10 سبتمبر 2025
تسجيلقرار وزراء الخارجية العرب الصادر عن إجماعهم، باستثناء الخائف وعميل الولي، باعتبار حزب الله تنظيما إرهابيا جاء بعد سنوات طويلة من اختباء قادة الحزب وراء شعار المقاومة ضد العدو الصهيوني، وهو بالمحصلة شعار طالما رفعته إيران منذ ثورة الخميني حتى اليوم، ولم تطلق رصاصة واحدة، بل اندمجت في حرب باردة مع إسرائيل والولايات المتحدة، حيث استخدمت الحزب اللبناني منصة لها لتحسين شروط تفاوضها مع الغرب، ولكن هل فكر أحد بالخطوة القادمة للحزب وزعيمه حسن نصر الله والقيادة العامة له في طهران، هل سيصمتون ويكتفون بتنديدهم، أم سيلعبون لعبة النار في الداخل اللبناني، خصوصا في شمال لبنان والمخيمات الفلسطينية؟عندما وقعت العملية الإرهابية التي نفذها تنظيم داعش قبل نهاية العام المنصرم في الضاحية الجنوبية، كانت الخشية أن ترتد نار الثأر على مخيمات الفلسطينيين، ولكن لأن نصر الله يلعب بذكاء سياسي لمصلحة استجلاب التعاطف معه بعد اصطفافه خلف جيش النظام السوري لإبادة الشعب السوري وخصوا العرب السنة، لذلك فقد حال دون وقوع انفجار أقوى من الضاحية، فالمخيمات الفلسطينية في الجنوب اللبناني مشحونة بالديناميت السياسي، والشارع السياسي في بيروت يتعامل معها بحذر، والجميع يسمع ويرى ويصبر على ما يجري خوفا من المحذور، ولكن بعد اليوم ليس أمام حزب الله إلا الفوضى وتثوير الشارع ضد سنة لبنان لتحقيق ثأره ضد كل من أيد القرار العربي، ومن غير المستبعد أن نرى حربا جديدة على الأرض اللبنانية.نصر الله كما أسلفت سابقا، يدرك تماما أن القضاء على نظام الرئيس بشار الأسد في سوريا، هو بداية نهاية الحزب، لهذا فهو يستميت في الدفاع عن الأسد، وكذلك فعلت إيران قبل التدخل الروسي، حيث خنقت يدا إيران ونصر الله رقبة الأسد الذي يحكم سوريا بنظام علماني لا دخل للطائفة فيه، ولكنهم جروه إلى مستنقع الطائفية والمذهبية، وفي ظل الرضا الروسي عن مليشيا الحزب التي تقاتل السوريين على أرض سوريا، وتحاصر المدن والبلدات بمساعدة جيش النظام، لا يمكن توقع نهاية فورية لسلطة الحزب على الأرض اللبنانية أو السورية.لهذا فإن من الأحوط اليوم للدول العربية المنخرطة في العملية السياسية والعسكرية ضد التدخل الإيراني في الأرض العربية، هو عدم ترك الساحة اللبنانية لتسيطر إيران فيها على الشارع السياسي بعدما سيطرت بواسطة حزب الله على القرار السياسي، لأن ذلك يعيدنا إلى المشهد العراقي عقب الغزو الأمريكي وسقوط النظام البعثي وإخلاء الساحة لإيران التي عززت وجودها اليوم هناك، بينما تخلت الدول العربية المعنية عن الشيعة العرب، حتى تسيد الساحة السياسية آنذاك عملاء إيران، وتعاظمت النزعة الطائفية، وانفجرت الأرض عن فصائل متقاتلة انتهت اليوم إلى فسطاطيين أحدهما موال لطهران تماما، والآخر تنظيم داعش وما يسيطر عليه من مدن وبلدات لا حول لسكانها ولا قوة، إذ يقتل سنة العراق على يد مختلف المتقاتلين والمجانين.إن أكثر ما يؤرقنا في القضية اللبنانية هو وضع المخيمات الفلسطينية لأنها الحلقة الأضعف في لبنان ومن الممكن وبسهولة أن تكون هدفا سهلا للنظام السوري وإيران لتصفية حساباتهم مع الدول العربية، وهذا يستوجب إعادة تفكير لبناء جبهة عربية قوية تدعم وجود وبقاء المخيمات الفلسطينية هناك في مأمن من كل الخلافات الداخلية والخارجية داخل وخارج لبنان المنقسم على نفسه أصلا، علما بأن كثيرا من الساسة والقادة اللبنانيين لا يخفون رفضهم لبقاء الفلسطينيين على الأرض اللبنانية منذ وقت بعيد، ونخشى أن نرى مشهدا لا قدر الله يشبه مشهد مخيم اليرموك في جنوب دمشق حيث تم تهجير الآلاف من الفلسطينيين المقيمين هناك إلى دول الجوار.إن الصراع في سوريا لن تنقشع غيمته عن شيء مفرح، لأن السنوات الخمس الماضية غيّرت النفوس وخلقت جيلا مقاتلا لن يرضى بأن تعود الحياة السياسية كما كانت عليه تحت أي ظرف وأي حل، فالحروب تنتج أجيالا متمردة ومشوهة التفكير، خصوصا عندما تكون الحرب أهلية، وبين الطوائف والإثنيات، وهذا ما يجعل وضعنا في الأردن أكثر تعقيدا في ظل وجود أكثر من مليوني لاجئ سوري لن يعودوا بالكامل قبل عشر أو خمسة عشر سنة قادمة.ما يدفعنا إلى هذا الطرح، هو تجارب الدول السابقة في التعاطي مع أزماتها، فالفلسطينيون مطاردون منذ خرجوا من أرضهم ولجأوا إلى البلاد العربية، وفي ذاكرتنا الكويت واليمن ثم العراق وليبيا وسوريا أخيرا، فهل يكون الفلسطينيون هم حطب نار الأزمة اللبنانية في النهاية، هذا غير مستبعد إذا فكر حزب الله وأعوانه وقيادته في الخارج بأن يلعبوا في ملاعب الجيران، فلبنان ستعود "حارة" للنظام السوري بزعامة نصر الله، والحدود مفتوحة مع سوريا، وسيكون تهجير الفلسطينيين من لبنان عبر الجنوب السوري أسهل من مشاهدة مباراة كرة قدم، ولعل الأردن الذي على قيادته أن تنتبه جيدا، سيكون بانتظار موجة لجوء جديدة، ستحرج جميع دول العرب السنة.