09 أكتوبر 2025

تسجيل

الكورونا والاستفادة

15 مارس 2020

عندما سمعنا عن وجود فيروس "الكورونا" في الصين وانتشاره، قلنا هذا بسبب ما فعلوه في المسلمين وما يأكلونه من الحيوانات ومن قذارة ما يتناولونه من مشروبات، وللأسف الكثير منا قد شمت فيهم، ولكن ما أن وصل إلينا في الدول العربية وبدأ اكتشاف الحالات المصابة ودخل المشكوك في إصابتهم الحجر الصحي، دب الرعب والخوف في قلوبنا وتهافت الناس على البحث عن المطهرات والمعقمات والكمامات مما جعل كل هذه المنتوجات تختفي من الأسواق وترتفع أسعارها بشكل كبير من أجل أن ننظف أيدينا ونبعد عن التلوث الذي قد يأتي من البعض، ومن ثم وبعد ازدياد الحالات المصابة وكثر من دخل الحجر الصحي، اتخذت الدولة مزيداً من الإجراءات الاحترازية التي تحاول معها الحد من انتشار العدوى وتفشي الفيروس، فمنعت التجمعات وأغلقت المسارح والسينما والمتاحف وعلقت حفلات الأعراس والمناسبات في الفنادق وصالات الأفراح، وأغلقت المساجد أبوابها إلا لوقت الصلاة، وتهافت الناس على المجمعات الاستهلاكية والجمعيات من أجل شراء الاحتياجات الغذائية خوفا من عدم وجود هذه الاحتياجات مجدداً بسبب حظر ومنع عدد من الدول من دخول البلاد وتعليق الطيران بيننا وبينها رغم تأكيد المسؤولين وجود المخزون الكبير لدى الدولة، واتخذت الدولة إجراءات الصحة والنظافة ومتابعة القادمين إلى البلاد ووفرت كل السبل الطبية من أجل عدم انتشار الفيروس. وكل هذا جيد وممتاز من أجل المحافظة على صحة وأرواح المواطنين والمقيمين، ولكن يبقى أمراً هاماً في هذا الوقت لابد أن نعي له نحن الأشخاص المسلمين بالذات، أمراً قد غفلنا عنه!! نعم لقد انتشر الفيروس ونحاول أن نطهر أجسادنا منه بالمعقمات، وهناك أمور أكثر أهمية من الأجساد تحتاج إلى تطهير، قلوبنا التي امتلأت حقداً وحسداً وضغينة على بعضنا البعض، ونفوسنا التي نفرت من كثرة الشك والغيرة والكره، وألسنتنا التي تلوثت بفيروسات الغيبة والنميمة وأكل لحوم البشر بالغيب والخوض في أعراض الناس والفتنة التي هي أشد من القتل. هذه الأمور ماهي المطهرات والمعقمات التي سوف تطهرها وتنقيها؟ لابد من التفكير فيها ونحن قابعون الآن في بيوتنا خوفاً من ذلك الفيروس الذي لا يرى بالعين المجرد ومن الصغر بمكان، الذي أجبرنا للبعد عن أشياء نحبها ونداوم عليها كل يوم بالخروج للمطاعم وطلب الطعام من أجل لقطات من كاميرات هواتفنا طلباً للمباهاة والتفاخر، وعن السينما وقضاء أوقات الأسبوع فيها لمشاهدة أفلام لا فائدة من ورائها، حفلات ومناسبات ننفق فيها الكثير من الأموال لمجرد التفاخر، وحتم علينا هذا المخلوق المتناهي في الصغر القعود في المنزل وهي فرصة جيدة لننتبه إلى ما تحتاجه هذه البيوت من اهتمام وخاصة أطفالنا وأبنائنا، وهناك الكثير نحاول أن نجتهد لمعرفته من جراء هذا الفيروس وإجراءات منعه للوصول إلينا. والله عز وجل هو القادر على أن يرده عنا، ولكن لابد من الأخذ بالأسباب واتباع تعليمات الدولة بكل أجهزتها للحد من انتشار هذا الفيروس وعدم التهاون والسخرية مما يحدث والأتعاب مما نحن فيه والعودة إلى الله عز وجل وزوال الغمة التي أغلقت فيها المساجد وخلا المسجد الحرام والمسجد النبوي من المعتمرين المصلين والله خير حافظ. [email protected]