18 سبتمبر 2025

تسجيل

الصناعات التحويلية وأثرها

15 يناير 2023

أعلنت كل من شركة قطر للطاقة وشركة شيفرون فيليبس للكيماويات هذا الشهر عن استثمار مبلغ 6 مليارات دولار في إنشاء مصنع رئيسي لإنتاج البولي إيثيلين في رأس لفان، المركز الصناعي الذي يقع على بعد 80 كيلومترًا شمال الدوحة، وهو ما يعزز بشكلٍ كبيرٍ من قطاع صناعة البتروكيماويات التحويلية في قطر، مقارنةً بقطاع الاستكشاف والإنتاج الذي يشمل أعمال التنقيب عن النفط والغاز وإنتاجهما. ويتضمن المصنع الجديد وحدة تكسير للإيثان، بطاقة 2.1 مليون طن من الإيثيلين سنويًا، وهو ما يضاعف الإنتاج السنوي للبلاد من الإيثيلين. ومن المتوقع أن يبدأ الإنتاج في موقع التصنيع، المملوك بنسبة 70٪ لشركة قطر للطاقة، و30٪ لشركة تشيفرون فيليبس للكيماويات، في عام 2026. وسوف يُنتج المصنع، وهو الأكبر من نوعه في الشرق الأوسط، نوعين من مشتقات البولي إيثيلين عالي الكثافة بطاقة إنتاجية تبلغ 1.7 مليون طن سنويًا. وتُشكل الراتنجات التي تُنتجها شركة تشيفرون فيليبس للكيماويات باستخدام عملية معالجة الملاط الحلقي loop slurry للبولي إيثيلين حوالي 20٪ من الإنتاج العالمي للبولي إيثيلين عالي الكثافة. ويدخل البلاستيك المصنوع من البولي إيثيلين في مجموعة واسعة من الاستخدامات، بدايةً من الأجزاء الصناعية مثل الأنابيب وصولاً إلى السلع الاستهلاكية في قطاع الترفيه مثل قوارب الكاياك، فضلاً عن استخدامه في تغليف المستلزمات الطبية والأغذية، حيث يتميز بمرونته وقابلبيته للتشكيل بسهولة. ومن المتوقع أن يتزايد الطلب على البلاستيك المصنع من البولي إيثيلين، ولكن هناك مخاوف بيئية تتعلق باستخدامه، رغم إحراز تقدم في عمليات إعادة التدوير وتسريع عملية التحلل البيولوجي. وقد أعلن الشركاء الصناعيون أن مصنع رأس لفان سيكون موفرًا للطاقة وسينتج كميةً محدودةً من النفايات. ويمثل هذا المشروع التنموي تقدمًا إستراتيجيًا كبيرًا في تطوير الصناعات التحويلية بدولة قطر. ويشير الإعلان عنه في وقت ارتفاع أسعار الفائدة والتباطؤ الاقتصادي العالمي إلى أنه يشكل جزءًا من عملية التنمية الاقتصادية والتجارية طويلة الأجل، ولم يُنشأ في استجابة لمتطلبات السوق قصيرة الأجل. ويبرهن هذا المشروع على أن قطر قد رسخت مكانتها باعتبارها قاعدةً لمجموعة أعمال متقدمة اقتصاديًا في مجال البتروكيماويات، فضلاً عن عمليات التنقيب عن النفط والغاز. ويمثل مصنع رأس لفان أكبر استثمار لشركة قطر للطاقة في قطاع البتروكيماويات. وما يعزز الآفاق الاقتصادية لدولة قطر بشكلٍ أكبر حقيقة أن الغاز الطبيعي، وهو من الصادرات الرئيسية للبلاد التي تعتمد على احتياطيات حقل الشمال والتي تعد ثالث أكبر احتياطيات في العالم، يمكن استخدامه كمادة خام أولية في المحطة. ويجري التوسع في عمليات تطوير حقل الشمال، حيث من المقرر أن يرتفع إنتاج الحقل من 77 مليون طن سنويًا إلى 126 مليون طن بحلول عام 2027. وقد مُنحت عقود الهندسة والمشتريات والبناء لأجزاء مختلفة من المشروع إلى فريق متخصص ومتعدد الجنسيات من المقاولين، وهو ما يدل على تنوع العلاقات التي طورتها شركة قطر للطاقة ونضجها، فضلاً عن جاذبية المشاريع القطرية. وسيعزز المصنع من توافر الوظائف التي تتطلب مهارات عالية وتمنح رواتب مرتفعة في قطر، حيث ستستوعب الخريجين من منظومة التعليم العالي الآخذة في التوسع. ومن المتوقع أن تمتد الفوائد الاقتصادية لهذا المشروع إلى ما هو أبعد من قطاع الغاز الطبيعي والبتروكيماويات. وسيكون هناك تأثير مضاعف للمشروع، حيث تشير التقديرات إلى أنه من المتوقع إنفاق ما لا يقل عن 50٪ من هذا الاستثمار في الاقتصاد المحلي خلال السنوات الثلاث المقبلة. وقد جاء الإعلان عن إنشاء هذا المشروع في توقيت ملائم بالنسبة للاقتصاد القطري، حيث يأتي بعد شهر واحد فقط من انتهاء منافسات بطولة كأس العالم لكرة القدم، وهو ما يساعد على منع حدوث الانخفاض الاقتصادي المتوقع بعد انتهاء بطولة بهذا الحجم.