10 سبتمبر 2025

تسجيل

ســؤال أزمــة الحصـار

15 يناير 2019

الحل أن نقيم مجلس تعاون خليجي قويا يضمن التكامل مع جواره السياسي لا تحالفا عدائيا الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي نموذج للعلاقة التي تضمن عدم تشابك الملفات السياسية متى ستحل أزمة حصار قطر ؟ . . هذا هو السؤال الذي يطرحه الجميع في الخليج ، لكن السؤال الذي تطرحه الأطراف المستفيدة من هذا الحصار هو : لماذا نحل أزمة حصار قطر ؟ الحقيقة أن أزمة الحصار مثلها مثل أي أزمة سياسية في هذا العالم، فيها دول متضررة بشكل مباشر أو غير مباشر، وفيها دول مستفيدة على المدى القصير والبعيد، لهذا لا يمكن التعاطي مع جميع دول العالم بأسلوب شاعري، ونعتقد أن الجميع حريص على حل الأزمة بقدر حرصنا على ذلك. مع طول مدة الأزمة تختلف رؤية الأطراف الأربعة الخليجية لشكل وطريقة الحل، فقطر مثلاً كانت تريد حل هذه الأزمة المفتعلة في الأشهر الأولى بشكل سريع وفوري، لتجنيب المنطقة وشعوبها التبعات التي وصلنا لها اليوم، بينما قطر اليوم نفسها لا تريد حل الأزمة بالشكل الذي كان يمكن أن توافق عليه في بدايتها، فهي تريد اليوم العديد من المطالب والضمانات التي يمكنها صياغة حل نهائي وآمن للأزمة، حل يضمن إصلاح الضرر المادي الذي تعرضت له الدولة وأفرادها وممتلكاتهم، حل يساهم في رأب جزء ولو يسير من مشاعر الشعب القطري التي تعرضت لما لم يتعرض له أي شعب خليجي آخر من دول شقيقة في المجلس طوال تاريخه، وحل يضمن أن هذه الأزمة لن تتكرر مهما كان السبب سواء أكان ذلك ضد قطر أو غيرها، وحل يجعل مجلس التعاون الخليجي كمنظمة هو الملجأ الأول والأخير للخلافات الخليجية، وللأسف لا يمكن فعل ذلك في الوقت الحالي دون ضمانات دولية ودول راعية لهذا الاتفاق. الولايات المتحدة الأمريكية هي الدولة التي تتصدر مشهد الأزمة الآن كدولة تحاول حلها، وهذا بالتأكيد ليس مجانياً بل في مقابل إدخال دول الخليج في أزمة أخرى تتعلق بمواجهة إيران سواء كان ذلك عبر خيار أمني أو حصار اقتصادي أو حرب عسكرية (وهو خيار لا أتوقع حدوثه ولن يكون مقبولاً لدى أطراف خليجية مختلفة ولن يذهب له أحد حتى الولايات المتحدة وإن هددت بذلك كما فعلت كثيراً في السابق). ليس من مصلحة أحد خلق حالة عداء مع إيران، فهي على المستوى الجيوسياسي جار لنا وستبقى كذلك ولن يغير أحد هذا الواقع الجغرافي، وأي أزمة تعاني منها إيران ستؤثر بلا شك على المنطقة بأكملها، فقط على سبيل المثال نقدر الموقف الإيراني النبيل في هذه الأزمة سواء كان المعلن منه بوقوفها معنا وفتحها للأجواء الجوية والموانئ البحرية أو غير المعلن، ومن غير المعقول أن نتخلى عن دولة وقفت معنا في كل أزماتنا السابقة ضد السعودية وحتى هذه الأزمة من أجل تحقيق أهداف أمريكية قد تتبدل بين ليلة وضحاها كما حدث مع إدارة أوباما التي خانت الجميع وفتحت قنوات اتصال خلفية مع الإيرانيين في الوقت الذي كانت تستعدي فيه العرب ضدهم. والكويت دولة تتمتع بقرب جغرافي كبير من إيران ولها مصالح مشتركة معها ولم تكن الدولتان يوماً في حالة عداء، بينما تتمتع سلطنة عمان بعلاقات طيبة مع إيران لا يمكن تخيل يوماً أنها ستدير ظهرها لطهران من أجل رغبات سعودية أو ضغوطات أمريكية. هذا تحالف مرتبك وأطرافه مختلفون وينشأ وهو ضعيف وسيقودنا لمزيد من الضعف وسيجعلنا في نهاية المطاف في أزمة حقيقية مع جوارنا بعد أن تحقق الولايات المتحدة أهدافها وترحل عنا. الحل أن نقيم مجلس تعاون خليجي قويا يضمن التكامل مع جواره السياسي، لا يستعديهم، ولا يتنمر عليهم، ولا يستقوي عليهم بالغرب، فيه احترام للمصالح المشتركة وقيم في التعاطي مع القضايا الإقليمية وإن اختلفت الرؤى، والجوار السياسي هنا يشمل تركيا وإيران والعراق واليمن، ولا يشمل الكيان الصهيوني. لهذا فإن قطر تقدم اليوم نموذجا مميزا للمنطقة من خلال الحوار الإستراتيجي القطري الأمريكي، حيث تقيم وتعزز قطر علاقتها مع المؤسسات الأمريكية في كافة المجالات بما يضمن أن لا يكون لهذا الحوار علاقة بالمواقف السياسية بين الدولتين ولا تؤثر عليها الأزمات السياسية ولا اختلاف المواقف والرؤى للقضايا حول العالم أو تغيير الإدارات. واليوم إذا أرادت دول مجلس التعاون الخليجي أن يكون لها استدامة في الاستقرار السياسي، فإن عليها أن تسير في الطريق القطري وتعيد الاستقرار للمنظومة بشرط أن يكون فيها القرار للأكثر فائدة للمنطقة لا بالشكل الذي يضمن فيها مصالح «الشقيقة الكبرى» فقط. قطر هي النموذج الأفضل لمستقبل الخليج، ومن سيخرج عن طريق متابعتها . . سيكون الخاسر الوحيد. [email protected]