05 نوفمبر 2025
تسجيلعلى مر الأزمنة والعصور، تشابه المتخاذلون والخونة في أساليبهم وصورهم للتعاون مع أعدائهم ضد أمتهم والتنازل عن حقوقهم ومقدساتهم وأراضيهم من أجل بقائهم على كراسيهم، ورضوا بالمهانة والذل من أجل شيء لا يساوي ذرة من إذلال عدو وحاقد! ولعلّ ما يحدث من مهانة وإذلال للأمة في وقتنا الحاضر وبعد القرار الأخير للرئيس الأمريكي ترامب بنقل سفارة بلاده إلى القدس هو قمة التهاون وعدم الاعتبار لأمة المليار وسبع مئة مليون مسلم الذين وصفهم رسولنا الكريم بأنهم "كغثاء السيل"، ورغم أنه لا يخفى على الأمم الأخرى مدى الذل والهوان الذي وصلت إليه أمتنا من خلال استباحة حرماتها ودماء شعوبها وتسلط القوى الكبرى عليها وتحكمها في ثرواتها وقرارات حكامها على مدى عقود طويلة، إلا أن المتتبّع للأحداث خلال الشهور الماضية يُدرك إلى أي مدى من الاستفحال وصل إليه حكام المسلمين في موالاتهم لحكام طغاة لما يسمونها الدول العظمى التي أسرفت كثيراً في القتل والظلم وسرقة الثروات بتأييد ومباركة طغاة العرب والمسلمين الذين رأينا كيف كانت نهاياتهم المأساوية على أيدى شعوبهم في السنوات الماضية وآخرهم الطاغية المخلوع في اليمن، ورأينا كيف كان كان تهافت دول عربية كبرى على التقارب مع ترامب رغم سياساته العدوانية والعنصرية تجاه المسلمين وأبرزها التحول السعودي الكبير في موقفه تجاه قضايا العرب والمسلمين المصيرية كقضية القدس وما شابها من صفقة مشبوهة وتنازلات للأمريكان والصهاينة مُقابل دعم بقائهم على كراسيهم! من المُهين جداً عندما لا نرى لبلاد لحرمين الشريفين دوراً بارزاً في قيادة الأمة في هذه الأزمة التي لم نشهد لها مثيلا منذ احتلال القدس عام 1967 وما تتعرض له من تهويد كامل يُشكّل خطراً كبيراً على المسجد الأقصى وممهداً لهدمه وبناء هيكلهم المزعوم، فمن المًخزي أن لا يُمثلهم في هذه القمة الطارئة لمؤتمر القمة الإسلامي المنعقدة في إسطنبول إلا وزير أوقافها، وكأن الأمر ليس بذات أهمية، رغم أنه من الواجب عليها أن يمثلها رأس دولتها؛ لأنه مسؤول أمام الله بجمع المسلمين على كلمة سواء لنصرة المسجد الأقصى وانتزاعه من قبضة الصهاينة المغتصبين. بعد احتلال القدس وبعد النكسة التي تشابهت قصة خيانتها وغدرها بما حدث للقدس قبل أن يستردها الناصر صلاح الدين الأيوبي، سُئل موشي دايان وزير الحرب الصهيوني آنذاك بأن القرآن الكريم كتاب المسلمين المقدس ذَكرَ بأن المسلمين سيدخلون المسجد الأقصى كما دخلوه أول مرَة، فأجابهم بسخرية بأن هذا الجيل لن يقوم بهذا الأمر، فسأله الصحفي قلقاً: فمتى يحدث ذلك إذن؟ فقال دايان: سيحدث عندما يكون عدد المصلين في صلاة الفجر يساوى عددهم في صلاة الجمعة! صدق دايان عليه لعنه الله في تشخيصه لأحوال المسلمين، طالما أن سياط حكامها وجورهم تسلط على أحرارها وشرفائها، وكم هم الذين قُتلوا غدراً لأنهم لم يرتضوا المهانة والإذلال وأُخرست ألسنتهم وغصّت السجون بهم بسبب حميتهم ونصرتهم لأولى القبلتين وثالث الحرمين ومسرى رسولنا الكريم ولا بواكي عليهم من أمة الذل والعار! فاصلة أخير لن تقوم لأمتنا قائمة طالما أنها تحتكم لشريعة الظالم المغتصب الذي يفرض عليها أسلوب الذل والمهانة من خلال ما يسمونه طاولة المفاوضات التي نتفاوض عليها مع مغتصبي مقدساتنا وحقوقنا ونتوسل إليهم ليقبلوا التفاوض! ليتهم يتعلمون من كوريا الشمالية كيف أن قوى الطغيان لا ينفع معها إلا أسلوب الحزم والقوة طالما أنهم لم يحتكموا لقول الخالق عز وجل "وَأَعِدُّوا لَهُم مَّا اسْتَطَعْتُم مِّن قُوَّةٍ وَمِن رِّبَاطِ الْخَيْلِ تُرْهِبُونَ بِهِ عَدُوَّ اللَّهِ وَعَدُوَّكُمْ وَآخَرِينَ مِن دُونِهِمْ لَا تَعْلَمُونَهُمُ اللَّهُ يَعْلَمُهُمْ"!