30 سبتمبر 2025

تسجيل

صيدلي الأسرة

15 فبراير 2022

تزوجت فتاة بفارس أحلامها وانتقلت للعيش معه ومع والدته، وبعد وقت قصير اكتشفت أنها لا تستطيع التعامل مع حماتها، فقد كانت الأخيرة تنتقدها وتثير غضبها.. ولم يتوقفا يوما عن الجدال والصراخ، كان الزوج بدوره يعانى أحزاناً ومشقة ولم يعد في استطاعة الزوجة التحمل أكثر، قررت أن تفعل شيئا وتضع حلاً لمعاناتها مع حماتها، فذهبت لـ "صيدلي" صديق عائلتها، شرحت له الوضع بالتفصيل وسألته أن يمدها ببعض العقاقير السامة حتى تتخلص من حماتها إلى الأبد!! فكر الصيدلي ثم دخل غرفة التحضير دقائق ثم خرج ومعه زجاجة صغيرة مزودة بقطارة، وقال: ليس من الحكمة أن تستخدمي سُماً سريعَ المفعول وإلا ثارت حولك الشكوك، لذا سأعطيك هذا العقار الذي يعمل تدريجياً وببطء، وعليك أن تجهزي لها كل يومين طعاماً من الدجاج أو اللحم وتضعين عليه نقاط من هذا السم بالقطارة، وفى هذه الأثناء عامليها بلطف وتودد، لا تتشاجري معها أبداً مهما كانت الظروف، عامليها كما لو كانت "أمك" حتى إذا انقضت أيام عمرها لم يشك فيك أحد! سعدت الزوجة بهذا الحل وأسرعت إلى المنزل لتبدأ التنفيذ على الفور، مضت الأيام والشهور وهى تحرص على التنفيذ بكل دقة وتذكر دائماً ما قاله الصيدلي لعدم الاشتباه، فتحكمت في طباعها وأطاعت حماتها وعاملتها كما لو كانت أمها. بعد ستة أشهر تغير جو الأسرة تماما، مارست الزوجة تحكمها في طباعها بقوة وإصرار، نشأ جو من الحب والصداقة بينها وبين حماتها التي تغيرت هي الأخرى، وصارت كالأم الحنون لزوجة ابنها، وأصبح الزوج سعيداً بما طرأ على جو الأسرة وهو يلاحظ كل ما يحدث. بعد هذه المدة ذهبت الزوجة للصيدلي، ولكن هذه المرة لتقول له: من فضلك ساعدني لأمنع السم من قتل حماتي، فقد صارت جداً لطيفة وأنا أحبها الآن مثل أمي، أرجوك لا أريدها أن تموت!! ابتسم الصيدلي وهز رأسه وقال: يا بنيتي أنا لم أعطك سُماً قط! لقد كان المحلول الذي بالزجاجة ماء، أما السُم الذي أوشك أن يقتلك فقد كان قابعاً في عقلك، والآن تأكدت والحمدالله أنكِ برئتِ منه!! تخيلوا لو كان لدى كل أسرة "صيدلي" يتدخل بحكمته لعلاج أي مشكلة أو خلاف، فما نعيشه الآن من تزايد لحالات التصدّع الأسري وحالات الطلاق والخلافات بين الزوج وزوجته أو بين الزوجة وحماتها أو أخت زوجها أو حتى بين الأشقاء أمر مؤسف للغاية يستدعي أن ندق من خلاله ناقوس الخطر، وأن نهب جميعاً لحماية كياناتنا التي على أساسها تنهض وتقوم المجتمعات، نحن بالفعل بحاجة ماسة جداً لأن يكون بيننا "صيدلي" يداوي النفوس ويُقرّب بينها ويُذكّرهم وينتخي فيهم الدم والقرابة والأخوة والمحبة التي لا طعم لحياتنا من غيرها. فاصلة أخيرة عامل الناس بمثل ما تحب أن يعاملوك به، وادفع بالتي هي أحسن، وسايس الناس بالمعروف ولا تتسرع بالأحكام! [email protected]