13 سبتمبر 2025
تسجيلننتظر وننتظر، ونعيش ونحن نلاحق عقارب الساعة، وندور في اتجاهها الواحد، فيمضي العمر ويجرفنا معه، ونكتشف أننا نحيا على انتظارات لا تنتهي إلا بنهايتنا. فيأخذنا انتظارنا وعقارب الساعة التي قد تحنو علينا إلى سعادة نصبو إليها، وقد تغوص بنا عقاربها التي تدور بلا رحمة إلى أعماق الحزن البغيض، وتدور بنا وندور معها، فتبهت لحظات السعادة في الذاكرة، ويظل للحزن في داخلنا ظلام وحرقة، وهكذا قد ننتهي وينتهي انتظارنا، ولا ينتهي الانتظار ولا دوران عقارب الساعة. عندما أستعرضت صور البشر في هذه الحياة، وجدت أننا نحن البشر والانتظار نسير جنبا إلى جنب في مسار واحد، وإننا لا نستطيع مهما فعلنا وحاولنا أن نكف عن الانتظار، مهما كان ما بحياتنا من لحظات قد نسقط بآلامها في قاع اليأس، وقد نكره هذا الانتظار ونصرخ حرقة منه تارة، ونعود نعشقه ونهواه ونستعذب لحظاته تارة أخرى، وأن نكف عنه فهذه هي نهاية الحياة. منذ سنوات قرأت لقاء صحفيا مع سيدة كانت تروي قصة حياتها، وقد كانت تعمل في بلد عربي، واعتقد أن هذه السيدة قد اختصرت كل حياتها في كلمة واحدة وهي الانتظار، فقالت إنها جاءت تعمل في ذلك البلد خصيصا لأن زوجها الذي أحبته كثيرا، كان قد أتى منذ سنوات ليعمل فيه، وبعد شهور فقط انقطعت كل أخباره عنها، وتعثر الوصول إليه، ومع إنها تشك في وجوده على قيد الحياة، إلا إنها جاءت إلى نفس المدينة وبعد ما يقارب العشرين عاما، هي مازالت تعيش انتظارا ممزوجا بالأمل، حين تفتش كل يوم عنه بين وجوه الناس علها تجد له عن أثر، وعندما لا تجده تعود لتأمل أن تراه في الغد، وتنسج الآمال فتنتظر وتنتظر، وأخذتها الحياة، ومضت بها الأيام وهي تعيش سلسلة من الانتظارات التي لا تعرف لها نهاية. والحقيقة أننا مهما كرهنا الانتظار أحيانا، إلا أن الانتظار نفسه قد يكون سببا في سعادتنا، وقدرتنا على العيش والاستمرار، حينما يرتبط ويمتزج هو والأمل ويكونان معا قوة تدفعنا لنرى في الغد ضوءا وحياة. فلماذا لا نجبر الانتظار على أن يسير بسلام في حياتنا، فيجعلنا نحيا به عندما ننتظر أن نجني ثمار أشياء كثيرة هي مجموعة من طموحات وآمال تساوي حياة بأكملها، فإما أن يقودنا الانتظار لنحصل عليها ونسعد بها، وإما أن يكون هذا الانتظار هو من يقربنا من السعادة، ويغمرنا بالأمل مهما كان ما نصبو إليه بعيدا. ولمن ينتظر لقاء.. ولمن ينتظر شفاء.. ولمن ينتظر نجاحا.. ولمن ينتظر عودة.. ولمن ينتظر صباحا تتحقق فيه آمال كثيرة.. أقول.. لأننا لا نملك إلا الانتظار، لننتظر ولا نكف عن الانتظار، إنه أمل وحياة.. lkuwari@ hotmail.com