15 سبتمبر 2025
تسجيلكان العرف في الماضي عرفاً شاملاً يحكم جميع العلاقات بغض النظر عن صفاتهم أو أقاليمهم، ومع مرور الزمان بدأت تتكون الطوائف والأقاليم، فظهر عرف خاص بطوائف معينة وعرف خاص تتميز به المناطق عن آخرها. وتطبيق لذلك، ينقسم العرف من حيث ما يشمله من نطاق إلى العرف العام والخاص أو يقسم إلى عرف وطني (محلي) أو دولي. العرف التجاري العام والعرف التجاري الخاص (المهني)، هذا النوع بالأخص هو ما يهمنا؛ لأن المادة (2) سالفة الذكر قد أشارت إليه ووضعت أحكامًا خاصة به، ولذلك سنفصل ونبين معنى كل منهما، ثم نسرد الأحكام التي وضعها المشرع لهذا النوع من الأعراف. يقصد بالعرف التجاري العام، ما ساد بين تجار في البلاد كلها وتعارفوا عليه. أما العرف التجاري الخاص، هو العرف السائد في منطقة أو جزء معين من إقليم الدولة، كأن يكون هذا العرف مقصورًا على مدينة أو ميناء معين، وقد يكون سائدًا بين طائفة معينة بين التجار أو نوع من أنواع التجارة. والمثال الأبرز للعرف السائد في نوع من أنواع التعاملات التجارية، أو نوع من أنواع التجارة، هي الأعراف في بيع الغنم أو السيارات، والعرف يكون سائدًا بين طائفة معينة من التجار وهو كما بين تجار الذهب. تثور الإشكالية في حالة تصادم العرف العام مع العرف الخاص، لمن تكون الأولوية؟ هل يقدم العرف العام؛ لأنه أعم ويمثل القاعدة العامة وأنه السائد في المجتمع، أم تكون الغلبة للعرف الخاص تقديما لقاعدة (الخاص يقيد العام)؟ نجد أن المادة (2) قد كفّت يد الاجتهاد في هذه المسألة، ونصت على أنه "... ويقدم العرف الخاص أو العرف المحلي على العرف العام...". فعند تعارض الأعراف وتصادمها، ترجح كفة العرف الخاص على العرف العام، وما هذا إلا تطبيقٌ لقاعدة (الخاص يقيد العام). العرف التجاري الدولي والعرف التجاري الوطني، العرف التجاري الدولي، هو العرف الذي يطبق على العلاقات التجارية الدولية، فلا يقتصر تطبيق هذا النوع من الأعراف على دولة واحدة، بل يمتد إلى دول أخرى، ونجد هذا العرف شائعًا بصفة خاصة في المسائل البحرية، وقد أشارت أيضًا المادة (399) من القانون التجاري إلى أنه "تسري فيما لم يرد بشأنه نص في هذا الفرع، القواعد الموحدة للاعتمادات المستندية الصادرة عن غرفة التجارة الدولية". والعرف التجاري الوطني، هو العرف الذي يطبق على العلاقات التجارية الوطنية، ويمكن القول هنا إن كل دولة تستقل بعرفها الخاص بها، وتتغير هذه الأعراف بحسب طبيعة الدول. وعند تعارض العرف التجاري الوطني مع العرف التجاري الدولي، تكون الأولوية في التطبيق للأعراف التجارية الدولية، فيسمو العرف التجاري الدولي على العرف الوطني، وذلك تطبيقًا لمبدأ (سمو القاعدة الدولية على الوطنية)، وتماشيًا ما سبق ذكره، فما هذا إلا مبدأ دستوري، ونص عليه المشرع في المادة (6) من الدستور، التي تقول: "تحترم الدولة المواثيق والعهود الدولية، وتعمل على تنفيذ كافة الاتفاقيات والمواثيق والعهود الدولية التي تكون طرفًا فيها"؛ حيث يلاحظ أن المشرع أكد على احترام الاتفاقيات الدولية.