16 سبتمبر 2025

تسجيل

الرعاية الصحيّة الأوليّة وصحّة العائلة (صحة 2-3)

15 مارس 2016

أطلقت مؤسسة الرعاية الصحيّة الأولية يونيو 2013 أول إستراتيجية شاملة للرعاية الأولية (بناء المؤسسة – الإستراتيجية الوطنية للرعاية الصحية الأولية 2013-2018) بهدف جعلها أول نقطة اتصال للمرضى بحيث تُقَدم خدمات تركز بصورة أكبر على الأشخاص والعافية للعائلة. وسأقف عند هذه النقطة الأخيرة "عافية العائلة" لأنها جوهرية خصوصا أن العافية للعائلة ككل في مجال الرعاية الأولية تقتضي ألاّ تدخل العائلة وأفرادها فردا فردا على طبيب مختلف في كلّ زيارة وفقا للمعمول به في المراكز الصحيّة وبعد تحولها لنظام المواعيد بما يشبه العيادات أيضا خصوصا في ظل تزامن التحويل في النظام مع عملية الإحلال والإبدال بإنهاء خدمات خبرات طبيّة عريقة بتعيينات جديدة في المراكز ممن هم أقل خبرة وربما أقل كفاءة. هذا ونحن نسأل منذ مدى طويل عن نظام دولي قيل إن الصحّة عملت عليه منذ فترة وهو "طبيب العائلة" أو ما يسمى GP رمزا ل General ـPractitioner المتعارف عليه في مختلف الأنظمة الطبية والذي تأخر تنفيذه رغم أننا تجاوزنا نصف عمر الإستراتيجية المزمعة ورغم تقدم مستوى مستشفى حمد العام في الطبّ وخبرة أطبائه وسأقول القطريين قبل الأجانب، ورغم تقدم مستوى الأجهزة المتوافرة فيه بما يضاهي المستشفيات الدولية.نظام GP يتعامل مع المريض الشامل بمراعاة كلّ العوامل الصحيّة البيولوجية الفسيولوجية والنفسية والتوعوية والوقائية والاجتماعية والوراثية بكافة أشكالها ولمختلف الأعمار بما يحفظ لكل فرد من أفراد الأسرة ملفا متكاملا يغنيه عن تعددية الدخول على طبيب مختلف في كل زيارة. تُـــرَى ماذا عنه ؟ وماذا حصل في شأنه؟ وهل تم فعلا التعاقد فيه مع أحد أكبر الأنظمة في العالم؟ وهل كما قيل دُفعت الملايين منذ فترة الوزارة السابقة وذهبت مع الريح نظرا لوقوع الاختيار على شركات مكلفة جدا أو ربما تجارية تضاهي في تجارتها شركات تأمين "صحّة" أقصد "نهبه" التي سلفت! وهل صحيح أنه لم يتم إيفاء وقت وشروط العقود حتى كبّدت الصحة الدولة غرامات مالية اضطرت لدفعها لشركات أجنبية وفقا للعقود؟لا نعلم الحقيقة من أخواتها ونحن خارج منظومة الصحة، ولكننا نعلم أن تطبيق نظام الطبيب العام أو طبيب العائلة أو ما جاراه أو ما يغني عنه "احترافا" قد تأخر لسبب أو لآخر.ونتمنى ألّا يكون ما لا نعلمه مما مضى سبباً في مغامرة بصحتنا لتعويض الخسائر السابقة من هدر عليه أو على تأمين "صحة" السابق الذي أرادت به دولة قطر في سابقة فريدة من نوعها تقديم أعلى الخدمات لمواطنيها والمقيمين فيها فصار عبئا على موازنتها واستغلالا جشعا من قبل تجّار الصحة من شركات تأمين ومستشفيات خاصة وأطباء خاصّين أيضا نظرا لغياب المراقبة الإدارية داخليا وخارجيا "أعني فوق منظومة الصحّة". وعليه، نأمل ألاّ يتم تحويل الطب إلى شركات أو مناقصات تجارية بمنظومتين: منظومة الأقل كلفة بأجور زهيدة أو أيضا بمنظومة الثقة العمياء في أطباء دول متطورة بذاتها بدعوى تقدمها في الطب دون التمحيص في التجارة الطبية التي طفح الكيل من بعضها في الغرب من استغلال دولنا النفطية. وهنا لا أعيب استقدام أطباء من أي بلد بل قد يكون أطباء دول تعد فقيرة أفضل خبرة وثقة من أطباء دول غنية طالما ابتلينا بتجارة الطب فيها ومنها ولكن المهم التركيز على الكفاءة من أي وعاء خرجت، أي الكفاءة دون جنسيتها، حيث لاحظنا في الآونة الأخيرة الاستغناء عن خدمات أطباء من خيرة الخبرات العربية التي عملت في قطر بكفاءة وعاينت وواكبت واقع تطوّر الطب في قطر وفق أنظمة الربط التقنية في المراكز وحمد ممّن يشكلون نواة طبّ الرعاية الصحية الأولية في قطر ولأسرها ممن عاشرها وخبرها وخبر أمراضها الوراثية والمزمنة لعقود كان الأجدر الإفادة منها في التدريب ونقل الخبرة للجدد بدل الاستغناء عنهم فجأة، وهذا لن يكلف الدولة ما تكلفه الاستقدامات الجديدة دون إرشاد خصوصا أن خبرة الطب تراكمية والتجربة والخطأ تعطي بعدا أكبر مما تمليه النظريات. وفي هذا لسنا ضد تعيينات الجدد بقدر أهمية تزاوج حداثة العلم بالخبرة حتى يصبح نظامنا الصحي متفردا في تحقيق غايات الريادة التي تسعى لها قطر.وأكرر أن أهمية هذا تتجلّى لسببين هو إننا لم نطبق بعد نظام الطبيب المختص "طبيب العائلة" سواء سمّيَ GP أو Family Doctor أو Primary care Provider أو ما يناسبنا من أنظمة شبيهة . أضف لذلك سببا آخر هو تجارة الطبّ في كثير من عيادات الغرب وتكرار الصورة النمطية والسمعة التي يلطخ بها البعض مستشفياتنا ومراكزنا لتلميع الغرب فوق الطب المحلي. هذا وللزمن ونشهد شهادة المجرّب زيارتنا وثقتنا في أطباء المراكز الصحية وحمد العام من الخبرات الدولية والعربية القديمة والخبرات القطرية وتقاريرهم أكثر من ثقتنا في بعض طبّ الغرب ومشارطه، خصوصا أن عددا منّا تعرض لتجارة الطب في بعض دولهم "وأنا منهم" والتي يتورع عنها مستشفانا الحكومي إلا ما كان من قبيل الأخطاء الطبية التي لا يُبرأ منها أي مستشفى حتى دوليا.وعليه لا يضرّ الصحّة في قطر من أن تتخذ من كل دائرة نخباً من أبناء الدائرة لاستشارتهم في مشروع طب العائلة أو الطبيب العام خصوصا أن أمر الرعاية الصحيّة الأولية والطب ومهامّ وزارته تقعان ضمن الخدمات الأساسية للفرد في قطر في المقام الأول ومن ثمّ ضمن مناطق الاستشارة في مجلس الشورى لأنّها المظلة الكبرى لشؤون عوائل قطر "السكّان" الذين هم جمهور الصحة وهدفه وغايته.يتبع في المقال القادم "الرعاية الصحية والقطريون صحّة3/3"