13 سبتمبر 2025
تسجيلينحو الاستثمار في المدن الذكية إلى الخوض في مجالات مبتكرة، أفرزها الواقع الاقتصادي الدولي، بهدف فتح أسواق واعدة، وجذب مستثمرين، وإيجاد وسائل بديلة للاقتصاد التقليدي، وتلبية احتياجات تتناغم مع التوسع الجغرافي والاقتصادي، والزيادة السكانية.ويعتبر الاستثمار في المدن مجالاً خصباً في عالمنا، لكون الدول تنحو اليوم إلى إعادة استحداث أنظمة مدنها القائمة أو ابتكار أنظمة حديثة تقوم على التكنولوجيا والبيئة في المدن المزمع إنشاؤها. تطبيقات المدن تتنوع بحسب احتياجات وإمكانات الدول، ونقرأ كثيراً عن تطبيقات المدن الذكية في التكنولوجيا والبيئة والاتصالات وتقنية المعلومات والصناعة، فمثلاً مدن ترتكز على تطبيق مفهوم البيئة، ومدن ترتكز على مفهوم الرقمية، ومدن ترتكز على مفهوم الصناعة وهكذا.وقد شرعت مدن عالمية فعلياً في إرساء مفاهيم تطبيقات المدن الذكية، مثل أتلانتا وبوسطن وشيكاغو ودالاس ولوس أنجلوس وسان فرانسيسكو وواشنطن ونيويورك وطوكيو وشنغهاي وسنغافورة وسيئول وأمستردام. اليوم تشرع مدن عربية وخليجية مثل القاهرة ودبي والدوحة ولوسيل والرياض وأبوظبي إلى إرساء أنظمة حديثة للمدن الذكية، فمنها يأخذ طابع المدن صديقة البيئة، وآخر يأخذ طابع مدن الرقمية.والتساؤلات التي تطرح نفسها.. هل المدن الذكية توفر الطاقة فعلياً؟ وهل تخفف العبء على الموازنات المالية أم أنها أعباء اقتصادية؟ وما جدوى تطبيقاتها على مختلف القطاعات؟ لا يخفى على أحد أنّ الاستثمارات في المدن الذكية أو المتطورة، يعد سوقاً واعدة، لتشغيل قطاعات عديدة مثل الاتصالات والكهرباء والخدمات والمراكز التجارية، كما أنّ عملية التحول من مدن تقليدية إلى حديثة يتطلب موازنات ضخمة.فالمدن التقليدية لاتتطلب موازنات كبيرة لتوفير الخدمات فيها لأنها قائمة فعلياً، ولكن مدن الحداثة تتطلب تقنيات عالية جداً لتنفيذها، فالتحول إلى مدن صديقة للبيئة أو مدن ذكية يحتاج لمواءمة طبيعة الاقتصاد وإمكانات تلك المدن مع نوعية التحول.فالمفهوم الحديث للمدن الذكية يسعى لإيجاد حلول لمشكلات مزمنة، تعاني منها دول العالم مثل الزحام والتلوث والزيادة السكانية، بهدف توفير الطاقة، واستيعاب التوسع السكاني، والحفاظ على مكونات البيئة من الهدر، وتهيئة بيئة متوازنة.والاستثمار في المدن يتطلب تطبيقات تكنولوجية متقدمة جداً، وقد قدرتها توقعات السوق الدولية ب"2،1"تريليون دولار بحلول 2020، وتوقعت السوق اليابانية أن يصل حجم سوق المدن الخضراء إلى "16"بليون دولار حتى عام 2020، وفي السوق الخليجية فإنّ الاستثمارات في البنية التحتية للمدن الذكية في دولة قطر والمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة تتجاوز الـ "63" مليار دولار حتى العام 2018.فيما يرى خبراء الاقتصاد أنّ "70%" من مدن العالم ستتحول إلى مدن ذكية بحلول 2050، وهذا يعني أنّ الطلب سيزداد على التكنولوجيا وتقنية المعلومات والطاقة مما يشكل فرصاً تجارية وصناعية ومهنية أيضاً.فالتحول الجزئي إلى مدن ذكية كأن تكون مدناً صناعية أو بحثية أو تجارية أو نموذجاً لبيئة صديقة للإنسان، هو الأجدى نفعاً في تطبيقات المدن، لكونها تقيس حجم التكلفة الفعلية لها، وتعايش قطاعات الاقتصاد المختلفة فيها، ومدى نجاحها في حال تعميمها على نطاق واسع. في الشرق الأوسط فإنّ التوجه إلى مدن ترتكز على الطاقة الشمسية، سيكون له مردوده الإيجابي، لكون المنطقة زاخرة بطاقات لا تنضب مثل الشمس والرياح والحرارة، إضافة ً إلى الإمكانات المادية والمساحات الشاسعة، التي ستعمل على إنجاح بناء أرضية ملائمة من المدن الشمسية الموفرة للطاقة.فالمشاريع القائمة حالياً في المنطقة، لا تزال في بداياتها وهناك طريق طويل للخروج بنتائج من التجارب، ولكن عملية التحول إلى مدن تعتمد على الطاقة البيئية أو التقنية، تحتاج إلى دراسات جدوى تقيس الواقع الفعلي من سكان ومناطق وأجواء.وذكرت سابقاً أنّ دول الخليج تشرع فعلياً في رسم سياسات، تعنى بالمدن المتطورة سواء في قطاع الطاقة أو البيئة صديقة للإنسان أو للطاقات البديلة، ففي دولة قطر مثلاً قدرت التوقعات حجم الاستثمار في مجال التنمية المستدامة في المدن الذكية بأكثر من "20" مليار ريال، وتحول مدينتيّ أبو ظبي ودبي إلى مدن ذكية بحلول 2030. على المستوى البحثي تشرع المؤسسات حالياً إلى ترسيخ مفهوم الأبنية الخضراء في المنشآت، وتنويع الاستثمارات في مجالات الاقتصاد القائم على الطاقة المتجددة والمدن الرقمية، وإنشاء مركز بحثي لرصد الكربون ولبحوث الطاقة الشمسية. في المملكة العربية السعودية أنجزت بناء المجمع الشمسي لإنتاج الطاقة في القرية الشمسية، ووضعت مخططاً لتوليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بحلول 2032.وفي دولة الإمارات العربية المتحدة أنجزت الدولة بناء مشروع "شمس" بتكلفة "600"مليون دولار لتغذية أكثر من "20"ألف منزل وتأمين احتياجاته الأساسية من الكهرباء بحلول 2020. هذا وتعد المدن الذكية المرتكزة على شبكات الإنترنت والحواسيب والنطاقات العريضة للتقنية مجالاً خصبا ً للبحوث والاستثمارات، خاصة في منطقة الخليج لكونها تمتلك دعائم البدء في بنائها أهمها الإمكانات المادية والأراضي والمدن المخططة حديثاً، إلا أنّ العقبات وأهمها الكوادر البشرية المتخصصة والشركات المهيأة لهذا النوع من المفهوم لا تزال في بداية الطريق.