11 سبتمبر 2025

تسجيل

هل تصبح لوسيل منطقة طاردة للاستثمار العقاري؟

04 نوفمبر 2021

تم التخطيط لإنشاء مدينة الوسيل حتى تكون مدينة عصرية ملاصقة للدوحة ومميزة، لتواكب أحدث ما وصل إليه البناء العمراني الحديث، وذلك بالتبشير برؤية لمنطقة راقية مخططة ومدروسة بعناية، تحتوي على جميع الخدمات والبنى التحتية من مواصلات وحدائق وأسواق وفنادق ومنشآت ترفيهية، وقد أخذ المشروع فترة زمنية حتى أصبح حقيقة على الواقع تراه العين. في البداية وقبل أن يدق مسمار في مدينة الوسيل، قامت شركة الديار ببيع القسائم العقارية على اختلافها، سواء كانت تجارية أو شققا سكنية، حسب تصنيف التطوير المتاح عليها على شركات استثمارية أو أفراد في مناطق مختلفة كمنطقة المرينا أو جبل ثعيلب وغيرها. ووعدت شركة الديار التي باعت الأرض بسعر السوق في ذلك الوقت أنها ستسلم الأراضي للمطورين على اختلافهم مع كامل البنية التحتية حيث إنها في وقت البيع كانت أرضا صحراوية لا يمكن الاستفادة منها. ولكن كما يقال إن الشيطان يكمن في التفاصيل، فالعقد المبرم مع المطورين والمشترين تضمن بعض الشروط من أهمها: - أن هناك رسوم خدمات سنوية تحددها إدارة المنطقة من غير أسس واضحة ولا يمكن للملاك والمستثمرين الاعتراض على ذلك. - تقرر تزويد القسائم العقارية بحمل كهربائي محدود للغاية يكفي للإضاءة وبعض الأجهزة الكهربائية ولا يفي بأغراض التكييف. - تم الاشتراط أن التكييف والتبريد سيكون من خلال شركة تبريد مناطق District Cooling تملكها الوسيل (مرافق) واستثنى من ذلك أراضي الفلل، التي قد تم بيعها لاحقاً، وذلك بغرض توفير الطاقة وحماية البيئة. - يتم تزويد المناطق بغاز الطهي من خلال شركة مرافق. - يشترط أن تلبي المباني بالمنطقة مقاييس GSAS ويتم دفع اشتراك مادي لهذه الخدمة حسب شروط الوسيل. والآن لنستعرض ماذا ترتب على هذه الشروط التي كانت غائبة عن المستثمرين في حينه: 1- بالنسبة لرسوم الخدمات التي تدفع بناءً على المساحة الطابقية GFR قد تم زيادتها تباعاً، بل إنه قد تم توقيع المستثمرين لاحقاً على أنه سيتم زيادة هذه الرسوم في السنوات القادمة أيضاً، سنة بعد سنة لمناطق المارينا وجبل ثعيلب، وملاك الأراضي ليس لهم إلا التسليم والموافقة. كما تم مضاعفة الرسوم على أراضي الفلل السكنية أيضاً. وهنا أتساءل ما هي الخدمة التي تقدمها الشركة مقابل هذه الرسوم الباهظة، فإن كانت صيانة الحدائق العامة، فهذه الحدائق مفتوحة للجميع سواء كان من سكان الوسيل أو غيرهم. أما خدمات المجاري فيتم تقاضي رسومها الشهرية من خلال فاتورة كهرماء، وخدمات الغاز هناك فواتير شهرية، وخدمات توصيل ماء التبريد للتكييف فهناك فواتير شهرية، لا يتبقى هنا خاص بالمباني إلا خدمة جمع القمامة. أما الطرق فيستخدمها كل زوار الوسيل إن كانوا يقطنون بالمنطقة أو عدمه. - إن هذه الرسوم أصبحت عبئاً على المستثمرين والملاك، وذلك أن العائد الإيجاري في الوسيل لا يختلف كثيراً عن باقي مناطق الدوحة مع فرق محدود في منطقة المرينا بالوسيل فقط، وفي كل الأحوال هذه الرسوم لا تتناسب مع العائد الإيجاري للمنطقة أو الخدمات التي تقدم في المقابل وأصبحت عبئاً على ملاك الأراضي الذين استثمروا في العقارات واقترضوا من البنوك لإتمام عملية الاستثمار. - نظام التكييف المسمى تبريد المناطق District Cooling، هو من ضمن منشآت البنية التحتية لمنطقة الوسيل، قد تم فرضه من ضمن الشروط على أساس أنه موفر للطاقة وصديق للبيئة، ولكنه لا يوفر شيئاً على المستثمرين والمطورين. حيث إنه لا بد من تركيب وحدة لاستقبال ماء التبريد في كل مبنى وهذه الوحدة تكلف بين 500 ألف ريال إلى مليونين حسب حجم المبنى، كما يتم تحميل المالك رسوم صيانتها سنوياً. - على المالك أو المطور دفع رسوم توصيل الماء المبرد Chilled water بمعدل 5500 ريال قطري لطن التبريد الواحد، وتبلغ رسوم التوصيل للعمارات من حوالي مليون إلى عشرة ملايين حسب حجم المبنى. كما تتقاضى شركة مرافق التابعة للوسيل رسوماً شهرية تقررها هي لأنها تحتكر الخدمة في الوسيل التي قد تكون الأعلى في قطر مقابل مرور الماء البارد المخصص للتكييف في نظام التبريد بالعقار. - لو تم السماح للمطورين والملاك باستخدام مكيفات تقليدية على اختلاف أنواعها مركزية أو وحدات منفصلة Split units كباقي مناطق قطر، لكانت التكلفة أقل بكثير على كافة الأصعدة الخاصة بالتبريد. وقد تطورت أجهزة التكييف التقليدية تكنولوجياً وأصبحت حالياً صديقة للبيئة وقد خفض استهلاكها للكهرباء بشكل كبير. - إن إدارة منطقة الوسيل تقوم على نظام الاحتكار، فهي تحتكر اتخاذ كل القرارات من غير أن يكون للمستثمرين أي قدرة على الاعتراض، كما تقوم باحتكار تقديم كافة خدمات المرافق والتحكم بأسعارها من غير وجود منافس. واحتكار قرار رفع الرسوم من غير الرجوع للمستثمرين بما فيها الرسوم على أراضي الفلل السكنية التي تمت مضاعفة الرسوم عليها. - إن متخذي هذه القرارات في الوسيل من الواضح أنهم لا يضعون في اعتبارهم العائد المجدي على الاستثمار في منطقة الوسيل العقارية مما سيشكل عاملاً عائقاً وطارداً للمستثمرين. وإني لعلى ثقة أن زيادة هذه الرسوم مؤخراً سيؤدي إلى نزول أسعار العقارات في منطقة الوسيل حيث سيسعى بعض الملاك للتخارج من استثماراتهم في الوسيل بسبب هذه الرسوم. وهنا أود أن أتقدم ببعض الاقتراحات ليتم النظر فيها حيث إنها قد تراعي مصالح الملاك والمستثمرين وتثمر في تشجيع الاستثمار في الوسيل بشكل موزون ومجد وعادل: 1) النظر في إمكانية أن يكون هناك ممثلون للمستثمرين والملاك بمدينة الوسيل في مجلس إدارة شركة مدينة الوسيل حتى تعكس آراء المستثمرين والملاك بالمدينة ويكونوا شركاء بالقرار وتكون هناك قناة للتعبير عن مصالح وآراء المستثمرين في المدينة. 2) النظر في إمكانية السماح للملاك بتكييف عقاراتهم بالطرق التقليدية كباقي المناطق في دولة قطر مع وضع معايير وشروط استهلاك تراعي البيئة في أجهزة التكييف كباقي دول العالم وزيادة الحمل الكهربائي للعقارات للقيام بذلك. 3) إعادة النظر في رسوم توصيل ماء التبريد Chilled Water من شركة مرافق حيث إن الشركة تتقاضى رسوماً شهرية مقابل الاستهلاك وليس من المنطق وضع رسوم التوصيل هذه، حيث إنها جزء من الاستثمارات للشركة حتى تستطيع تقديم هذه الخدمة، فمثلاً إن شركات الاتصالات تستثمر في أبراج الاتصالات وكوابل الألياف الضوئية كجزء من استثماراتها لتوصيل الخدمة ولا تتقاضى رسوماً مقابل ذلك. 4) خلق بيئة تنافسية لتقديم خدمات المرافق في الوسيل من خلال إدخال منافسين لتقديم خدمة تكييف المناطق كإعطاء الفرصة لشركة قطر كول بالدخول للوسيل. 5) تخفيض تكاليف إدارة شركة مدينة الوسيل من خلال تقنين عدد موظفي الشركة والاعتماد على المقاولين التجاريين المؤهلين بدولة قطر. 6) إنشاء جهة تنظيمية Regulator لا ترتبط تجارياً بمقدمي الخدمات والمرافق بالمدينة، حتى لا يكون هناك تضارب مصالح، فشفافية القرار مهمة، فحالياً متخذ القرارات التنظيمية هو نفسه مقدم الخدمات ومقرر الرسوم الخدمية. وأخيراً أنا على يقين أن الجميع أن يسعى للصالح العام ومصلحة الجميع تتطلب أن نرى الأمور بمنظور عام Helicopter View، نحرص فيه على فعالية وجدوى الاستثمار في مدينة الوسيل. باحث اقتصادي