25 سبتمبر 2025
تسجيلحقيقة واقعة على أرض قطر، نجاح بكل المقاييس، افتتاح وتنظيم أثبتا المهنية والاحترافية، أردت من خلال هذا المقال أن أضيف لمسة لجانب آخر وعته قطر، عندما خططت لتنقلٍ أكثر استدامةً وأماناً، من خلال تطوير قطاع النقل والمواصلات في الدولة، بحيث تُقدم نهجاً نظامياً للتغلب على التحديات، وخلق نقلٍ نظيفٍ للغد وتشغيل نظام يوفر بيئة صحية. ما أطرحه في هذا المقال يهدف لتوفير جودة هواء داخلي أفضل من خلال التزويد بإرشادات عامة، لمشغلي الحافلات، حيث يتواجد المشجعون والمستخدمون بكثافة عالية داخل الحافلات، وفي أماكن الانتظار. وتعد الأماكن عالية الكثافة، كوسائل النقل العام مصدر قلق خاص، نظراً لأن الناس عادة ما يكونون على مقربة شديدة من بعضهم البعض. وقد تم ربط التعرض لملوثات الهواء المرتبطة بالمرور بزيادة المخاطر الصحية للقلب والأوعية الدموية وتفاقم الربو وانخفاض وظائف الرئة واحتشاء عضلة القلب. تعد جودة الهواء من أكثر القضايا إلحاحاً في هذا القرن، حيث يعاني الناس في جميع أنحاء العالم من أمراض خطيرة نتيجة لسوء نوعية الهواء في المدن، بسبب تطور وسائل النقل البري، وزيادة تأثير الأنشطة الصناعية. وتتسبب الكثافة العالية للأشخاص داخل الحافلات ومرافقها ونوعية الهواء الخارجي الذي يتم نقله إليها بغرض تخفيف الملوثات على جودة الهواء داخلها. وعندما تكون هذه الوسائل مزدحمة، يزيد خطر الاتصال بالمستخدمين وبالأسطح التي يُحتمل أن تكون ملوثة، وبالتالي زيادة المخاطر على صحتهم. حيث يساهم الهواء المنتشر بواسطة أجهزة التهوية في نشر التلوث والفيروسات والبكتيريا. وهناك مصدران رئيسيان للقلق في مرافق الحافلات وهما عدم كفاية التهوية "التزويد بالهواء الخارجي وجودته" وتسرب غازات العوادم إلى مقصورات الركاب. ويتطلب الوصول إلى جودة هواء مناسبة في الحافلة وجود توازن بين التهوية "تدفق الهواء الخارجي إلى الحافلة" لتقليل مخاطر انتقال المرض عن طريق البكتيريا والفيروسات المنبعثة من البشر، والحد من تلوث الهواء الخارجي المحتمل تسلله إلى الحافلة، والكفاءة النشطة للنظام للحفاظ على درجة حرارة ورطوبة مناسبة. وبسبب صعوبة قياس العديد من الملوثات داخل الحافلات ومرافقها، فقد تم اختيار غاز ثاني أوكسيد الكربون كمؤشر جيد يدل على فاعلية نظام التهوية وكفايته. وقد تم اقتراح القيمة العددية لتركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون ليكون ما بين 1000 – 2500 جزء من المليون "وقد يختلف حسب معايير كل دولة". كما تعتبر درجة الحرارة والرطوبة النسبية كذلك من المؤشرات المهمة لظروف الراحة الحرارية التي تؤثر على جودة الهواء، حيث إن الرطوبة النسبية العالية تعمل على تكاثر الفطريات والبكتيريا، فالنطاق الحراري الموصى به هو من 20 إلى 26 درجة مئوية، والرطوبة النسبية الموصى بها من 40 إلى 60%. ويمكن الحد من خطر انتقال الأمراض عبر أنظمة التهوية عن طريق زيادة معدلات التهوية في المركبات. وفي حالة الحافلات المجهزة بأنظمة تكييف للهواء تعتمد على تدوير الهواء بالكامل، يكون خطر انتقال الأمراض التنفسية المعدية بسبب استنشاق الايروسولات المحملة بمسببات الأمراض عالياً. إضافة لارتفاع مستويات غاز ثاني أوكسيد الكربون من قبل الأشخاص بسبب التنفس. لذلك يجب استعمال مستشعر لغاز ثاني أوكسيد الكربون عندما يتجاوز العتبات المسموح بها كما يراعى ترشيح الهواء الخارجي قبل دخوله. وعلى الرغم من أن ظروف الراحة الحرارية في الحافلات يمكن أن تتأثر بظروف الطقس الخارجية، إلا أنه يجب أن يسعى مشغلو الحافلات إلى تصميم وتشغيل وصيانة أنظمة التحكم البيئي على متن الحافلات والقطارات، لتحقيق النطاقات الموصى بها لدرجة الحرارة والرطوبة النسبية تحت أوضاع التشغيل العادية لمنشآتهم. ولضمان النجاح، ينبغي مراعاة وجود خطة لوضع إجراءات مناسبة عند تجاوز إرشادات جودة الهواء ذات الصلة. وإعلام الجمهور عن وجود أي إجراءات مناسبة للتعامل مع الشكاوى المتعلقة بجودة الهواء داخل مرافق الحافلات. ومن أجل تحقيق جودة هواء داخلي أفضل، تُراعى المتطلبات التالية: 1. متطلبات التصميم للحافلات: حيث يُراعى في تصميم الحافلات تلبية إرشادات جودة الهواء، وترقية التصاميم، واختيار محركات منخفضة التلوث، بحيث يكون موقع العادم بعيداً عن مدخل الهواء الخارجي لنظام التهوية. وأما تصميم المقصورة، فيجب عزل الجزء الداخلي لمقصورة الركاب عن عادم المحرك مع مراعاة تسهيله لإجراء أعمال النظافة والصيانة، وتقليل المنافذ التي قد تتراكم فيها الأوساخ والكائنات الحية الدقيقة. مع أهمية تهوية جميع أجزاء المقصورة بشكل كافٍ عن طريق تدفق الهواء الناجم عن نظام التهوية، واختيار مواد ذات حد أدنى من انبعاثات الملوثات، مثل الدهانات ذات المحتوى المنخفض من المركبات العضوية المتطايرة، وأغطية المقاعد التي تقاوم التلوث لتجنب نمو البكتيريا والفطريات. 2. نظام التهوية: يُراعى أن يكون مدخل الهواء الخارجي على مستوى عالٍ من جسم المقصورة، مع مراعاة معايير ASHRE ذات الصلة. كما ينبغي تركيب مراوح بحجم مناسب، مع السماح بالتنظيف المنتظم، إضافة لتصميم وتحديد منافذ الهواء وشبكات الهواء الراجعة، حتى يتم توزيع الهواء بالتساوي في المقصورة، ويتم تثبيت دوارات قابلة للتعديل كمخمدات للتحكم في تدفق الهواء، مع مراعاة تصميم معدل تهوية حسب السعة الاستيعابية القصوى للركاب لتلبية إرشادات جودة الهواء. 3. الممارسات التشغيلية: ينبغي اعتماد الممارسات التشغيلية الجيدة مثل إغلاق مخمد الهواء الخارجي عندما تمر الحافلة في مناطق ملوثة أو أثناء الازدحام أو في الأنفاق، مع ضرورة المراقبة والتفتيش والصيانة، وأخذ عينات لفحص مستويات غاز ثاني أوكسيد الكربون لعينة عشوائية من الحافلات لا تقل عن 10%. مع أهمية فحص معدل التهوية في المقصورات، ومراقبة متوسط تركيز غاز ثاني أوكسيد الكربون لمدة ساعة أثناء الوضع الطبيعي، وكذلك في ساعات الذروة. وعند تجاوز هذه المعايير لا بد لمسؤول جودة الهواء من عمل تفتيش لتقصي الأسباب ووضع حلول التخفيف والتأكد من الالتزام بالمعايير. 4. برامج التنظيف والصيانة: وضع برامج لتنظيف وإزالة الأوساخ والنفايات، وتنظيف قنوات الهواء وملفات التبريد، واستبدال المرشحات وتنظيفها، وتجنب تسريب المياه، مع إزالة البقع والبكتيريا والعفن، كذلك تنظيف وصيانة أنظمة التهوية في الباصات والقطارات، كما ينبغي تنظيف ملفات التبريد حسب إرشادات المصنع، واستخدام فلاتر HEPA، واستخدام مكانس كهربائية عالية الشفط، مع تنظيف قنوات التهوية وضرورة الاحتفاظ بملفات الصيانة. 5. اختيار حلول أكثر فاعلية لمعالجة الهواء: تتطلب تقنية معالجة الهواء الفهم الشامل لأصول الملوثات، فالفهم لطبيعة الملوثات يكون سبباً للحد من انبعاثها عند مصدرها، والتي تنتجها أنظمة النقل من خلال الكبح الميكانيكي، وتآكل الإطارات والاحتكاك على القضبان، وانبعاثات الديزل وغيرها. وتقنيات معالجة الهواء متعددة، بحيث يمكن استخدام إحداها أو الجمع بينها بحسب الحاجة. ومن أمثلة هذه التقنيات المقترحة، الفلترة الميكانيكية أو الفلترة الإلكترونية التي تعتمد على فصل الأيونات، وكذلك البلازما والمجال المغناطيسي، إضافة لتقنية معادلة الملوثات والتي تتم باستخدام الأشعة فوق البنفسجية والمحفزات الضوئية. 6. استخدام أنظمة تهوية هجينة: هذه الأنظمة تجمع بين التهوية الطبيعية والتهوية الميكانيكية، كما أن المحطات تستخدم ما يُسمى بأبواب حاجب الأمان التي تعتبر حلاً آخر أكثر فاعلية، فهي تغلق المنصة بالكامل وتفتح فقط عندما يتوقف القطار تماماً في المحطة، وهذا يؤدي بدوره إلى حماية الركاب من التعرض لملوثات الهواء مثل غاز ثاني أوكسيد الكربون وأكاسيد النيتروجين وثاني أوكسيد الكبريت والجسيمات الدقيقة. 7. استخدام الذكاء الاصطناعي في أنظمة التهوية وتكييف الهواء: حيث تمكن هذه التقنية من إمكانية المراقبة المستمرة لمؤشرات الهواء المتعلقة بالراحة وجودة الهواء وكفاءة الطاقة، إضافة لاستهلاك الكهرباء في المحطات، كما أنها تقوم بجمع البيانات الجوية مثل توقعات الطقس والظروف البيئية في المحطات، ووفقاً لهذه البيانات يتم برمجة تشغيل الأنظمة لتنظيم درجة الحرارة واستهلاك الطاقة. وهذا التحكم الذكي في التهوية يجلب قدراً أكبر من الهواء النقي إلى الداخل ما سيزيد من النظافة ويوفر جودة أفضل، وهذا بدوره يقلل من خطر انتشار الكائنات الممرضة التي تنتقل عبر الهواء، كما أنه يقلل مستويات الملوثات الهوائية الأخرى. وختاماً: بالنظر إلى المستقبل، يجب أن تسعى أنظمة التهوية إلى تحسين الراحة وجودة الهواء وكفاءة الطاقة مع محاولة تحقيق ذلك من خلال دعم البنية التحتية للاستهلاك الصفري، إلا أن هذه الأنظمة المستدامة قبل كل شيء، لا بد من أن تحافظ دائماً على جودة الهواء الداخلي في وسائل النقل العام.