17 سبتمبر 2025
تسجيلفي كثير من الأحيان نسعى للحصول على تمويل أو خدمات أو شراء عقارات أو نذهب للحصول على تأمين أو عقود إيجار للسيارات أو أي انتفاع من أي نوع، نجد أن هنالك عقوداً جاهزة مطبوعة ومعدة للتوقيع، كل ما يحتاج عمله هو ملء بعض الفراغات الخاصة بمعلوماتك الشخصية وطبيعة الخدمة التي تطلبها ومدتها ومعلومات أخرى. ويقول لك موظف الجهة التمويلية أو شركة العقارات أو شركة التأمين أو مزود الخدمة وما إلى ذلك، إن هذا عقد نموذجي أو نمطي (Standard) "الكل يوقع عليه"، ولا تستطيع أن تتفاوض على بنوده أو إحدى فقراته، ليس لك إلا واحدة من اثنتين، إما تقبل بالعقد كما هو أو ترفضه تماماً، وتستغني عن الخدمة أو المنتج أو العقار الذي أنت بحاجة إليه، وهذا ليس بخيار لدى البعض، وهذا النوع من العقود يسمى (عقد إذعان)، وتعارف على تسميته بالإنجليزية (Contract Of Adherence) أو (Stadard Form) أو (Boiler Plate). إن بعض هذه العقود قد تنطوي تحت بنودها مخاطر كبيرة للمستهلك أو المشتري، حيث إن كفة الميزان التعاقدية فيها تميل لطرف واحد، هو البائع أو مقدم الخدمة الذي قام بصياغة هذا العقد. وفرض مثل هذا - يحدث عادةً عندما - تتهيأ أحد هذه الظروف أو أكثر: 1) يتمتع صاحب الأعمال أو مقدم الخدمة أو الجهة البائعة للعقار بقوة تفاوضية قوية على المستهلك الذي هو في حاجة إلى هذا العقار أو الخدمة أو التمويل. 2) أن تكون الشركة تتمتع بمزايا احتكارية لخدمة ما في منطقة معينة. 3) أن يكون الطلب عالياً على المنتج أو الخدمة التي تقدمها المؤسسة صاحبة عقد الإذعان. 4) أن يكون المستهلك، المشتري أو طالب الخدمة ضعيفاً من ناحية الملاءة المالية وليست له خيارات، كالمستهلك الذي لا يستطيع أن يطلب التمويل من البنوك فيلجأ إلى مؤسسات تمويلية أخرى شروطها أصعب ولكن ليس له خيار. وهذا النوع من العقود قد يحظى ببعض الإيجابيات أهمها من الناحية الإجرائية: - السرعة في الإنجاز، حيث إن العقود تكون معدة سلفاً، ولا يتطلب الأمر إلا تعبئة البيانات الخاصة بالمستهلك. - تلافي الأخطاء من الموظفين في صياغة وطباعة العقود. - مساواة جميع المستهلكين في التعاقد، حيث إن الجميع يوقع ويعتمد نفس نموذج العقد. - تسهيل العمل من حيث المكننة واستخدام الحواسيب في تنفيذ هذا النوع من العقود. ولكن هذا النوع من العقود قد ينطوي بعضها على كثير من المخاطر أهمها: 1) اختلال التوازن بين الحقوق والواجبات بين مقدم الخدمة أو البائع وبين المستهلك أو المشتري، حيث إن المشتري قد لا يحصل على شروط عادلة مقابل ما دفع. 2) ارتفاع الأسعار عن المقبول تجارياً، حيث إن مقدم الخدمة يضع كل الشروط. 3) قد تتخلل شروط العقد بنود تخل بالحق العام، كأن تمنع حق التقاضي أمام القانون، بأن يكون هناك شرط يمنع المستهلك من رفع دعوى على البائع أو مقدم الخدمة. 4) تراكم الالتزامات على المستهلك الذي وقع هذا العقد على أساس أنه عقد نموذجي أو نمطي الكل يوافق عليه، فتتراكم عليه الغرامات والالتزامات المالية. 5) غياب الشفافية في التعامل واتساع رقعة عدم الإفصاح. وهنا أود أن أنوه بأن هنالك الكثير من مقدمي الخدمة والشركات والمؤسسات الذين يستخدمون هذه النوعية من العقود حريص على مصلحة المستهلك ويوفر الخدمة العادلة في عقوده ويتمتع بالاحترافية فيما يقدمه من خدمات سواء كانت تمويلية أو تأمينية أو إيجارية أو ببيع أو أي خدمة أخرى، وهذا قد رأيناه كثيراً في السوق المحلي، ولكن لابد من وضع الضوابط وتوسيعها وتنظيمها والحرص على تعميمها وتعريف المستهلك بها بما يكفل حقوقه كاملة. ولدي بعض الاقتراحات أتمنى من المسؤولين وجهات الاختصاص بالنظر فيها ودراستها بضمان عدالة عقود الإذعان، كما أحبذ استطلاع رأي بعض القانونيين المختصين في هذا الأمر وجهات الأعمال لتفادي السلبيات التي قد تحدث من خلال إبرام عقود الإذعان: 1- تمكين القانون بصورة أكبر من حيث التفاصيل والإجراءات بما يخول القضاء بتعديل الخلل في العلاقة التجارية بين واضع شروط عقد الإذعان والمستهلك الموقع عليه إن وجدت وإمداده بالأدوات التي تسمح للقضاء بإعادة الاتزان. 2- تنشيط دور حماية المستهلك حتى تضطلع بدور الإشراف على مثل هذه العقود من خلال الموافقة المسبقة على العقود النموذجية أو النمطية قبل إصدارها. 3- نشر الوعي بين محرري تلك العقود ومستقبل الخدمة أو الشاري أو المستهلك على ضرورة التأكد من تفاصيل العقد وإبراز بنود الالتزامات بها. 4- أن تتمتع العقود بشفافية أكثر وبصيغة واضحة حتى يتمكن المستهلك من فهم متطلبات وعواقب المعاملة التجارية بكل وضوح. وأخيراً إنه من المهم بمكان التعامل مع شروط عقود الإذعان بضوابط تعود بالنفع على كلا الطرفين وتحفظ حقوقهما سواء كان مقدم الخدمة أو المستهلك وتعزز الشفافية في التعامل التجاري في المجتمع بما ينعكس بالفائدة على الجميع. باحث اقتصادي