03 أكتوبر 2025
تسجيللم يعد العمل في مؤسسات العمل الخيري في عالمنا العربي يسير كما كان عليه الحال قبل عقدين أو أكثر من الزمان، حيث كان يكتفي بالزكوات والصدقات التي يجود بها المحسنون وبخاصة في شهر رمضان المبارك من كل عام، أو يرتكز على ريع أملاك وعقارات أوقفها أصحابها في وجوه الخير، وتوزيع ما سبق سواء أكان ماليا أو عينيا على الفقراء والمحسنين من خلال مشاريع ترتكز على الرعاية غالباً، إضافة إلى التفاعل الآني للجمهور مع المتضررين من الكوارث والنكبات والحروب، في إطار التكافل بين أبناء الأمة على مستوى الدولة الواحدة، أو مستوى على العالمين العربي والإسلامي. بعد إعلاء شأن ومكانة مؤسسات المجتمع المدني على المستوى الدولي، إلى درجة تسميتها بالقطاع الثالث، وتطور صناعة التسويق وتنمية الموارد والحملات الإعلامية والتقنيات المرتبطة بذلك، وازدياد عدد الجهات العاملة في هذا الجانب محليا وإقليميا ودوليا، والتنافس المحمود فيما بينها.. صار العمل الخيري صناعة، يسعى للإفادة مما سبق لتطوير عمله في استقطاب الدعم المادي والمعنوي، وتحشيد طاقات الكفاءات والمتطوعين، والترويج لمشاريعه وحملاته، سواء على مستويات الإغاثة أو الرعاية أو التنمية. أجدني مع كل مبادرة تصبّ في مجال تطوير عمل منظمات المجتمع المدني، وبالأخص المؤسسات الإنسانية في بلادنا العربية، وتسعى للارتقاء بأدائه، وهنا لا بد من الإشادة بالمبادرات التي تصب في خانة استقطاب الشخصيات التي لها حضور اجتماعي وجماهيري، لتسخر بصورة طوعية طاقاتها وإمكاناتها وقدراتها للعمل الإنساني، بحكم أنها ضمن خانة المشاهير والنجوم وأصحاب الكاريزما، وبحيث يستفاد منها في الترويج للعمل الخيري، والتوعية به والتعريف بمشاريعه ودعم حملاته. لقد عرفت المنظمات الإنسانية الأممية منذ عقود ما يعرف بسفراء النوايا الحسنة، حيث تلجأ الأمم المتحدة إلى التعاون مع شخصيات عامة لها مكانة في منطقتها للقيام ببعض الأعمال الإنسانية، ويطلق على هذه الشخصية (سفير الأمم المتحدة للنوايا الحسنة)، وهو تكليف تشريفي لمشاهير العالم من قبل المنظمات المختلفة للأمم المتحدة، وأهداف هذا التكليف هو المساعدة في دعم مختلف القضايا التي تعالجها الأمم المتحدة سواء كانت اجتماعية أو إنسانية أو اقتصادية أو متعلقة بالصحة والغذاء. فالغرض من استخدام المشاهير أن شهرتهم تساهم في نشر الوعي والدعم تجاه هذه القضايا. ويمكن لهذا التكليف أن يكون على مستوى دولي أو إقليمي أو محلي في نطاق دولة الشخصية ذات الشهرة. وقد بلغ إجمالي عدد سفراء وسفيرات النوايا الحسنة لمنظمات الأمم المتحدة حتى يوليو من العام الماضي 183 سفيرا. و كانت "اليونيسف" رائدة في الاستعانة بمعاونة المشاهير لخدمة قضيتها. وتحديدا "داني كاي" الذي قام بدور السفير المتجول في عام 1954. أسوق ما سبق للإشارة إلى ماسرّ خاطري من مبادرات جمعية قطر الخيرية النوعية غير المسبوقة على مستوى دولة قطر، والمتمثلة في منح كل من سعادة الشيخ سعود بن عبد الرحمن آل ثاني الأمين العام للجنة الأولمبية القطرية، والإعلامي محمد سعدون الكواري لقب سفيرين لها، من أجل تمثيلها في حملاتها ومشاريعها الإنسانية، وذلك قبل نحو شهر، وسبق لها أن منحت أيضا سعادة الشيخة حصة بنت خليفة آل ثاني مثل هذا اللقب عام 2011. ويشمل التعاون بين قطر الخيرية وسفيريها الجديدين برامج ومشاريع وأنشطة في مجالات التعليم والصحة والطفولة والمرأة والمياه ومكافحة الفقر والثقافة والإغاثة، حيث يقوم سفيرا قطر الخيرية بتمثيل الجمعية فيها. ومع انطلاق معرض "ألم وأمل" لتجسيد المعاناة الإنسانية للشعب السوري اليوم ستدشن الجمعية مشروعا رائدا آخر يخدم نفس الاتجاه ألا وهو "نجوم قطر الخيرية" وهو إحدى مبادراتها التي تهدف إلى تعزيز الشراكة المجتمعية في مشاريع التنمية، وصناعة مجتمع يؤمن بضرورة الإسهام في العمل الإنساني وتوفير الدعم للمؤسسات التي تعمل فيه، وتعزيز الترابط والتكاتف بين النجوم الرياضيين والمجتمع، و تنظيم زيارات ميدانية من قبل النجوم لمشاريع تنموية لقطر الخيرية قيد الإنشاء للتعريف بحجم الضرر، ووقع المساعدات الإنسانية تجاه المحتاجين، كما يسعى إلى غرس القيم التربوية عن طريق شخصيات تحظى بالمحبة، ولها تأثير كبير من هؤلاء النجوم الذين يعتبرون مثالا يحتذى بيه في المجتمع. والعمل على زيادة تنفيذ المشاريع الإنسانية في العالم عن طريق مكاتب قطر الخيرية وشراكاتها في أكثر من 60 دولة في العالم. رجاؤنا أن يسهم تعيين السفراء ومشروع النجوم في الدفع بالعمل الخيري قدما نحو الأمام، لما من شأنه تقديم الدعم المادي والمعنوي له، وتوعية شرائح المجتمع، وبخاصة الشباب بأهمية التطوع في خدمة المجتمع والنهضة به بكافة السبل الممكنة: الجهد والوقت والخبرة والوجاهة والشهرة. والأمل يحدونا أن يتم تفعيل هذا العمل على أرض الواقع والوصول بالسفراء والنجوم إلى الميدان الفعلي للعمل في مناطق الكوارث والفقر والمعاناة، لما لذلك من تأثير إيجابي على المستفيدين المستهدفين لجهة مواساتهم وتقديم الدعم النفسي والمعنوي لهم، وعلى الجمهور في كسب ثقته ودعمه لمشاريع الإغاثة والتنمية وتقديم المساعدات وإقامة المشاريع الإنسانية، بعيدا عن "البرستيج" التي قد تقع فيه بعض المؤسسات، أو السقوط في شَرَك "الشو" الإعلامي الذي قد يكون المحرك والهاجس الذي تهفو إليه أفئدة بعض الشخصيات المشهورة.