28 سبتمبر 2025
تسجيلأوضحُ رسالة فُهمت من تسارع الأحداث التي صاحبت تشكيل "الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية"، أن المجتمع الدولي اتخذ قراره أخيرا، كما يبدو، للتخلص من نظام الأسد، وأن التحضيرات الجدية لهذا الأمر قد بدأت فعليا، ويبقى أن يبرهن العالم على هذا العزم، من خلال إجراءات عملية لا بد منها، خلال الأيام والشهور القادمة. لقد ظلم الشعب السوري كثيرا بسبب التأخر والتلكؤ الكبيرين من المجتمع الدولي، وكان يجب عليه أن يتحرك قبل هذا بكثير، ولهذا السبب يتحمل مسؤولية أخلاقية، بسبب صمته وتغاضيه عن جرائم السفاح الأسد، خصوصا إذا أخذنا بعين الاعتبار ضخامة عدد الضحايا من المدنيين نتيجة قصف ومجازر النظام الدموي، وحجم النازحين واللاجئين الذين اضطروا لترك ديارهم، بسبب خوفهم على حياتهم، والتدمير الواسع للبنى التحتية للبلاد، على مدى عشرين شهرا. لقد كان العالم يتذرع بعدم توحد صفوف المعارضة، كأحد أسباب إحجامه عن دعم الحراك الثوري، وهو عذر أقبح من ذنب، ولكن مع ذلك فها هي الحجة قد زالت، من خلال توسيع قاعدة المجلس الوطني أولا، ثم موافقة المجلس عينه على مبادرة الشخصية المعارضة رياض سيف ثانيا، لذا فإن عليه أن يترجم تأييده لهذه الخطوة، من خلال دعم المعارضة فيما تحتاجه لإسقاط النظام ولعل أهم ذلك: ـ العمل فورا على المطالبة بالاعتراف العربي والدولي بالائتلاف ممثلا وحيدا وشرعيا للشعب السوري، لأنه ينبني على ذلك امتيازات تخدم الثورة وحراكها كإبرام عقود لشراء الأسلحة... حتى الآن اعترف بالائتلاف مجلس التعاون الخليجي، وهو ما يعني ضمناً الدول الخليجية، ويفترض أن تعترف الجامعة العربية بذلك أيضا، ولا يعرف إن كان هذا سيتم أم لا، خصوصا مع حالة من الجدل التي سادت اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير في القاهرة، وسط معارضة بعض الوزراء لأن يكون الائتلاف الجديد بديلا عن النظام السوري، بينما تبنت دول أخرى مطالب المعارضة السورية بالاعتراف بالائتلاف بديلا عن نظام الأسد، بما في ذلك جلوس ممثل الائتلاف في المقعد المخصص لسوريا بالجامعة العربية. لقد تلكأ العالم عن الاعتراف بالمجلس الوطني السوري طيلة الشهور الماضية، وتحدث رياض سيف عن وعود باعتراف دول غربية كثيرة فور توافق المعارضة السورية على مبادرته، لذا فإن الكرة في ملعب الولايات المتحدة والدول الغربية لكي يفوا بوعود الاعتراف الرسمي، ـ كما فعلت فرنسا ـ وأن لا يتوقف الأمر عند حدود التأييد العام الفضفاض، كما فعلت الجامعة العربية التي اعترفت بشرعية الائتلاف فقط (ممثلا شرعيا لتطلعات الشعب السوري). ـ تقديم الدعم المادي والسلاح المتطور، وكان رياض سيف قد تحدث في مؤتمر صحفي عن أن الكيان الجديد (الائتلاف) حصل على وعد بتزويد الجيش الحر بأسلحة متطورة في غضون أسابيع. ومعروف أن تمكين الثوار من الحصول على مثل هذه الأسلحة من شأنه أن يقلب المعادلة على الأرض تماما، خصوصا أن الأسد لم يعد يتمترس إلا وراء قصفه الجويّ، دون أن يكون لكتائبه الإجرامية قوة على الأرض. ـ محاولة الحشد الدولي ضد الأسد في مجلس الأمن الدولي وغيرها من المنظمات الدولية، لاتخاذ عقوبات نافذة بحقه، خصوصا ما كان منها تحت البند السابع. المجتمع الدولي على المحك هذه المرة. وإذا لم يساعد الشعب السوري، فعليه أن يتحمل نتائج التطورات التي تحصل على الأرض، بعد أن اتسع الرقع على الراقع، والأمور مفتوحة على كل الاحتمالات داخليا وإقليميا ودوليا، ولا ينبغي أن يحاسب العالم السوريين على مواقفهم بعد أن خذلهم ووقف موقف المتفرج تجاه ما يحدث في بلدهم. ومعروف أن للدول الكبرى ـ كلها أو بعضها ـ مواقف سابقة لم تنتظر فيها مجلس الأمن لاتخاذ العقوبات، ولم تستشر أو تنتظر، حتى تقدم العون بالسلاح. مرة أخرى إذا فشل العالم بانتزاع الاعتراف الدولي بالائتلاف السوري، أو حشد الدعم الدولي في مجلس الأمن وغيره، فلا أقل من أن يسمح بتزويد الثوار بالسلاح النوعي كصواريخ ستينغر وما شابهها، والتي يمكن أن تحيد السلاح الجوي للطاغية وتعطِّله، وهو أمر لا يحتاج منه إلى كثير. قالتها الثورة السورية منذ البداية لدول الجوار، وللعالم.. العلاقة ينبغي أن تكون مع الشعب السوري وليس مع نظام ساقط لا محالة، طالما أن الشعب قال كلمته، وهو مصمم بقوة وعزيمة راسخة على انتزاع حريته.. وعلى هؤلاء أن يحددوا موقفهم بكل وضوح، ولعلها تكون فرصتهم الأخيرة.. خصوصا بعد أن ملّ السوريون من كثرة الأقوال وندرة الأفعال.. وإلاّ فإن الثورة ماضية في بلوغ أهدافها طال الزمن أو قصر.