11 سبتمبر 2025
تسجيلانطلق طوفان النصر من الأرض المقدسة في ٧ أكتوبر الماضي، أرض سكنى الأنبياء ومحراب داود، وحيث يوجد قبر إبراهيم وإسحاق ويعقوب. الأرض التي تلقت ميلاد المسيح. إنها ميراث الأجداد، وموطن الشرفاء، إنها العهد العمري إنها الأرض التي امتزجت بها دماء الصحابة. هي نفسها الأرض التي كانت مهبط الملائكة ومكان الرسالات وهي كذلك أرض المحشر والمنشر. ومع هذا الانطلاق، انطلقت معاني الصمود والبسالة والتضحية لتكون ثمناً لتحرير الأسيرات وكذلك الأطفال. فكان النصر بإذن الله. لقد اصبح انتصار غزة حقيقة نراها على مختلف الأصعدة. ولكن، هل تحقق النصر لأن أهل غزة مسلمون أو لأنهم أصحاب حق؟ وهل انتصروا دون إعداد العدة وبذل الدماء وتقديم الشهيد تلو الشهيد؟ بالطبع لا. فللنصر أسبابه ولابد لنا من إعداد العدة حتى يتحقق النصر ويكتمل. وإذا سألتني عزيزي القارئ فماذا يجب علينا أن نفعل حتى يكتمل النصر، فأقول لك إن هناك عدداً من الواجبات التي تقع على عاتق كل واحد منا. أولها، أن نعي ونعرف تماماً من هو عدونا الذي نحاربه. واجزم أن ما فعله الصهاينة في غزة كان كفيلاً بأن يكشف ويظهر لنا المحتل ومن يدعمه على حقيقتهم. فالوعي هو أن تعرف هذا العدو الذي يتمثل في الصهاينة ويتمثل في النظام الدولي وفي مجلس الأمن والأمم المتحدة. فهؤلاء هم من شاركوا في احتلال فلسطين، فالمشكلة الحقيقية هي وجود الاحتلال أصلا، فإذا عرفت عدوك كنت أقدر على مقاتلته. ثانيها: لابد من أن نحقق الإيمان، وعلى أساسه يتحقق الولاء والبراء. فهذا أساس الدين، أن نعرف أن المؤمنين بعضهم أولياء بعض. وأن أهل الإيمان يجب أن يكونوا أمة واحدة ينصر بعضهم بعضاً ويوالي بعضهم بعضاً. ثالثها: الجهاد، وما حدث في غزة اظهر البرهان على أن الجهاد في سبيل الله هو الحل الوحيد، وفيه العزة والتمكين. فما ترك قوم الجهاد حتى ذلوا، وهو أفضل القربات إلى الله وأقصر الطرق إلى الجنة. وإذا قلت لي: وماذا عن الذين لا يستطيعون أن يجاهدوا بأنفسهم؟ فدعني أبشرك عزيزي القارئ، أن الجهاد درجات أعلاها هو الجهاد بالنفس، كما فعل المجاهدون في غزة. وهناك جهاد بالقلم والكلمة والصدقة والمقاطعة. وكذلك جهاد فضح المنافقين وإبداء التعاطف مع الأسرى والجرحى. ومنها الجهاد بالوقوف مع المشردين والمسجونين والمطالبة بإخراجهم، ومنها الجهاد بالدعاء ومنها الجهاد بمتابعة القضية في المحافل الدولية والمطالبة بمطاردة المجرمين ومحاكمتهم. ومنها جهاد الأطباء في علاج الجرحى والمرضى. ومنها جهاد العلماء في الدفع عن الشبهات وعن قضية فلسطين وفضح الماكرين وبيان عقائد اليهود مما يقطع السبيل على المجرمين ويفضح خططهم. فهذه عزيزي القارئ أبواب عدة تستطيع أن تسجل اسمك في أي باب من هذه الأبواب. أما أن تكون متفرجا، فهذا لا يصح. فهذه معركة حق وباطل فلابد من دخول الجميع إلى هذه المعركة حتى يكتمل النصر. رابعها: أن تكون القضية الفلسطينية حاضرة في النفوس وفي الأذهان. فلو لم يحصل لغزة ما حصل لماتت قضية فلسطين. فالأجيال الناشئة لا تعرف من هم اليهود، وكذلك لم تكن تعرف عن قضية فلسطين، ولا ماذا يعني التطبيع، ولا من هم الصهاينة. فإذاً لابد أن تكون القضية حاضرة في بيوتنا في مكتباتنا في مساجدنا في مدارسنا في تجمعاتنا. ولابد أن يعرف الناس أن فلسطين محتلة وأن الصهاينة قتلة وأنهم هجروا أهل فلسطين وسفكوا دماءهم. فلابد أن تبقى القضية حية لا تموت. خامسها: أن تبقى قضية فلسطين قضية إسلامية وليست قضية عربية فقط. فقد حرص اليهود على أن تكون هذه القضية قضية عربية وقضية منظمة التحرير. في البداية كانت عالمية ثم أصبحت قضية إسلامية تهم المسلم الباكستاني والهندي. بعد ذلك تم تضييق القضية وحصروها بكونها عربية فإذا كنت مسلما إندونيسيا فلا علاقة لك بهذه القضية لأنها قضية عربية. ثم حصروها أكثر فأصبحت تسمى قضية دول الجوار، فالخليجي ليس له دخل بهذه القضية. ثم صارت قضية منظمة التحرير التي تبيع وتشتري باسم الشعب الفلسطيني والتي تعتبر الممثل الوحيد والشرعي ثم أصبحت قضية رجل واحد، وهو من يحق له التسليم والبيع والشراء. وكلنا يعرف أن فلسطين هي أرض إسلامية موقوفة لكل المسلمين. ولا يجوز لأحد أن يبيع فيها ويشتري. فلابد من أن تبقى هذه القضية قضية إسلامية فيها كفاح وفيها علماء وفيها شرفاء ومنارة للجهاد. إننا لن ننسى آلاف الشهداء من الأطفال والنساء ولن ننسى هدم المستشفيات والمدارس. فكل هذه لابد أن تجعلنا نبقي هذه القضية أمام أعيننا. ونصر الله عز وجل قادم إذا أخذنا بالأسباب، كما قال تعالى: (إن ينصركم الله فلا غالب لكم) (وإنا لننصر رسلنا والذين آمنوا في الحياة الدنيا ويوم يقوم الأشهاد). فهذه الأمة مبشرة بالنصر والتمكين، فهي أمة منصورة بإذن الله عز وجل. لذلك يجب أن تبقى هذه القضية في حياة كل مسلم وأن يظل بوعي تام حتى يتحقق النصر.