27 أكتوبر 2025
تسجيلكما توقعت أن تحدث مقالتي الأربعاء الماضي تحت عنوان "اجتماع عائلي في زمن الطيبين" تفاعلا وتجاوبا مع القراء الأعزاء كون هذه القضية أصبحت ظاهرة في كل المجتمعات وليس لدينا فقط ويتفقون معي أن الوضع اختلف وأصبح البيت عبارة عن مطار، والكلٌّ يمسك بهاتفه يفرغ حواسه جميعها فيه، ولقاء الأسرة اليومي من خلال "جروب" مغلق.من الإخوة المتابعين جاء رده بالقول: إن الاقتراب من هاتف المنزل كان محظوراً وممنوعا إلا على الوالدين وإذا رن الهاتف تتعالى أصواتهم بالأمر من بعيد لا أحد يرد ، فهذا الجهاز الساحر ارتبط بمفهوم الأخلاق والحياء، والبنت إذا اقتربت منه كأنها خرجت في الشارع دون غطاء رأس.في الماضي كان الأب عملاقا كبيرا، نظرة من عينه تخرسنا وضحكته تطلق أعيادا في البيت.. وصوت خطواته القادمة إلى الغرفة تكفي لأن نستيقظ من عميق السبات ونصلي الفجر.في الماضي كانت للأم سلطة وللمعلم سلطة وللمسطرة الخشبية الطويلة سلطة نبلع ريقنا أمامها وهي وإن كانت تؤلمنا لكنها جعلتنا نحفظ جزء عم وجدول الضرب وأصول القراءة وكتابة الخط العربي ونحن لم نتعد التاسعة من العمر بعد.في الماضي كان ابن الجيران يطرقُ الباب ويقول: أمي تسلم عليكِم وتقول: "عندكم بصل .. طماطم .. بيض .. خبز" إخوان في الجوار والجدار وحتى في اللقمة.. في الماضي كانت الشوارع بعد العاشرة مساءً تصبح فارغة، وكانت النساء يمكثن في بيوتهن ولا يخرجن أبداً في المساء وكان الرجال لا يعرفون مكانا يفتح أبوابه ليلا سوى المستشفى.في الماضي كان الستر في الوجوه الطيبة الباسمة وكانت أبواب البيوت مشرعة للجيران والترحيب يُسمعُ من أقصى مكان، وكنا نتبادل أطباق الطعام والآن نتبادل الشكوك وسوء الظن.والآن عرفتم من "الطيبون" اللي راحووا؟ إنها الأنفس التي تغيرت وأعمتها الحضارة.. وعرتنا من القيم الإنسانية!! وسلامتكم