18 سبتمبر 2025
تسجيلالبلد المضياف تجد أهله على قدر كبير من الطيبة والألفة بل والمعرفة قياساً على الإحاطة بالجوانب الإيجابية التي تتحقق من ذلك، وتفتخر الشعوب بأوطانها وترتبط بتراثها، وتبرز بهذا الخصوص كل ما هو جميل يعكس أصالة البلد، سواء كان سلوكاً يجسد الأخلاق الفاضلة المؤسسة للأجيال على نحو مؤثر، أو من خلال انتمائها لأوطانها مصدر عزها وفخرها، ويعكف الخبراء في البلدان المختلفة إلى تنويع مصادر الدخل القومي، وعدم الاتكاء على مصدر واحد لما يشكله هذا الأمر من خطورة بالغة لاسيَّما إذا تقلص الطلب على المنتج الواحد، وبالتالي انحسار العائد وما يشكله هذا الأمر من إرهاق للاقتصاد، غير أن ارتفاع الحس في هذه الناحية والارتقاء على نحو يلامس الهموم المستقبلية يقع على عاتق المواطن أيضاً في التفاعل مع خطط الدولة الهادفة للتأسيس السليم للأجيال القادمة من خلال تهيئة بنية تحتية عملاقة تستوفي المعايير الإيجابية لتنعكس على ارتقاء مستوى الخدمات في جميع المجالات مع تسارع الطفرة الصناعية الهائلة التي يشهدها العالم أجمع، إذ إن البنية التحتية القوية بحاجة إلى السواعد للمحافظة عليها وتنميتها وتطويرها بإدراك العقول بأهمية تنويع مصادر الدخل. وتعتبر السياحة أحد المفاصل المهمة والمؤثرة في اقتصادات الدول، وتعول على هذا الجانب كثيرا لاسيَّما وأنها إضافة إلى حماية الآثار والاهتمام بالموروث التاريخي والذي تعتز بإبرازه الشعوب وتفخر بمعالمه كونه يشكل امتدادا للنسق الحضاري للأمم على اختلاف الأسباب التي أنشئت من أجلها تلك المعالم، إلا أنها تبقى للتاريخ وللشعوب. وهو حق جمعي لا يمكن المزايدة عليه أو التقليل من قيمته لما للاعتبارات التاريخية من مكانة يستفاد منها للخبرة والتأمل من خلال توارد السرد المتواتر بمراحل الأمم، من هنا فإن المحافظة على الآثار واجب وطني يحتمه التزام الإنسان بالتصاقه بأرضه وفي إطار المسؤولية الأدبية تجاه هذا الإرث الذي تحيطه الأمم بالعناية والاهتمام لأبعاد ثقافية واجتماعية واقتصادية، وإذا كان الحديث عن الشأن السياحي بشؤونه وشجونه، فإن المتأمل لهذا المفصل المهم سيلحظ حتما مسألة الاهتمام من واقع الرصد والمتابعة لما لهذه الصناعة من أثر بالغ في التطور والنمو وتعزيز قوة الاقتصاد لتشكل السياحة بمفهومها الشامل رافدا رئيسا للدخل القومي. إن إدراك المعنى الخلاق لتبني علاقات إيجابية تستشرف بعد النظر والرؤية الثاقبة لتسطر إضاءاتها الباسمة على كل من يستشعر هذا الدور من الأهمية بمكان. السياحة جسر التواصل ورسالة السلام المعززة للإخاء بين الشعوب والإلمام بثقافات الشعوب للإفادة والاستفادة والارتقاء بالمستوى المعرفي، والجانب السياحي ما فتئ يبرز الصورة الجميلة ويعكس الحب والجمال والبساطة لأهل هذا البلد، وإذا كانت الجهات الحكومية المختلفة الساعد الأيمن لهذا القطاع، فإن تفعيل التكامل يكمن في دور المواطنين لتعزيز هذه الجهود والعائد الأول والأخير للمواطنين أنفسهم. ومن المعلوم أن تكامل الجهود يفضي إلى استخلاص النتائج وفق انسيابية التحقيق وفي ضوء المشاركة الفاعلة والحس الوطني الرفيع يدا بيد نحو مستقبل مشرق مضيء، واستشراف للآفاق بزرع الخير والمحافظة عليه ومن أطر المحافظة ولا ريب الإسهام في قوة هذه الصناعة. إن الدور المأمول يحتم علينا النظر بعين الاعتبار للآثار الإيجابية التي تعود من السياحة للوطن والمواطن، ومن ذلك التيسير والتقليل من تكلفة الأسعار، فقليل دائم خير من كثير منقطع، فالسائح في ربوع الوطن حينما يجد أسعارا عالية، فإنك لن تكسبه إلا مرة واحدة، وبالتالي فإنه سيشرق أو يغرب في المرة القادمة، وهكذا فإنك الخاسر على المدى البعيد لأن القاعدة التسويقية الناجحة تتكئ على المحافظة على الزبون. ومن وسائل الجذب أيضا التحلي بالروح العالية والأخلاق الجميلة ونقل الواقع المشرق للبلد بكل مآثره الجميلة، أي أن التعريف بتاريخ البلد وإبراز آثاره يشكل ولا ريب عنصرا مؤثرا في مجال الجذب والتشويق، سابق الذهن في صنع التصور الجميل الذي سيترك أثرا لدى المتلقي، ولنكن رسائل مفعمة بالحب والسلام لكل راغب في زيارة الوطن والتعرف على تاريخه الثري. إن دور المواطنين في التفاعل والتعاون مع الجهود التي تبذل من الأهمية بمكان، غير أن تعزيز هذا المفهوم من ناحية علمية وعملية لا يقتصر فقط على الأدوات، بقدر ما يشكل المواطن بخلقه الرفيع وتعامله الكريم تعزيزاً يدفع عجلة السياحة إلى الأمام، فهو حجر الزاوية بهذا الخصوص، فلنسهم في دعم التوجهات النبيلة الخلاقة بحسنا الواعي، وإدراكنا لما تشكله هذه الصناعة من خير للبلد وأهله. يتسع القلب الطيب للجميع ليعكس مستوى الخلق الرفيع وتفيض الأحاسيس الجميلة ينابيع تتدفق نبلاً فيرتفع المنسوب ويعزف الاحترام أعذب الألحان، فبقدر ما تعطي ستأخذ وبقدر ما تمنع ستفقد حقاً إن المكاسب بالحفظ جديرة، تتعامل مع الآخر زائراً كان أم مقيما عجوزاً أو ولدا أو من غير أهل البلد فتصنع الابتسامة فكراً ويشكل نبل الأخلاق عنواناً بارزاً لخصال ومآثر نعم للبلد ثقافة، وكلما كان السلوك متسماً بالعفوية تلقائياً دون تكلف كلما زاد بالمرء ارتفاعا، حسن التعامل مع الزائر والمقيم يجسد سلوك الاحترام المتجذر في عاداتنا في أدبياتنا، تفتخر الأوطان بأخلاق الرجال بالشهامة بالكرامة بالمروءة بتجسيد الفضيلة تجد الواحد منهم سطراً في كتاب، زاخراً بالحب بالود يملأ قلبه الإيمان وطاعة الرحمن.