19 سبتمبر 2025
تسجيلتناولت وسائل الإعلام القطرية بالشرح والتحليل ما جاء في خطاب سموه في الشأن الداخلي والنهضة المطلوب تحقيقها ضمن الخطة الشاملة للتنمية وكذلك الشأن الخارجي. أستطيع القول بأن خطاب سموه كان كشف حساب قدم إلى الشعب القطري شارحا فيه الإنجازات وما يجب إنجازه في الأعوام القادمة، والحق.. إن وسائل الإعلام واستطلاعات الرأي فيما أدلى به سموه أمام مجلس الشورى لم تترك لأي مجتهد أن يضيف إلى ما قيل. (2) ونحن نتناول الشأن الداخلي، لابد من التوقف عند نقطة هامة وردت في آخر خطاب سمو الأمير الشيخ تميم بن حمد آل ثاني ولعلها تكون مقصودة أن تأتي في آخر بيان سموه إلى الأمة، تلك هي بناء دولة المؤسسات. يقول سمو الأمير تميم:"إن بناء دولة المؤسسات والقانون لابد له من إطار دستوري..." والحق إن معظم الدول العربية لم تتمكن من بناء وإقامة دولة المؤسسات بالمدلول العلمي للمصطلح واكتفت ببناء هياكل إدارية مهمتها تسيير الأعمال وليس لبناء الدولة على أسس حضارية، ولكي تقوم دولة المؤسسات كما قال سموه فلابد من دستور ينظم شكل وظائف الدولة، إنه حجر الزاوية الذي يقوم عليه المجتمع ودولته ويحدد أهداف نظام الحكم وطريقة تحقيقها، ولقد أكد سموه أن دولة قطر شهدت نهضة تشريعية كبيرة في السنوات الأخيرة.إن الواجب الوطني يقودنا إلى القول: من السهل صياغة مواد دستورية وتعتمد بعد إجراء الاستفتاء الشعبي العام كما حدث بالنسبة للدستور القطري، ومن السهل أيضاً إصدار تشريعات ولوائح وقوانين تتفق مع مواد الدستور وتشرح مواده، لكن الصعوبة تكمن في التطبيق العملي لتلك القوانين والتشريعات، إن الواجب يتطلب ثورة ثقافية تشمل كافة طبقات المجتمع لتوعية المواطن والمقيم بأهمية تلك اللوائح والتشريعات، نحتاج إلى تثقيف الموظف العام "الخدمة المدنية" بأن تلك التشريعات وضعت لخدمة المواطن والمقيم على السواء، وأنه يجوز "للوزيرـ المدير" ومن في حكمهما أن يروض تلك المواد والقواعد القانونية لتسهيل مصالح العباد، ولا يجوز أن تكون حجر عثرة للحيلولة دون إنجاز مهام العباد تمسكا بحرفية الأنظمة إذا كانت لا تسبب أضرارا لأطراف أخرى بما في ذلك الدولة. يجب تثقيف الموظف "أعضاء الخدمة المدنية" بأهمية سرعة الإنجاز فيما أسند إليه من مهام، متبنيا مبدأ الصدق والأمانة والإخلاص وحب الوطن.(3) في مجال السياسة الخارجية، يؤكد سمو الأمير أن مجلس التعاون الخليجي البيت الخليجي الأول، وراح سموه يؤكد على تعزيز علاقات دولة قطر بالدول الشقيقة الأعضاء في منظمة مجلس التعاون الخليجي ووجه سموه الترحيب بأعضاء المجلس الأعلى في الدوحة لحضور قمتهم التي ستستضيفها الدولة خلال الشهر المقبل. أما الأزمات الكبرى التي تعتصر الوطن العربي فإنها كما قال: نتيجة لتعسف حكومات الشعب العربي في (العراق وسورية واليمن وغيرهم من الدول العربية الأخرى) المطالبة بالإصلاح والحرية والكرامة وحق المشاركة في رسم مستقبل تلك الشعوب. لقد جُرّت تلك الشعوب إلى مواجهات دامية تتحمل مسؤولياتها القوى التي ترفض الإصلاح السياسي والاجتماعي في تلك الدول.إن تلك المواجهات المسلحة بين النظم القائمة وتلك الشعوب، وطغيان وتجبر الحكام وعدم الاستجابة لإرادة الشعوب هي الحاضنة الفاعلة والجاذبة لكل الأنشطة الإرهابية المسلحة منها وغير المسلحة. في الشأن العراقي لقد مس سموه جوهر المسألة العراقية دون تفصيل وتلك مسؤولية الحاكم المسؤول الذي يتطلع لإصلاح ما أفسده البغاة الطغاة في عصر المالكي الملعون، لكن من واجب أهل القلم أن يضعوا النقاط على الحروف فنقول: إن المليشيات الطائفية والتي أذكر منها على سبيل المثال لا الحصر "مليشيات عصائب أهل الحق" والواقع أنها أهل الباطل، مليشيات كتائب الخرساني، مليشيات بدر، مليشيات الزركوشي، وغيرهم، هم العابثون بالعراق تحت سمع وبصر الدولة التي يحكمها "حزب الدعوة". في سوريا اختلطت الأمور فلم نعد نعرف من هو مع النظام ومن ضده، أضداد النظام يتقاتلون والنظام يزيد في قتالهم مستخدما كل أنواع الأسلحة، والتحالف الدولي يقاتل من يقاتل النظام السوري، وأصبحنا في حلقة مفرغة، النظام دمر المدن والمزارع والقرى ولم يبق ولم يذر إلا أتى عليه بالتدمير. يقول سمو الأمير في هذا السياق: ما معناه أن سياسة النظام هي التي أدت بسوريا إلى ما وصلت إليه، كما تمنى سموه لليمن الشقيق المحافظة على الوحدة والعمل الجاد من أجل الاستقرار وتحقيق السلم الاجتماعي وناشد جميع القوى السياسية اليمنية تجنيب الشعب اليمني مزيدا من الانقسام والمعاناة والعمل على تنفيذ مخرجات الحوار الوطني، كما تمنى سموه للشعب الليبي الشقيق أن يتجاوز محنته، ودعا مختلف الأطياف الليبية إلى التوافق ونبذ الخلافات ووقف إراقة الدماء وتكريس الشرعية بما يحقق للشعب الليبي تطلعاته في الأمن والكرامة والاستقرار.(4)لقد تناول سموه في بيانه السنوي إلى الشعب القطري، إلى جانب أمور أخرى، موضوع "الإرهاب"، وأكد أن القضاء على الإرهاب لا يمكن أن يكون بالقصف الجوي. ويرى الكاتب أن "كلمة إرهاب" فقدت معناها السياسي والأدبي واللغوي أيضا، إنها أصبحت تستخدم ضد كل من له رأي في نظام الحكم، أو نقد السلطات السياسية في ممارساتها العملية خاصة في مجال هدر وسوء إدارة المال العام، المعارض السياسي في عرف الكثير من الدول خاصة العربية يوصم بالإرهاب ومن ثم القضاء عليه بكل الوسائل. إسرائيل هل ممارساتها ضد الشعب الفلسطيني لا توصم بالإرهاب؟ الحكومة السورية والحكومة العرقية لا يوصفان بأنهما يمارسان الإرهاب ضد مواطنيهم؟ المليشيات الشيعية التي تحارب في سورية والعراق لا توصف بالإرهاب؟ يقول الأمير تميم بن حمد آل ثاني: إذا أردتم القضاء على الإرهاب والإرهابيين فلابد من القضاء على الأسباب المؤدية إلى ذلك ولا شيء غيره.آخر القول: اللهم فرج كرب أمتنا العربية والإسلامية ومنّ على قطر بالخير والاستقرار والسلام.