12 سبتمبر 2025

تسجيل

تهدئة أم حالة إنهاك وتخبط؟

15 مارس 2013

تسود مصر أجواء أقل سخونة على صعيد الأحداث الميدانية وأقل حدة على مستوى التصريحات والتخندقات السياسية. المتابع يلحظ أن وقائع الاشتباكات قد خفت وتكاد تكون قد توقفت في كل مناطق الجمهورية دفعة واحدة . توقفت الاشتباكات مع الشرطة في الدقهلية والغربية (المحلة خاصة) وفي القاهرة إلا قليل منها صار أقرب إلى لهو أطفال صغار . وفي بورسعيد توقفت الأحداث وعادت الأحوال إلى الهدوء ويذهب الناس للعمل والطلاب للمدارس ولم يعد هناك حديث عن عصيان مدنى. وفي جانب التصريحات السياسية لم يعد التخندق حادا بل صرنا نسمع ملاحظات انتقادية من البعض على تياره أو خندقه ،كما صرنا نتابع إعلاما أقل شراسة وعدوانية ضد الرئيس.وفي تفسير هذا التغيير ،يمكن القول بأن حكم محكمة القضاء الإداري بوقف إجراء الانتخابات وتحويل قانون الانتخابات إلى المحكمة الدستورية ،قد أراح الجميع دفعة واحدة وأحدث وضعا جديدا صار يتطلب تحركات من نمط آخر. وهو ما يعني أن ما كان يجري من أحداث ناتجا عن خلاف وصراع سياسي . وهناك نظرة أخرى تقول إن الفاعلين والواقفين ،خلف أحداث العنف قد انكشفت كثير من أوراقهم وأدركوا أن أسهم مثل تلك الأفعال صارت هابطة بما يعقد احتمالات اللجوء إليها عند الحاجة إليها مستقبلا .ويمكن القول بأن نمطا آخر من الاحتجاجات صار جاريا بما جعل من يقف خلف أحداث العنف يتحول بجهوده لتدعيم ورفع مستوى الاحتجاجات ،خاصة أولئك الذين يعملون منذ فترة طويلة ضمن رؤية تسعير الصراع الاجتماعي . لكن هناك بالمقابل من يرى أن التهدئة هى عنوان من عناوين تهيئة المناخ للتراجع عن قرار مقاطعة الانتخابات وأن النية تتجه نحو خوضها بما يتطلب تغيير المناخ ،إذ لا يمكن فى ظل تسعير ورفع حرارة الصراع ضد الحكم وكيل الاتهامات له ،أن يجري مثل هذا التراجع .وهناك من يقول إن ثمة اتصالات سياسية جارية وان رئيس الدولة قد أبدى مرونة بشأن بعض طلبات المعارضة ،بما استدعى تخفيف الضغط تجاوبا مع تلك الاتصالات والوعود .وهنا يشار بشكل خاص لاحتمالات إحداث تغيير حكومي قريبا . وفي كل الأحوال يبدو أن الجميع قد وصل إلى حالة من الإنهاك ،كما وصل إلى تقدير بأن معادلات القوة والنفوذ والدور لا تسمح بتغيير حاسم فى الأوضاع القائمة في المرحلة الحالية .وأن التغيير في موقف حزب النور وما طرحه من مبادرة قد أضعف قدرة النظام من جهة ،وأن الخلافات التي جرت فى داخل جبهة الإنقاذ قد جعلتها تدرك حدود قوتها من جهة أخرى . وأن الذي راهن على دفع القوات المسلحة للنزول الشارع والانحياز للمعارضة أدرك صعوبة تحقيق ما أراد ، وأن من راهن على قوة الشرطة المصرية في الوقوف بحسم في وجه المشاغبين المخربين أدرك حدود قدرة الشرطة وحدود السيطرة على قرارها ، بعد أن تمردت قطاعات منها عن العمل، بما طرح مخاوف حقيقية في المجتمع حول احتمالات الوقوع في فخ 28 يناير 2011 حين أخلت الشرطة مواقعها وفتحت السجون ،بما أثار حالة من الاضطراب الأمني ،ما تزال البلاد تعاني منها حتى الآن. لقد اجتمعت عوامل متعددة في مجالات شتى ووصلنا إلى حالة التهدئة أو تغيير الحسابات أو الاستعداد لتغيير المواقف وربما المواقع السياسية أيضا .وفي كل ذلك يبدو السؤال المشهر في وجه النخب السياسية هو :ماذا عن الإنسان المصري البسيط ؟ هل ورد في الخلافات أو كان عاملا من عوامل التهدئة ؟ وأين موقعه في جدول أعمال العمل الوطني الآن؟