-ad-794208208682177705-3'); googletag.cmd.push(function() { googletag.display('div-gpt-ad-1462884583408-0'); }); في حملة إعلامية منسقة نشر كل من صندوق النقد الدولي والبنك الدولي الأسبوع الماضي، تقارير ودراسات تسلط الضوء على ظاهرة انتشار الفساد في العالم. ففي حين قال الصندوق إن الفساد بالقطاع العام يكبد الاقتصاد العالمي خسائر تتراوح ما بين 1.5 تريليون إلى تريليوني دولار سنويا في صورة رشى ويتسبب في تكاليف ضخمة أكبر تتمثل في إضعاف النمو الاقتصادي وفقدان إيرادات ضريبية واستمرار الفقر، قال البنك الدولي إن مقابلات أجريت مع مديرين وأصحاب شركات في أكثر من 130 ألف شركة في 135 بلدا خلصت إلى أن 1 من كل 3 شركات ترى الفساد عقبة رئيسية أمام عملها. ونحو ثلث الشركات يتوقع تقديم هدايا لمسؤولين حكوميين من أجل "تسيير الأمور". وتصدرت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هذه القائمة حيث رأى 53% من الشركات التي شملها المسح أن الفساد يشكل عقبة رئيسية في أعمالها.ويعرف صندوق النقد الدولي الفساد بأنه "استغلال السلطة لأغراض خاصة" سواءً في الوظيفة أو الابتزاز أو المحاباة أو إهدار المال العام والتلاعب فيه، وسواءً كان هذا مباشراً أو غير مباشر. ولا شك أن الفساد يعتبر ظاهرة عالمية تعاني منها كافة المجتمعات، ومن صور الفساد استغلال المركز الوظيفي والتزوير وتعيين الأقارب والأصدقاء في مناصب لا تناسب مؤهلاتهم، حيث يؤدي الفساد الإداري بالنهاية إلى الفساد المالي، سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة، وذلك عندما يكون الفساد منهجاً، وحينما تذوب القيم والمبادئ فيصبح الفساد مألوفاً والتحايل على النظام أمراً إبداعياً، ومن ثم يصبح عائقا رئيسيا أمام برامج التنمية. وأظهرت الدراسات التي أجرتها منظمة الشفافية العالمية أن هناك علاقة عكسية حقيقية بين التنافسية ومستوى الفساد في أي دولة. وقد أظهر المقياس العالمي للفساد الذي تصدره منظمة الشفافية العالمية لعام 2014، أن نسبة الذين دفعوا رشوة في بلدان الشرق الأوسط بلغت 40%، مقابل 5% في أوروبا و2% فقط في شمال أمريكا. وعندما يستشري الفساد في بلد ما، فإن ذلك سيؤدي إلى زعزعة الثقة في النظام الاقتصادي والأسواق وزيادة البطالة وتفشي الفقر لعدم الكفاءة والمساواة.وفي دول مجلس التعاون الخليجي، يلاحظ أن فترات الطفرة التي عاشتها دول التعاون أحدثت فجوة في البنية الاقتصادية الاجتماعية. فمن الناحية الاقتصادية كان السوق التقاولي يحوي مئات المليارات من المشاريع والصفقات التي فتحت شهية ضعاف النفوس خاصة أن الشركات الأجنبية التي تنفذ هذه المشاريع كانت تحرض وتشجع على هذه الظاهرة وهي تعتبر مسؤولة مسؤولية مباشرة عن تفشيها في دول المجلس. ومن الناحية الاجتماعية، كان لتلك الفجوة تأثير سلبي على القيم الثقافية والأنماط السلوكية السائدة لدى بعض الفئات. كما أن هناك أسبابا تربوية واقتصادية وقانونية ساهمت في وجود هذا الخلل، وإن كان سوء الصياغة القانونية واللوائح نتيجة غموضها أدى إلى الفساد الذي تسعى دول التعاون للحد منه.وعمدت دول التعاون لمواجهة ظاهرة الفساد من خلال وضع آليات معنية وهي نظام الإجراءات الجزئية، ونظام المرافعات، ونظام المحاماة، إضافة إلى إقرار إستراتيجيات وطنية لحماية النزاهة ومكافحة الفساد، حيث تعمل هذه الأنظمة على الحد من الفساد بصورة غير مباشرة.وهي بلا شك خطوات إيجابية سليمة في مجال مكافحة الفساد، لكن وضع هذه الأنظمة والإستراتيجيات وحده لم ولن يكفي، ويبقى التقدم الفعلي مرتبطا بوجود مؤسسات رقابية فاعلة وذات صلاحيات وتؤسس وفق لقواعد حوكمية تفك تضارب المصالح لدى الأشخاص الذين يديرونها والآليات التنفيذية الواضحة لتعزيز تطبيق هذه الإستراتيجيات بشكل مجد، كما تلعب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة دورا كبيراً وجوهرياً في المساهمة في تسليط الضوء على هذه الظاهرة ومحاربتها.ومن أجل تفعيل هذه الإستراتيجيات فإنه لابد من فتح خطوط ساخنة للإبلاغ عن حالات الفساد الإداري والمالي، وتسهيل وتشريع كافة الإجراءات لتمكين المواطن والمقيم من الإبلاغ عن حالات الفساد، وكذلك إعادة النظر بالأنظمة واللوائح وسرعة إصدار الأحكام القضائية وتفعيل دور الأجهزة الرقابية.كذلك لابد من إخضاع هذه الإستراتيجيات لآليات تقيس مدى فاعليتها ونتائجها وتقويمها. كذلك ضرورة تفعيل دور المؤسسات ذات الصلة بالمراقبة والنزاهة وإنشاء هيئة مستقلة تعنى بالفساد المالي للقطاعين العام والخاص، إلى جانب وضع لوائح وأنظمة فاعلة لتقويم أداء المؤسسات الحكومية لمكافحة الفساد المالي والإداري.وفي الجوانب الحكومية والتربوية، من المهم أن تتركز الجهود على تحفيز موظفي الجمارك والحدود والمراقبة لمنع تهريب الأسلحة والمخدرات، إلى جانب وضع المناهج التربوية والثقافية التي تربي الفرد على القيم السامية وتغرس الولاء والانتماء لدى الناشئة وتعزيز مفهوم النزاهة وتنمية الحس الديني والوطني.