02 نوفمبر 2025
تسجيلأسهمت عقود مشاريع البناء العملاقة في قطر التي بدأت حراكاً إنشائياً وعمرانياً، استعداداً للسنوات العشر القادمة، في تحفيز الأنظمة المالية بالمؤسسات المحلية. فقد ارتكزت مساهمة عقود المشاريع في إضفاء قيمة مضافة للشركات الوطنية والشراكات الخليجية والخارجية المتعاقدة للبناء في مشاريع البنى التحتية والنقل والسكك الحديدية والمطار والموانئ، إضافة إلى إعطاء دفعة قوية لتنمية السوق المالي. استشهد هنا بتقرير خليجي نشر مؤخراً يفيد أنّ دولة قطر احتلت المرتبة الثالثة خليجياً كأنشط سوق للبناء في دول مجلس التعاون الخليجي خلال العام الماضي بعد المملكة العربية السعودية والإمارات، وبعقود بلغت قيمتها "10،5"مليار دولار. ويشير إلى أنّ عقود المناقصات العملاقة استحوذت على مشاريع البنى التحتية وقطاع النقل والبناء، وحظيت الشركات الوطنية بنصيب وافر من الامتيازات كما كان للشراكات الخليجية النصيب الأكبر من تلك التعاقدات، معللاً ذلك باستضافة قطر لبطولة 2022 واستعداد الدولة للتحضير لرؤيتها الوطنية 2030، التي تتطلب المزيد من حركة البناء في مختلف أوجه التنمية. كما توقع حجم الإنفاق خليجياً أن يصل الإنفاق على البنى التحتية في قطر إلى "150"مليار دولار، وقد بلغت عقود البناء في الإمارات العام 2012 حوالي "16،2" مليار دولار، وفي السعودية بلغت "15،6"مليار دولار. ويؤكد أنّ العقود الضخمة للبناء تبعث على التفاؤل في ظل توجه أنظار الشرق الأوسط لمنطقة الخليج، للفوز بفرص بناء تحقق عوائد ربحية على المدى البعيد. ويقارن التقرير بين الوضع الراهن لدول التعاون والشرق الأوسط، من أنه يتميز بالاستقرار والدعم اللوجستي الذي توليه الحكومات الخليجية لشراكاتها الوطنية، فيما يعاني الشرق الأوسط من ضبابية الاستقرار السياسي، وتزايد الضغوط الاجتماعية على الحكومات العربية، لتحقيق الاستقرار بقدر الإمكان، وحماية المقدرات الطبيعية للدول من أجل تحريك عجلة الاقتصاد فيها. وأركز في حديثي هنا على انعكاس أثر عقود البناء العملاقة على الاقتصاد المالي للمؤسسات، فقد أسهمت وبشكل مباشر في صياغة منهجية لعمل الشركات الوطنية والخارجية في المشاريع المزمع إنشاؤها، وتقوم هذه المنهجية على إحداث نقلة في البناء والإنشاء في مختلف الأنشطة السياحية والرياضية والخدمية. كما ستعمل المنهجية على وضع رؤى استشرافية للرؤية الوطنية للدولة وللمكانة الرياضية الريادية، التي تسعى الدولة لتحقيقها، وهي تقوم أيضاً على تقاسم مشاريع البناء بين الشركات الوطنية والتعاقدات الخليجية والعالمية لإثراء الخبرات. أعود لحديثي أنّ العقود والمناقصات تقوم على السيولة المالية التي توفرها الدولة للبدء في عمليات التشغيل في 2014، وبدأت في إحداث حراك مالي من خلال التعاقدات والموازنات المرصودة لتنفيذها، وقد تابعنا خلال الأيام الماضية ارتفاعا ملحوظا في أداء السوق المالي وارتفاع مؤشرات الشركات الخدمية والبنائية والعقارية، وهذا يدل دلالة قاطعة أنّ الحراك الإنشائي يعد محركاً للاقتصاد المالي كما تعد السيولة ضرورية لتحقيق العوائد من المشاريع. ويؤيد ذلك تقديرات صندوق النقد الدولي الذي يشير بإيجابية إلى ارتفاع النمو للسنوات القادمة، متوقعاً أن تقود قطاعات النفط هذا النمو مع توقعات بنمو عائدات الموازنات أيضاً، وأنّ هناك خططاً للسنوات العشر القادمة لإنفاق ما يقارب "106"مليارات دولار على المشاريع التنموية. كما توقعت مجلة "ميد" المتخصصة في الشؤون الاقتصادية بالشرق الأوسط أن تطلق قطر مشاريع هائلة تصل تكلفتها الإجمالية إلى "60"مليار دولار لتشييد ملاعب وإنشاء سكك حديدية وقطارات ومترو وتحسين البنية التحتية للطرق. وهذا ما يؤكده تقرير "فيتشر" أنّ دول الخليج ستشهد زيادة في مجمل نواتجها المحلية خلال السنوات الأربع القادمة، بما يتيح الفرص للشركات الخليجية في الدخول في صفقات وتعاقدات للإعمار والإنشاء. يشير التقرير أيضاً إلى أنّ المشاريع الإنشائية الخليجية يقدر نموها بنسبة "19%"، فقد تمّ استكمال مشاريع إنشاءات بقيمة "68،7"دولار في دول مجلس التعاون العام الماضي، الذي شهد نمواً في 2011 بنسبة "48%" وبلغت قيمتها "46،5"مليار دولار، ومن المتوقع استكمالها العامين القادمين بقيمة "81،6"مليار دولار. ومن المتوقع ترسية مشاريع الإنشاءات الجديدة بدول التعاون العام الحالي بقيمة "64،5"مليار دولار، وهي زيادة تجاوزت الثلث عن العام 2012 التي كانت قيمتها "48،4"مليار دولار. كما سيعمل التمويل العقاري على تحريك عجلة الاستثمار المحلي، وانفتاح البنوك على التمويل يعتبر مطلباً لزيادة وتيرة العمل بهذا النشاط، وينوه أنّ تمويل قطاع المقاولات ارتفع من بداية العام الحالي بمقدار "400"مليون ريال ليصل إلى "16،9"مليار ريال. أضف إلى ذلك أنّ مشروعات الدولة الكبرى من المطار الجديد والميناء الجديد والطرق وإنشاء السكك الحديدية والبنية التحتية التي تقدر استثماراتها بـ"150"مليار دولار حتى 2018، سوف تستقطب العديد من المشروعات العقارية خلال السنوات القادمة وستدخل مرحلة الإنشاءات بما ينعش هذا القطاع. ومع النمو الملحوظ في المؤشرات الاقتصادية يتبين أن الاستثمار المحلي يحظى بنصيب الأسد من الموازنات الداخلية، والمرحلة القادمة من الإنشاء والبناء ستكون تجربة حقيقية للشراكات الوطنية في خوض تعاقدات عملاقة.