11 سبتمبر 2025

تسجيل

علاقة العشق الممنوع !

15 يناير 2020

لتعرفوا أن ما يحدث بين الولايات المتحدة الأمريكية وإيران ما هو إلا مشهد سياسي لا يبدو أن واشنطن أو طهران على عجلة من أمرهما لإنهائه، انظروا إلى ما صرح به ترامب مؤخرا ونقله عنه وزير خارجيته الأمين مايك بومبيو الذي قال على لسان رئيسه: ( مستعد للتفاوض مع إيران فورا ودون شروط مسبقة ) ! طيب ومقتل سليماني ؟! واستهداف 52 هدفاً إيرانياً ؟! وماذا عن إرهاب النظام الإيراني وقمع الشعب هناك ؟! وتهديد إيران لإسرائيل ؟! وعدم فاعلية الاتفاق النووي الإيراني الأوروبي ؟! ماذا عن كل هذا ليتقدم اليوم الرئيس الأمريكي بعرض الحوار دون شروط مسبقة مع جانب إيران التي تقول إنها لم تنتقم حتى الآن لحادثة اغتيال قائدها الجسور قاسم سليماني الذي تجرأت واشنطن وقتلته في عملية تفاخر بها البيت الأبيض وهو ينقلها للعالم بحذافيرها دون مراعاة لمراجل الغضب التي كانت تغلي في طهران ووعيد الحرس الثوري الإيراني بالانتقام لمقتل زعيمه ؟!.. في نظري لم تكن هذه هي المرة الأولى الذي يمارس فيها ترامب تجارة ( التغزل ) في إيران رغم أن الوقت لا يبدو مناسبا لدى الجانب الآخر ليستمر الرئيس الأمريكي في مزاولة هذه التجارة الرخيصة نوعا ما ! ذلك أن إيران وإن أخفقت نوعا ما في تحقيق الهدف أو الأهداف من ضربتها العسكرية للقاعدتين الأمريكيتين عين الأسد وأربيل في العراق رغم تصريحها بأنها قتلت ما يقارب 58 شخصا فيها وبعد أن تبين بأن الاستخبارات العراقية تمكنت من تحذير نظيرتها الأمريكية من الضربة الإيرانية قبيل وقوعها مما سمح للثانية من إخلاء القاعدتين والخروج بأقل الخسائر البشرية واعتبار أن هذه بتلك وواحدة بأخرى وكفى الله الطرفين شر القتال الذي جمح بأفكار العالم إلى حرب عالمية ثالثة كان يمكن للخليج أن يكون مسرحا خصبا لها ( ونروح ملح فيها لا سمح الله ) !. فالرئيس الأمريكي وحتى قبل أن يقدم على إعطاء أمر قتل سليماني بهذه الصورة التي لم تترك من جثمانه سوى إصبعه المزين بخاتم ياقوت لامع كان قد طرح عرضه بالحوار مع إيران دون شروط مسبقة وكانت طهران في كل مرة تمارس سياسة الرفض المشوب بالتشكيك من وراء دعوة ترامب، وأن الحوار يجب أن يسبقه حسن نية برفع العقوبات الاقتصادية القاسية التي فرضتها واشنطن عليها وهذا ما يراه ترامب غير ممكن في ضوء سخاء العرض الذي يقدمه وبخل إيران في مبادلته هذا الكرم، ولذا فأمام التعنت الإيراني يبدو رئيس الولايات المتحدة مصرا على دعوة رؤوس إيران لطاولة الحوار معه وهذا ما لم يسبقه رئيس آخر من الرؤساء الذين لم يحدث في عهدهم ما تجرأ ترامب على فعله سواء في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني أو في العلاقات الاستراتيجية مع دول الخليج أو حتى مناوشاته التي لا تنتهي مع الدول الأوروبية لا سيما فرنسا التي وصفت يوما ترامب على لسان صحافتها المحلية أنه لا يحترم الرؤساء مثله وأنه عنجهي يتصرف بنرجسية مع نظرائه ولذا إن تحقق يوما ورأينا الوزير ظريف يجلس بهدوء على طاولة مع بومبيو ونظرات ترامب تتلصص عليهما خفية فاعلموا أن هذا الرجل وصل لمرحلة يستطيع بعدها أن يترك البيت الأبيض مرتاحا وعليه فإن طهران لن تمنحه هذا الشعور بالراحة إن لم تكن الدعوة للحوار لا ترتبط بمضاعفة العقوبات عليها والأهم ألا تكون سببا في تسجيل نقاط لصالح ترامب.. علاقة غريبة لكنها مسرحية ظريفة ! يجب أن تعترفوا بهذا !. ● فاصلة أخيرة: الحديث عن واشنطن وطهران مثل الحديث عن قصة ليلى الحمراء والذئب.. معروفة لكنها غير مملة !. [email protected]